قصة يوسف فيها الكثير من العبر والفوائد.. ولا نكاد نفسر آية من السورة إلا ونجد فيها كمًا كبيرًا من المعلومات.
شخصيًا استوقفني موقف لسيدنا يوسف في نهاية القصة وهو عفوه عن إخوته.. عندما قال لهم:
( لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ) [يوسف: ٩٢]وعندما اجتمع مع أبويه وإخوته قال:
(وَقَدْ أَحْسَنَ بِىٓ إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ ٱلسِّجْنِ) [يوسف: ١٠٠]من الذي أدخله السجن؟ عزيز مصر
من الذي ألقاه في البئر؟ إخوتهلذلك لم يذكر حاله في البئر.. لم يقل وقد أحسن بي إذ أخرجني من البئر.. لأنه قرر أن يعفو عن إخوته.
قرر العفو عن إخوته، وألا يذكّرهم بالذنب.
وهذا من مروءة يوسف عليه السلام أنه يحافظ على مشاعر مَن حوله، رغم أنهم لم يحافظوا على مشاعره وتآمروا على قتله ثم قرورا أنريلقوه في الجُب.
ثم في المقابل تجد يوسف بالعفو تمام العفو:
(قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ ۖ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ ۖ) [يوسف: ٩٢](وَقَدْ أَحْسَنَ بِىٓ إِذْ أَخْرَجَنِى مِنَ ٱلسِّجْنِ) [يوسف: ١٠٠]
رغم أنه قادر على أن يوقع بهم العقوبة فهو اليوم عزيز مصر!
( فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى ٱللَّهِ)[الشورى: ٤٠]ما أجمل العفو عند المقدرة!
إن ربـي لـطـيـف
فمن معاني اسم الله اللطيف الذي كان واضحًا في سورة يوسف أن لُطف الله الخفي ينُجي عبده بأخفي الأمور!
مَن كان يظن أن قميصًا ممزقًا سينجي يوسف عليه السلام من تهمة كبيرة؟
وأن انحراف مسار قافلة في الطريق سيكون السبب في خروج يوسف عليه السلام من البئر؟
وأن رؤيا منامية يراها الملك ستكون السبب في خروج يوسف عليه السلام من السجن؟
فثق بالله وتيقن.. إن ربي لطيف.
"إن ربي لطيف"
اللـطف في المصـيبة
كنت أتحدث مع أحد الأصدقاء عن أغرب المواقف التي تعرضنا لها في حياتنا فأخبرني أنه في سن الخامسة من عمره كان راكبًا في سيارة مسرعة فإذا به يفتح بابها بالخطأ ويسقط منها على الأرض. العجيب في الأمر أنه لم يُصيبه مكروه.
ويخبرني آخر أنه أتم حفظ القرآن الكريم، وكان هناك اختبار مفاجئ وكان متخوفًا منه لأنه انشغل في وفاة أحد أقاربه.. فذهب للاختبار.. وبعد إعلان درجات الاختبار تفاجأ أنه من أعلى الدرجات.
والكثير من القصص التي نتفاجأ بها ونكاد لا نصدقها.. ولكن الرابط بينها كلها أن لُطف ربي ليس شرطًا أن يمنع المصيبة بل قد يكون في المصيبة ذاتها.
فلولا لُطف الله في القصة الأولى لما كان هذا الشخص حيّا يُرزق الآن ويخبرني بهذه القصة.
فليس شرطًا أن يكون لُطف الله في أن يمنع المصيبة، فاللُطف نوعان:
ـ لطف ظاهر: وهو ألا تقع المصيبة بالعبد.
ـ لطف خفي: أن تقع المصيبة ويكون معها الرضا.
كل ما في الأمر أن تُسلم أمرك لله وتعلم أن ربي لا يفعل شيئًا إلا لحكمه وأن المُصيبة لا تقع إلا ولُطف الاه قد وقع قبلها.
قال حذيفة بن اليمان ـ رضي الله عنه ـ أن الله لم يخلق شيئًا إلا صغيرًا ثم يكبر، إلا المصيبة، فإنه خلقها كبيرة ثم تصغر. وهذا من نعم الله علينا وتمام لُطفه عز وجل
(أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً ۗ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) [الحج: ٦٣]
لطيف بعباده حيث أنزل لهم المطر، وأنبت لهم الأرض، خبير بمصالحهم، لا يخفى عليه شيء منها.
أنت تقرأ
إن ربـي لـطـيـف
Spiritualلـطـف الله يحيطنا دائماً دون أن ندرك فحتى لحظتك هذه ... لـم يخطئك فيها لطف الله