الفصل الرابع عشر - بداية نبض

96 7 0
                                    

ذهبت مع صديقي إلى المنزل، وتركت المدينة تحتفل بما حدث الليلة، كانت الشمس أشد توهجًا، ترسم خيوطا ذهبية خلابة على كل

 شرفة في المدينة، كأنها تحتفل معهم وتواسيهم، دلفنا إلى البيت من جديد، بدأ "شيحان" بتحضير الطعام، بينما أنا كنت أغرق

 وجهي في ذاك الوشاح وأعانقه، أهمس له برفق، كأنني أتحدث إليها وأقول:

- لا أعلم ماذا فعلتِ بي، لكنني أعلم حتمًا أن هذا قد تعلق بك.

كنت أشير إلى قلبي بواسطة سبابتي، حتى دخل "شيحان"، قاطعًا حديثي فجأة، وضع الطعام على الأرض، جلسنا نتناول الطعام معًا، بادر "شيحان" بالحديث وقال:

- لماذا فعلت ذلك ليلة البارحة؟ ألم أقل لك مهما حدث لا تخرج، وأن تنتظرني هنا! هل تريد جلب المشاكل إلينا؟، أتعلم ما سيحدث لنا لو علم حاكم إيلاف بالأمر؟

كنت أنظر إليه قبل أن أرد عليه فأحسست أنه ليس منزعجًا، لكن كان يريد معرفة السبب، حينئذ قررت أن أخبره وأنا مبتسمًا وأقول:

- أتعلم يا صديقي، إنني أشفق على المهضوم حقوقُهم، الذين خذلتهم الظروف وخذلهم الأشخاص قبل ذلك، الذين لا يهتم لأمرهم

 أحد، الذين وبالرغم من تقلبات الدهر التي تحيط بهم إلا أنهم مازالوا متسامحين مع الجميع، قلوبهم نقية، كأفئدة الطير لا يحملون

 غِلاً ولا يحقدون على أحد، الذين أصبحوا يفضلون العزلة على الزحام؛ ففي عزلتهم لا يُمكن لأي أحدٍ أن يؤذيهم، ولكن يُمكن

 للذكريات أن تؤلم قلوبهم، أصبحوا لا يتحملون أن تُجرح أفئدتهم مرةً أخرى أمام أطفالهم، فهم لم يتعافوا من القديمةِ بعدْ، وبرغم

 كل ما حدث لهم مازالوا يتعجبون كيف يمكن للذي يحكم أرضهم أن يؤذيهم هكذا بكل بساطة ويترك بداخل قلوبهم كل تلك الجراح

 بسهولة، كيف يمكن للحاكم أن ينام دون تأنيب ضمير إذا فعل شيء كهذا، كيف يرى العدل من منظوره؟، يرى أن يستهلك الضعيف

 من أجل أن يعيش الملك، وإن كانت تلك تضحية، فما المقابل؟، أبنائهم؟ أصبحوا عبيد مثل آباءهم وأمهاتهم، أصبح الظلم والفساد

 يعم في المكان، فلماذا كل هذا؟ أجبني إذًا يا "شيحان"، لماذا عليهم فعل ذلك دون مقابل؟؟؟

كانت عيناه على وشك البكاء، لم يتوقع أن يلقي الغريب خطابًا كهذا في وجهه، يجعل رجولته عرجاء أمامه، لأول مرة يشعر بها،

 لأول مرة يشعر أنه ضعيف! قرر أن يخبره بحقيقته المؤلمة، كان على وشك السماح لعينيه أن تبوح بسرها وتطلق أنينها كي يهدأ

 من ثورانه، ليتماسك أمامي؛ فهو لا يريد أن يراه أحد ضعيف، ثم قال بصوت متقاطع:

- أتريد معرفة السبب يا صديقي، أتريد أن تعلم سبب معاناتي والآلام التي يشعر بها الناس هنا؟ حسنا، لكن قبل أن أخبرك عليك أن

أرض إيلاف (مُكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن