الحلقةالتاسعةوالاربعون الجزء1(يا شقيقي الوحيد)

515 16 0
                                    

تقترب الساعة من السابعة والنصف ووليد لم يظهر بعد! سأتأخر عن الجامعة... ألا يزال نائما حتى هذه الساعة؟؟ كان لا بد لي من الذهاب إلى غرفة المعشية – حيث ينام – وطرُقِ الباب... نحن لا نكلم بعضنا منذ أيام... في الواقع العلاقة بيننا شبه منقطعة منذ زمن... وبعد موضوع الفنان عارف هذا الأخير... لم نعد نتبادل غير التحية... لكن أنا أرضى من وليد بأي شيء... حتى لو قرر أن يتجاهلني تماما... سأقبل... أريد فقط أن يبقيني تحت جناحه... وأن يسمح لي بأن أراه ولو مرة واحدة كل يوم... واليوم سيأخذني إلى الطبيب حتى تنزع جبيرة رجلي أخيرا... وأستعيد كامل حركتي... أخيرا... طرقت الباب مرارا ولم يجبني. كان الوقت يداهمني لذلك لم أتردد كثيرا قبل فتح الباب... والمفاجأة كانت أنه لم يكن في الداخل! بحثت عنه في المطبخ والغرف المجاورة ولم أجده. شعرت بالقلق... ورجحت أن يكون في الطابق العلوي. لم تكن الخادمة قد استيقظت بعد... اتصلت بغرفته العلوية عبر الهاتف الداخلي وما من مجيب... ازداد قلقي... فاتصلت بهاتفه المحمول... وأخيرا تلقيت ردا: "نعم رغد" قالها بسرعة وكأنه على عجلة من أمره أو مشغول... سألته مستغربة: "أين أنت؟؟" فأجاب: "في الجوار... سأصل بعد قليل" ولكن! إلى أين ذهبت في هذا الصباح الباكر؟؟ وكيف غادرت وتركتني!؟؟ قلت: "حسنا" وأنهيت المكالمة وجلست أنتظره في المطبخ. جاء بعد قليل وكان يحمل معه كيسا يحوي أقراص الخبز وفطائر وأطعمة أخرى, فاستنتجت أنه كان في المخبز. قاد وليد السيارة بسرعة كبيرة نحو الجامعة, على غير العادة... وتلقى ثلاثة اتصالات هاتفيه أثناء الطريق... وكان ظاهرا من كلامه... أن هناك ما يقلقه... لم أجرؤ على سؤاله... فالتواصل بيننا مؤخرا كان مجمدا... ذهبت إلى جامعتي وقضيت نهاري بين زميلاتي بشكل اعتيادي... دون أن يخطر ببالي... أنه سيكون النهار الأخير... بعد انتهاء المحاضرات, جلسنا أنا ومرح عند المواقف ننتظر وصول سيارة وليد كالعادة... فهو من كان يوصلنا يوميا ذهابا وإيابا إلى ومن الجامعة. مرت بضع دقائق ولم تظهر السيارة... ووجدت مرح في الانتظار فرصة لتطرح علي السؤال التالي: "هل من جديد... عن موضوعنا؟؟" تعني موضوع عرض الزواج! آه يا مرح! وهل هذا وقته؟؟ لم أشأ أن أكون فظة... وأخبرها مباشرة بأن تنسى الموضوع نهائيا... خصوصا وأن هناك طلب رسمي من عائلتها مقدم رسميا إلى وليد... ولي أمري.. والذي يجب أن يتولى بنفسه الرد الرسمي على الطلب, لم أشأ أن أحرجها وأحرج نفسي لذا قلت متظاهرة بالمرح: "انتظروا رد أبي!" لكنني لم أتخلص منها إذ سألت من جديد: "ماذا عن رأيك أنت؟؟ هل توافقين على الفكرة مبدئيا؟؟" واحترت بم أجيب؟! ربما فسرت مرح حيرتي بأنها قبول وخجل... فها هي تبتسم بسرور! أظهرت الجد على ملامح وجهي وقلت: "مرح... هناك شيء لم أطلعك عليه من قبل" فاتسعت ابتسامتها وقالت بفضول مندفع ممزوج بالمزح: "ما هو؟؟ أخبريني!سرك في بئر!" آه! يبدو أنه من الصعب أن تأخذ مرح الأمور بجد حقيقي! قلت وأنا مستمرة في نبرة الجد: "لقد... كنت مخطوبة في السابق" اتسعت حدقتا مرح بشدة... وحملقت بي غير مصدقة, فقلت مؤكدة: "نعم... ولعدة سنوات!" قالت بعد ذلك وفمها مفغور: "أحقا!! لا أصدق! كيف!؟؟ متى؟؟ أين؟؟ من؟؟" انتظرت حتى تستفيق من أثر المفاجأة ثم قلت: "بلى صدقي" فقالت مباشرة: "متى رغد!؟" أجبت: "منذ سنين... كنت صغيرة...و... لقد انفصلت عنه... قبل شهور" لم تخف مرح دهشتها الشديدة... أستغرب من نفسي!! كيف أذكر هذا الموضوع وكأنه موقف عابر وانتهى... بينما كان في الواقع حدثا استمر لأربع سنين؟؟!! أربع سنين عشتها مخطوبة لسامر... وأنا لا أعرف ما هي حقيقة مشاعري نحوه... أصلا... لم أكن أعرف أن هناك أنواع من الشعور... لم أذق منها سوى طعما واحدا... إلى أن ظهر وليد في حياتي من جديد... وأذاقني أصنافا أخرى... سألت مرح: "من كان؟؟" فنظرت إليها نظرة قوية... ثم أبعدت بصري عنها وطأطأت رأسي... وبعد تردد قصير أجبت: "ابن عمي" حينها هتفت مرح بدهشة وهي ترفع يدها إلى فمها: "المليونير!!! وليد شاكر!!؟؟" التفت إليها بسرعة وقد لسعني تعليقها بقوة فأجبت بتوتر: "لا... لا..." ثم زممت شفتي وأضفت: "شقيقه الأصغر" فقالت مرح وقد بدا وكأنها آخذة في الاستيعاب: "هكذا... إذن!" ثم صمتت قليلا... وعادت تسأل: "و... لماذا انفصلتما؟؟" وعند هذا الحد كان يجب أن نتوقف... قلت وأنا أفتح حقيبتي وأستخرج هاتفي وأتظاهر بعدم الاكتراث: "لا نصيب" واتصلت مباشرة بوليد... أسأله عن سبب تأخره... وأدهشني وحيرني حين أجاب: "أنا آسف يا رغد. لا أستطيع الحضور الآن. مشغول جدا. عودي مع صديقتك"

انتَ لى حيث تعيش القصص. اكتشف الآن