الفصل الثاني عشر - أَرْضُ الأَحْلَام

94 8 0
                                    

(1)

كان النهار في غاية الروعة، السماء صافية بلون قرمزي، حجبتُ عينَيَّ بكلتا يداي عن ضوء الشمس الساطع، رفعت رأسي،

 أرسلت بصري إلى السماء، ثم خفضت نظري، فنظرت عن يميني ويساري، فرأيت ما أذهلني، كأنني في "شلالات إجوازو" في

 الأرجنتين المعروفة بأنها من عجائب الطبيعة المذهلة، ولعل اسمها هو أكبر دليل على هيبة هذا المكان الذي يعني "الماء الكثير"؛

 حيث تضم شلالات إجوازو حوالي عشرينَ شلالاً كبيرًا وأكثر من مائتين وخمسين شلالاً صغيرًا، يصل ارتفاع بعضها حتى اثنين

 وثمانين مترً، وتمتد عبر أكثر من 2.7 كيلومتر، وهي ضمن قائمة مواقع التراث العالمي المصنفة من طرف اليونيسكو.

كانت الأرض خضراء على مدِّ البصر، هناك أيضاً جبال بيضاء كالثلج، لكن لا كائنات، لا بشر، لا صوت، لا حركة، فقط وحدي حول

 تلك الأرض الخصبة الخضراء، التي تقع على الحافة فقط و تلك الشلالات العملاقة، لكن لا شيء آخر، وحدي في ذاك البستان

 الواسع، كأنني آدم الذي هبط للتو على الأرض ويبحث عن مأوى وسكن، تحسست رأسي، شعرت كأنه ارتطم بشيء ولا أدري ما

 هو، حتى تذكرت شيئا كان يجب أن أُخبِرَ نفسي به منذ أن التقيت عيني بنور الشمس؛ من أكون؟، وأين أنا الآن؟؟، وددت أن أصرخ

 حتى يسمعني أحدهم، فعلت ذلك مراراً وتكراراً، لكن لا جديد يذكر، قررت أن أسير وحدي، حتى أعلم مَن أنا؟، وأين أنا؟ كأنني في

 العدم، أكملت سيري وأنا أنظر إلى السماء التي تغير لونها إلى الأرجواني، بعد أن أنهكني السير تمنيت أن تنشق الأرض البلهاء

 وتبلعني، حتى بدأت السماء تمطر بغزارة، وبدأت تلك الشلالات، والأراضي الخصبة، وذاك الجبل الأبيض ازداد بريقاً وتوهجاً،

 الماء الطاهر يغسل كل شيء، كأنها استجابت لاستغاثتي، لكنني حتى الآن لم أعرف مَن أكون؟، شعرت بأنني مكبل باليأس

 والإحباط، حتى صادفني صوت صهيل خيول من بعيد، زمرة من الخيول كانت تركض تجاهي في تناسق وإبداع، كانت أصوات

 حوافرهم تعطي تناغما مع صوت كرير صدورهم وضربات قلوبهم المتتالية، حينذاك خف المطر شيئا فشيئا، كأنه يرحب باستقبالهم

 فهدأ من أنغامه المطرية؛ ليدع صوت كرير صدورهم وخطوات حوافرهم المقتربة تضخ لحن الخوف في قلبي بإيقاع، حينما اقتربوا

 كان عددهم أكثر من خمسة عشر من الخيول الأصيلة، جميع ألوانهم سوداء، يوجد علامات وسموا بها على هيئة جماجم في

أرض إيلاف (مُكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن