لُطف الله بأهل الكهف

474 14 3
                                    

(وَرَبَطْنَا عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ إِذْ قَامُواْ فَقَالُواْ رَبُّنَا رَبُّ السَّمَـٰوَتِ وَالأَرْضِ لَن نَّدْعُوَاْ مِن دُونِهِ إِلَـٰهًا لَّقَدْ قُلْنَآ إِذًا شَطَطًا)
[الكهف: ١٤]

فلطفَ الله لهم فصبرهم وجعل فلوبهم مطمئنة في تلك الحالة المزعجة ، فهذا من تمام لطف الله بهم أن وفقهم للإيمان وصبرهم وطأمن قلوبهم

لُطف ﷲ بنبيه داود عليه السلام

(وَ ظَنَّ دَاوُدُ أَنَّمَا فَتَنَّـٰهُ فاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ * فَغَفَرْنَا لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنَا لَزُلْفَىٰ وَحُسْنَ مَئَابٍ)
[ص: ٢٤ـ ٢٥]

قال العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله:

((وهذا الذنب الذي صدر من داود عليه السلام، لم يذكره الله لعدم الحاجة إلى ذكره، فالتعرض له من باب التكلف، وإنما الفائدة ما قصّه الله علينا من لُطفه به، وتوبته وإنابته، وأنه ارتفع محله فكان بعد التوبة أحسن منه قبلها)) ١.

__________________
١ تيسير كريم الرحمن ـ ص ٧١١

لُطف ﷲ بيونس عليه السلام

لما خرج يونس عليه السلام من نينوى، ظنَّ أن ﷲ سبحانه وتعالى لن يؤاخذه بهذا الخروج؛ لأنه قدَّم كلّ ما عليه في سبيل الدعوة لقومه، ولكن لم يستجيب أحد، فأقبل على قومٍ وركب معهم سغينتهم، فلمّا وصلت بهم جميعًا إلى عُرض البحر، تمايلت السفينة واضطربت، فلم يجدوا سبيلًا للخلاص إلا أن يلقوا بأحدهم في البحر، فخرج سهم يونس عليه السلام، فلمّا التمسوا فيه الخير والصلاح، لم يحبّذوا أن يُلقي بنفسه في البحر، فأعادوا القرعة ثلاث مرّات، وكان في كل مرة يخرج سهم يونس عليه السلام، فلم يجد يونس عليه السلام إلا أن يلقي نفسه في البحر، وظنّ أن ﷲ سبحانه وتعالى سيُنجيه من الغرق، وبالفعل فقد اقبل اليه حوت أرسله ﷲ سبحانه وتعالى فالتقمه.

عندما نتأمل القصه نجد أن هناك جانبًا خفيًا من لطف ﷲ بيونس.. وهو أن أرسل الحوت ليلتقمه وينجيه؛ فلم تكسر له يد ولا رجل، ولم يصبه مكروه.

بقي يونس عليه السلام في بطن الحوت ثلاثة أيام، سمع فيها أصواتًا غريبة، فأوحى إليه أنها أصوات تسبيح مخلوقات البحر.

ثم يقول ﷲ تعالى:
﴿وَأَنبَتنا عَلَيهِ شَجَرَةً مِن يَقطينٍ﴾ [الصافات: ١٤٦]

تظله بظلها الظليل، لأنها بادرة وباردة الظلال، ولا يسقط عليها ذباب، وهذا من لطف ﷲ به.

ثم لطف به لطفًا آخر، وهو أنه أرسله إلى مئة ألف من الناس.. أو أكثر من ذلك.

(وَأَرْسَلْنَـٰهُ إِلَـٰى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ) [الصافات: ١٤٧]

فدعاهم إلى ﷲ تعالى.. فآمنوا.. فصاروا في موازين حسناته لأنه هو الداعي لهم.
(فَـئـَامَنُوا فَمَتَّعْنـٰهُمْ إلَىٰ حِينٍ)[ الصافات: ١٤٨]

فصرف ﷲ عنهم العذاب بعد أن انعقدت جميع أسبابه.

يقول ﷲ تعالى:

فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ ءَامَنَتْ فَنَفَعَهَآ إِيمَٰنُهَآ إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ ءَامَنُوا۟ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَمَتَّعْنَٰهُمْ إِلَىٰ حِينٍ)
[يونس: ٩٨]

استشعر لطف الله في قصة يونس، واستشعر أيضًا أن الصبر هو طريق تحقيق الغايات، فإذا كان على الفرد أن يصبر ويحتسب فمن باب أولى أن يصبر ويحتسب من يدعو إلى الله.

لُطف الله بالوالدين

(وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ) [الأحقاف: ١٥]

يقول العلامة عبد الرحمن السعدي رحمه الله:
(هذا من لطفه تعالى بعباده وشكره للوالدين أن وصّى الأولاد وعهد إليهم أن يحسنوا إلى والديهم بالقول اللطيف والكلام اللين وبذل المال والنفقة وغير ذلك من وجوه الإحسان) ١

___________________
١((تيسر كريم الرحمن))



إن ربـي لـطـيـفحيث تعيش القصص. اكتشف الآن