سر خطير

191 12 16
                                    

مع الزمن يتحول الألم لحزن ويتحول الحزن لصمت ويتحول الصمت إلى وحدة ضخمة شاسعة كالمحيطات المظلمة

مياه الأمطار و أصوات الرعد تسللت إلى الداخل ببطئ مخيف....في منتصف غرفة الحمام  ،  كان هناك جسد فتاة هزيل مرمي على الأرضية الرخامية  ،  ثوبها الأبيض الحريري مدنس ببقع حمراء  و الجروح تغلف كل إنش من بشرتها البيضاء 

رفعت عينيها قليلا تراقب بقعة الدم الحمراء التي تزين الأرضية  ،  حقيقة أن دمها يزين الأرض و ثوبها جعلتها تخرج قهقهات هزيلة من ثغرها

أصوات الرعد و ضربات البرق الهائجة أعادت لها ذكريات تلك الليلة التي أخذت روحها...حياتها و أملها الأخير  ،  إبتسمت بألم و هي تغمض عينيها قليلا عائدة إلى تلك الليلة

كانت مجرد رضيعة جاءت بها أمها لقصر عائلة غوستاف لتقيم عندهم كخادمة بعدما رفض والد رضيعتها الإعتراف بها و إعطائها إسمه  ،  حينما جاءت بها لم تكن قد منحتها إسما حتى قابلها صبي بعمر الخامسة عشر يدعى هيكتور و قرر أن يطلق إسم بيرلا على تلك الرضيعة

حقيقة أن الإسم الذي عاشت به كان ملكه جعلتها تشعر بالغثيان ، و هكذا إستمرت حياتها في ذلك القصر إبنة الخادمة التي يلاحقها إبن السيد في كل مكان و يأخذ عنها قراراتها  ،  كم كرهت أن يتم سلب حريتها منها  ،  كم كرهت أن تعيش بذلك القصر الملئ بالنفاق  ،  علنا هم من أعرق العائلات و أفخمهم أما سرا فقد كانوا مجرد وحوش يقترفون كل الآثام

في يوم ما...ظنت بيرلا أنها تخلصت من هيكتور المتسلط بعد أن تم نفيه في مهمة ما  ،  حينها إكتشفت الحياة و جربت شعور أن تأخذ قرارك بنفسك  ،  كل هاته المشاعر جربتها مع هوود الذي كان أحد الحرس 

  لقد أحبته بصدق و أحبها بجنون إلى درجة أنه طلب منها الهروب معه ليتزوجا بعيدا بعد أن عاد هيكتور من تلك المهمة

كانت خائفة إلا أنها إتخذت قرارها موجهة مصيرها نحو المجهول  ،  كان ذلك بمساعدة نينا زوجة القيصر  ،  قدمت منذ سنة للقصر بعد زواجها من القيصر إلا أن بيرلا وثقت بها و أخبرتها بخطتها التي دعمتها نينا ففي نهاية المطاف نينا لطيفة صحيح و إخبارها بسر كهذا لن يضر بشئ

كانت بغرفة الفندق تنتظر هوود بفستان الزفاف بعد أن طلب منها إنتظاره إلى أن يأتي بالشهود لكي يتزوجا  ،  فجأة سمعت إنفتاح باب الغرفة و خطوات تطرق على الأرض  ،  إبتسمت بهدوء لا تصدق أن حلمها سيتحقق 

الظلام كان يملأ الغرفة لهذا لم ترى من دخل إلا أن رائحة قوية تسللت لأنفها جعلت شهقة صغيرة تهرب منها

كانت تميز رائحته من بين ألف رجل...رائحة موتها  ،  إتجهت بثقل تضغط على زر الإضاءة لترى موتها قابع على كرسي ببذلته السوداء و الدماء تملأ وجهه  ،  لم تكن بحاجة لسؤاله عن مصدر الدماء  ،  علمت أنه قتل هوود بطريقة بشعة  ،  كانت ستسقط أرضا إلا أنه أشار لها بيده للجلوس على فخذه

" سأجعلك زوجتي و سأكون موتك "

همس لها بفحيح عند أذنها بعدما جلست بحضنه  ،  و لم يكن مخطئا فمنذ تلك الليلة العاصفة جعلها زوجة له و كان موتها البطئ

تتذكر كمية سذاجتها حينها  ،  كانت تعلم أنه وصل لها بعد أن قام أحدهم بإفشاء سرها و سرها لم يكن سوى عند نينا  ،  ظنت أنه أجبرها على إخباره لكن عند وصولها للقصر في تلك الليلة و رؤيتها لوجه نينا المبتسم أدركت أنها وشت بها

" تبا لكي أيتها الصفراء السامة "

همست بهذا بينما تنهض و أخيرا غاسلة وجهها لتخرج من الحمام إلا أن تعابير الغرابة إرتسمت على وجهها و هي ترى نيكيتا إبنة عم زوجها بغرفتها تجلس على سريرها  ،  كانت ترتجف بجنون و عيناها في حالة هلع

تقدمت بيرلا نحوها جالسة بجانبها  ،  نيكيتا دائما ما كانت تلك الفتاة التي تمشي و تلتصق بالحائط كظلها  ،  لم تكن تتحدث كثيرا و لم تجادل  ،  تنفذ كل ما يطلب منها بفم ساكت

" لقد...سمعت سرا خطير "

نبست نيكيتا بهلع بعد صمت دام لربع ساعة  ،  نظرت لها بيرلا بشفقة  فمن إرتجافها و هلعها سوف تعلم أن ما سمعته هذه الفتاة لا يسر أبدا

"هو... هو.... هو....."

همست نيكيتا بتقطع  و يدان ترتجفان  ،  لم تكن بيرلا تنوي معرفة هذا السر لكن رؤيتها لحالة نيكيتا جعلتها تقوم بتشجيعها من أجل قول السر إلا أن نيكيتا وقفت فجأة بريبة تنظر للعدم  ،  بقيت على تلك الحالة لدقائق لتنسحب كعادتها بصمت ملتصقة بظلها

رمت بيرلا بجسدها على السرير متنهدة بأسى  ،  يبدو أن هذا القصر دمر الجميع بطريقة ما  

إلتفتت إلى جهة اليمين ترمق السكين الموضوع فوق الطاولة للحظات إلا أنها أزاحت عيناها عنه
لقد حاولت الإنتحار العديد من المرات و كلها باءت بالفشل و كم كانت تكره حينما تستيقظ من الموت و يهمس لها وحشها هيكتور بأن حتى الموت رفضها و هو فقط من سيتقبلها بهذا العالم  ،  كرهت ساديته و جنونه و كيف يريد أن يحولها لمسخ مثله





حل الصباح بالفعل بعد تلك اليلة العاصفة  ،  و بدأ الخدم يتنقلون من مكان لآخر من أجل القيام بمهامهم  ،  كان روتينا مملا بالنسبة لهم لكن فور دخولهم لبهو القصر دوى صراخ من قبلهم في أرجاء القصر

الكل خرج مفزوعا من غرفته إثر ذلك الصراخ و فور رؤيتهم لسبب الصراخ بعضهم تهاوى أرضا و بعضهم صرخ مفزوعا و البعض الآخر بقي جامدا

" إنها ميتة "

صرخت أحد الخادمات بهلع و هي تؤشر بإصبعها للأعلى



















جرائم الحب المحرمة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن