الفصلُ الأول : آيلا لوبيز .

2.1K 58 24
                                    

***************************************

"المافيا بدون آيلا لوبيز .. حديقة بلا سياج..."

***************************************

الحاضر ، ألمانيا ، 5:00 صباحاً .

صاحبة العيون القاسية التي لا تنام ،الشعر المظلم ، بملابسها الدامية ، ملامحها الفارغة ، كانت تجلس على الأرض تتكأ على حافة سريرها و تعيد رأسها للخلف تحدق بسقف غرفتها السوداء الباردة .

لم تكن هناك فكرة محددة تجول في عقلها ، الفراغ كان يلتهمها حرفياًً ، فراغٌ قاسي و جافي لا يتناسب بتاتاً مع جمالٍ ملائكي كخاصة هذه الفتاة الروسية الجامدة ..

عيونها التي سرقت لون البحر الفاتح بدرجاتٍ نادرة كانت مفتوحة بكسل تحدق بالسقف ، شعرها الطويل الفحمي كان يصل للأرضية الباردة ، عقلها كان فارغاً لدرجة مخيفة ..

في شقة باردة ، سوداء ، صامتة ، كئيبة ، مظلمة ، تجلسُ على الأرضية بهدوء تام ..

يُقال أن الوحدة أسوأ شعور ، أقتمهم و أبشعهم ، أن لا يكون هناك من لا يربتُ على كتفك في الحزن ، و لا من يفرح معك في أسعد لحظات حياتك ، من يُذكرك بأنك انسان موجود له مشاعر و إنجازات و أهداف ..

لكن بالنسبة لها ، هذا الشعور البشع كان أفضل من تواجدها مع أي شخص ، هذا الشعور السيئ القاتم كان أفضل لها من أن يربت على كتفها أحد ما ..

حتى أقرب شخصٍ لها ، كالانسان الذي أنجبها للحياة مثلاً ..

كانت مقتنعة تماماً أنها غرقت في عالم أسود ، أنه لا يوجد مخرج و لا عودة ، أن قدرها هو أن تكون وحيدة في شقة باردة للأبد ، هذا ما كان يُثقل كاهلها ربما .. رغم أنه كان اختيارها .

و ليست نادمة عليه . البتة .

هاتفها رنّ يُخرجها من شرودها ، مدتّ يدها للسرير تحمله لتنظر للمتصل ، بملامح باردة لا تمت للحياة بصلة ردت على الاتصال و هي تقول مباشرة :

" سأكون هناك بعد ساعة تماماً ديفيد ، التقرير جاهز و لقد أرسلته للونا قبل ساعتين ، لم آخذ الكثير من المعلومات لكنها كانت أفضل من لا شيء .. "

إن كانت هناك صفة ستعطي عنواناً لائقاً لنبرة صوتها فهي الهدوء ، صوتها كان هادئاً جداً و ثابتاً كأن رجلاً آلياً يتكلم .

" صباحُ الخيرِ لكِ أيضاً عزيزتي .. "

نبرته كانت ساخرة ، الكثير من الأصوات المزعجة صادرة مع صوته البعيد لتستنتج أنه يقوم بإعداد الفطور كالعادة و يضع مكبر الصوت .

لم تقل هي شيئاً و أخذت تنظر للنافذة الزجاجية أمامها ، الشمس تكاد تشرق و هذا يعني بداية يومٍ آخر ، يومٌ آخر ستضمُه لمجموعتها السوداء ..

 سَّـــفَــاْحــةُ المَـــاْفِـــيَاْ ©حيث تعيش القصص. اكتشف الآن