الفصل الثالث : هدهدةُ فؤادٍ

565 77 82
                                    

استيقظتُ صباحًا على زقزقة الطيور بعد أن تسلّلت أشعة الشمس لغرفتي، نهضت من على سريري ثم غسلتُ وجهي، وما إن تذكّرتُ ما حدث اللّيلة الفائتة حتى تعكّر مزاجي واجتاح صدري الضيق والغضب. نزلت للصالة حيث كان المكان هادئًا على غير العادة، تعجّبتُ قليلًا ولكن زال تعجُّبي فور تذكّري أنّ اليوم هو يومُ الأحد، ففي كلّ أحد يذهب والدي للكنيسة ليأخذ دروس الآحاد وبعد ذلك يذهبُ لعمله، لطالما أخذني والدي لهناك وألحّ عليّ بالذهاب معه ولكن، لم لا يفهمُ والدي؟! لم لا يفهم أنّي لا اشعرُ بالراحة هناك كما يقول؟ ولا يُشكّل لديّ فارقًا إذا ذهبت لهناك أو لا.

إذًا سأكون وحدي لفترةٍ طويلةٍ اليوم؛ إذ أنّ عملي لا يبتدئ سوى عصرًا.

توجّهتُ للمطبخ حيث وجدت طعام الإفطار الذي أعدّه والدي مُغطّى على طاولة الطعام. جلستُ أتناول فطوري بهدوء ولا يسود المكان سوى الصمت المُطبق. لم يقطع ذاك الصمت سوى رنينُ هاتفي، تعجّبت ممّن قد يتّصل في مثل هذا الوقت؟!

حملتُ هاتفي من على الطاولة وفور أن رأيتُ اسم المُتصّل الذي تُضيء به شاشة هاتفي حتى أفرجت شفتاي عن ابتسامة خفيفة بغير إرادتي واعترتني سعادةٌ طفيفة.

« صباح الخير براء! كيف حالك؟ » لم أنتظر حتى أن يبتدر بالكلام فقد سبقته من فرط سعادتي.

« صباح النور مينا، أنا بخير ولله الفضل، كيف هي أحوالك؟ » جاءني ردُّه بصوته الهادئ المُتّزن.

« دمتَ كذلك، أنا بخير » أجبته باختصار

« أدامك الله بخير، لقد اتّصلتُ عليك لأُخبرك أنّك قد نسيت محفظتك في المقهى، كنتُ سأتصل عليك البارحة ولكنّ الوقت كان قد تأخّر، هي معي الآن، إن كنت مُتفرّغًا يمكنك مقابلتي عند ذات المقهى حتى أُعطيها لك »

أجبته بتعجّبٍ :« حقًّا؟! لم ألحظ ذلك صدقًا! أشكرك براء، سأُتعبك معي »

« لا بتاتًا، ليس لديّ عملٌ الآن، حسنًا إذًا أراك هناك مينا »

« خمسُ دقائقٍ وأكون حاضرًا عندك. »

أغلقتُ الخطّ مذهولًا ، لقد نسيت محفظتي في المقهى! ربما سقطت منّي سهوًا، لحسن حظّي أنّ براء عثر عليها.

غيّرتُ ثيابي ثم خرجتُ متوجّهًا لذاك المقهى، لم يكن بعيدًا عن منزلي، لذا ذهبتُ سيرًا على الأقدام وعندما وصلتُ وجدتُه واقفًا ينتظرُني أمام المقهى، هرولت سريعًا نحوه وصافحته، حينها أعطاني محفظتي وأخبرني أنُّه وجدها على مقعدي، يبدو أنّها سقطت منّي دون أن أنتبه.

« أشكرك جدًّا براء، لا أعلم ما كان سيحدث إذا لم تعثر عليها، فهي تحوي بطاقتي الشخصية والبنكيّة، حقًّا أشكرك براء، لا اعلم كيف أردّ أفضالك عليّ. » خاطبتُه وقد اتسع شدقاي كاشفًا عن ابتسامةٍ صادقة.

حين التقيتُكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن