part3/لَيّلَيَ

62 8 0
                                    

                         الفصل الثالث

- لما يُشفق المرءُ علي نفسهِ؟
عندما يختار اختيارًا كان واثقًا بنجاحهِ
الحقيقة هي أننا في لُعبة من الاختيارات المستمرة
سواء أردنا ذلك أم لا
علينا فقط الاختيار ، و الرابحُ في النهاية مجهول الهَوية.

                       
  (٩)
أجلسنا السيدة الحبليَّ لتستريح،كانت تتنفس الصَعداء. يبدو أنها عافرت لتصل لهذا المكان في الصحراء الفارغة من مسافةٍ كبيرة.
كان حجم بطنها البارز يدل علي أنها في الشهور الأخيرة من الحَمل.جلست بيننا وبدأت تروي قصتها لنا وأول ما بدأت به حديثها بعد أن شَربت كُل قارورة الماء"أُدعيّ ليليّ"
نظر بينير متعجباً من حال تلك المرأة
ولم يجرؤ أحد علي مقاطعتها حتي أكملت هي حديثها "أنا متزوجة من رجل يدعي عبد الله
انا و امرأة أخري ، المرأة الثانية كانت حبليّ أيضًا و أمس قد وضعت مولودها.. إنها فتاة"
سألتُ في عجبٍ من أمرها"أين المشكلة إذًا؟"
قاطع بورشوا سؤاليّ وكأنه يطلب مني الهدوء في حضرة تلك السيدة "المشكلة هي أن المولودة أنثي..قبائل قليلة هنا يقومون بقتل الرضيع لو كان أنثي"
تعجبت من تلك الإجابة أكثر من تعجبي لقصتها. أيقتلون الاطفال لكونهم إيناثاً؟
-لقد خطفتها ليلة أمس..خوفاً عليها وخوفا علي نفسي،ربما ما في أحشائي الآن أنثي!
ثم أنهت حديثها مع تلك الرجفة الواضحة في صوتها تطلب مساعدتنا ثم أغمضت عيناها ووضعت كفها علي أعلي بَطنها تهدأ حركات ذلك البَشري بداخلها.
وسرعان ما أسرعت بفتحهما مرة أخري وكأنها تذكرت أنها بين أكثر من عشرةِ رجالٍ لتتوتر من نظراتنا لها وتغير من موضع كفها علي بطنها وكأنها تخبرنا أنها تحمي ابن آدم الذي ينام داخل أحشائها.
-أين مكان الرضيعة؟
-لقد وضعتها في مكانٍ قريب من هنا.
نَهض بينير من مكانه وأشار ليّ "سأذهب مع فرانسيس وليلي لنحضر الرضيعة"
نهضتُ من مجلسيّ ورافقتهُ،وليلي تسير خلفنا ببطءٍ توجهُنا للطريق فتقول"رافق ذراعك الأيمن" إن أرادت منا السير يمينًا، و"رافق ذراعك الأيسر" إن أرادت منا السير يَسارًا،حتي قابلتنا صخرة كبيرة بجانب عِين ماءٍ،وهناك كانت الرَضيعة مَلفوفة في غطاء أصفَر باهت فحملتها ليليّ و سَارت خلفنا ببطء أكثر من السابقِ.
في طريق عودتنا كنت كثير النظر لها،بمرور خمسة دقائق أنظر للخلف لأتاكد من أن قدماها لاتزال تستطيع حملها،فأراها تُعافر في التقدم فأندهش من تلك المرأة المثابرة! وكان السؤال الذي يدور في رأسي منذ قدومها هو السبب في قتل الإناث!
حتي أجابنيّ بينير نفس الإجابة التي سمعها عند قدومة للمرة الأولي لمنطقةٍ منعزلة في بلدٍ مسلمةٍ و شهد واقعةٍ مثل واقعة ليليّ
-عادة قديمة. الإسلام قد محي كل هذا ولكن بعض القبائل مازالت بهذا الفكر العقيم...يظنون أنهم عارٌ كبير!
نظرتُ بجانبيّ لأجدها تسيرُ معنا ولا أعلم منذ متي وكيف وصلت لنا ونحن كنا نبعد عنها الكثير! ثم أردفت بحزمٍ بينما تحتضن المولودة بين ذراعها
"أسرعا قليلًا!"
و بمجرد وصولنا إلي القافلة وجدنا أن الشباب قد أخرجوا كل ما كان في العربة وقاموا بربطهِ فوق الإبل. دخلت ليلي والطفلة الرضيعة العربة وبدأنا في إكمال مسيرتنا انطلاقًا لمدينة المُلك مدينة بجانب قرية ليليّ التي هربت منها. وبعد ساعات أصبحنا علي حدود تلك المدينة.
دخلنا المدينة و تركنا القافلة فيها و دخلنا أبواب القرية علي أقدامنا و ليلي تسير بيننا تغطي وجهها بوشاحٍ أسود شفاف اللون،والنساء و الرجال من حولنا ينظرون لها ويتهامسون وكأنه كان من العار علي ليلي أن تهرب من دارها لأنها فقط تعرضت للتعنيف من زوجها!! عارٌ عليها أنها حاولت حماية ثلاثة أرواحٍ من دار الجحيم!! و ما إن وصلنا لدارٍ أشارت عليه ليلي طرق قَبيل الباب وفتح لنا رَجل يبدو في عقده الرابع ذا بنية جسدية قوية.
أردف علي يفتح باب الكلام بيننا قبل أن يسأل الرجل عن هويتنا ولما نحن في منزله "السلام عليكم"
ثم أردف مكملًا كلامه يخبره عن مقابلتنا بزوجتهِ و أنها الآن في حمايتنا. وإن تعرضت لأي نوع من التعذيب مرة أخري سنصعدُ الأمر إلي قاضي المدينة.
ثم سألتُه عند دخولنا لما في رأيه السبب في هروب ليلي
وأجبتهُ بنفسيّ بسؤالٍ ليعلم ما السبب في ذلك...رغم ادراكي التام بعلمه سبب هروب تلك الشابة المسكينة.
-لما تريد قتل الرضيعة؟
فصاح الرجل في غضب وكأنه يبرر سبب تلك الفعلة
- لأنها أنثي!! هذا ليس سببًا لهروبها فهي تعلم عاداتنا جيدًا!
-لولا أمك التي أرضعتك و حملتك في بطنها تسعة أشهر لما كنت رجلًا الآن!
سَكت عبدالله الذي كان يبدو وكأنه رجل متفهم
ثم أردفَ ينهي نقاشنا
-لن المس المولودة
-أتقسم؟
- اقسم بشرفِ لحيتيّ!
كنت أشعر بشعور سئ و لم يكن ذلك الرجل بذلك الصلاح الذي بدا علي وجهه بعد حديثنا معه وكأن هناك مأساة ستحدث قريبًا.
خرج قبيل وعاد بعد دقائق بليلي التي كانت مترددة في دخولها ذلك الدار مرة أخري ولكنها زلفت ما إن مرت بعتبة الباب بإسراعٍ إلي داخل الحجرة..وجلسنا نتحدث مع عبدالله
ثم ذكرهُ قبيل بقسمه لنخرج بعدها من منزلهِ.
"كان قلبي لا يشعر بخير أبداً "
هذا ما أخبرته لصديقي،الذي هدأ من خوفِ قلبي
"أعلم...لهذا اقترحت علي ميشيل أن نمكث في المدينة هذة الليلة"
-سأصلي لسلامتهم!

فتاة لوحة ميليسيا /painting of mellisia girl✓(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن