هذا السورة لها مكانة خاصة في قلبي، أستشعر فيها لطف الله برسوله محمد ﷺ، بعد أن حزن الرسول ﷺ بسبب قول المشككين إن الله قد ترك نبيه وأبغضه بعد أن انقطع عنه الوحي، فنزلت هذه السورة.
يشدني فيها قسم الله بالضحى، وبظلمة الليل، وأن الله لطف بحال رسولنا ﷺ ورحمه وهداه وأغناه.
فسورة الضحى مكية، نزلت على رسول الله ﷺ تكذيبًا من الله لقريش في قولهم لرسول الله لما أبطأ عليه الوحي: قد ودّع محمدًا ربه وقلاه.
وفي الصحيحين أن النبي ﷺ، اشْتَكَى (مرض) فَلَمْ يَقُمْ لَيْلَةً،أو لَيْلَتَيْنِ ـ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ (من المشركين)، فقالت: يَا مُحَمَّدُ مَا أرَى شَيْطَانَكَ إِلَّا قَدْ تَرَكَكَ، فَأَنْزَلَ اللهﷻ:
{وَالضُّحَىٰ*وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَىٰ*مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ*}
[الضحى: ١ ـ ٣]يخاطب الله نبيه محمد ﷺ بآيات عظيمة جدًا ـ بعد أن أقسم قسمين ـ فيقول:
{مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ} [الضحى: ٣]
وهذا جواب القسمين، ومعناه: ما تركك ـ يا محمد ـ ربك وما أبغضك بإبطاء الوحي عنك.
{وَلَلْأَخِرَةُ خَيْرٌ لَّكَ مِنَ ٱلْأُولَىٰ}[الضحى: ٤]
أي أن الدار الآخره خير لك من دار الدنيا، فلا تحزن على ما فاتك منها، فإن الذي لك عند الله خير لك منها.
{وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَىٰ}[الضحى: ٥]
ولسوف يعطيك ربك ـ يا محمد ـ من أنواع الإنعام في الآخره، فترضى بذلك.
{أَلَمْ يَجِدْكَ يَتِيمًا فَـَٔاوَىٰ}[الضحى: ٦]
يقول الله مذكرًا نعمه على نبيه: ألم يجدك يا محمد ربك يتيمًا فآوى، يقول: فجعل لك مأوى تأوي إليه، ومنزلا تنزله.
{وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَىٰ}[الضحى: ٧]
ووجدك لا تدري ما الكتب ولا الإيمان، فعلمك ما لم تكن تعلم، ووفقك لأحسن الأعمال.
{وَوَجَدَكَ عَائِلًا فَأَغْنَىٰ}[الضحى: ٨]:
ووجدك فقيرًا فأغناك.
{فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ}[الضحى: ٩]
يوصي الله نبيه بأن لا يظلم اليتيم، ويذهب بحقه، استضعافًا له.
{وَأَمَّا السَّائِلَ فَلَا تَنْهَرْ}[الضحى: ١٠]
وأما من سألك حاجةً فلا تنهره، ولكن أطعمه واقض له حاجته.
{وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ}[الضحى: ١١]
كان المسلمون يرون أن من شُكْرِ النعم أن يحدّثَ بها.
حينما أقرأها ـ سورة الضحى ـ أشعر أن آياتها هي خطاب لنا جميعًا كما هي خطاب لنبينا محمد ﷺ، حينما أتمعن بلطف الله وكيف أنه يُحسن العاقبة دومًا بعد أن يختبر عبده فيجده صابرًا محتسبًا راضيًا.
سيخرجنا من حالنا إلى حالٍ أفضل بعد أن يمحّصنا ليختبرنا ويكفر عنّا سيئاتنا. سيعطيك ربك حتى ترضى، وعطاء الله ليس له حد وإذا أعطاك أدهشك، فما بالك بأنه يطمئنك بأنه سيعطيك حتى ترضى؟!
يقول أحدهم:
"وكأن سورة الضحى رحمة بقلبي.. وكأن سورة الضحى تُحدثني وتتحدث معي، أقرؤها وأشعر فيها لطف الله يغمرني من كل جانب وأنها تجلب إليّ يقين الكون كله لتضعه بين يديّ.. وأنني كُلما أُردد ما ودعك ربك وما قلى يهدأ قلبي ويطمئن"
ويقول آخر:
"سورة الضحى من أعظم سبل طمأنينة القلب، أقولها بكل يقين".ويقول:
" من أعظم سبل طمأنينة القلب قراءة سورة الضحى فهي من أعظم السور في القرآن الكريم تحثك على أن تكون إيجابيًّا وأن تثق باللهﷻ".
{وَالضُّحَىٰ} [الضحى: ١]
لا يقسمُ الله إلا بشيء عظيم فعليكم بصلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين.
{إِنَّ رَبِّى لَطِيفٌ لِّمَا يَشَآءُ} [يوسف: ١٠٠]
يقول ابن سعدي:
"يوصل برّه وإحسانه إلى العبد من حيث لا يشعر ويوصله إلى المنازل الرفيعة من أمورٍ يكرهها"قال ابن القيم ـ رحمه اللّٰه ـ في نونيته:
وهو اللطيف بعبده ولـعبده
واللطف في أوصافه نوعانِ
إدراك أسرار الأمور بخُبره
واللطف عند مواقع الإحسانِ
فيـُريك عزته وبُبدي لـطفه
والـعبد في الغفلات عن ذا الشانِالـرحـمـة والـلـطـف
فاللُّطف هو من رحمة الله، ولكنه نوع مختلف من الرحمة، فاللُّطف يأتي للعبد من غير أن يشعر به أو بأسبابه.
فإن يسر الله للعبد وسهل له طريق الخير، وأعانه عليه، فقد لطف به.
"تعامل بلطف مهما كلفك الأمر... فأنت لا تعلم ما تخفيه صدور العالمين، ولا تعلم كم خاضوا من حروب باردة.. وكم فقدوا من عزيز عليهم، ترفق بقلوبٍ لا تراها وبأرواح تُكسر ولا تصدر صوتًا، لا تدري لعل ابتسامتك وحدها تشجعه على شيء أنت لا تُدركه، مثلما أنت تستحق السلام هم يستحقون مثلك أيضًا، حاشا لله أن أقول ادفع فوق طاقتك ولكن أعطِ ما استطعت إليه سبيلا، ولا تدري لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرًا أنت بحاجته"
إن ربي لطيف، إن ربي لطيف.
أنت تقرأ
إن ربـي لـطـيـف
Spiritualeلـطـف الله يحيطنا دائماً دون أن ندرك فحتى لحظتك هذه ... لـم يخطئك فيها لطف الله