الفصل الثلاون والأخير : إليك براء...

442 35 89
                                    


قبل القراءة لا تنسوا الدعاء لإخواننا في غـ8ـة الحبيبة ♡

━━━━━━ ◦ ❖ ◦ ━━━━━━

━━━━━━ ◦ ❖ ◦ ━━━━━━

إلى شقيق فؤادي براء....

كيف أنت يا صاحب مهجتي؟

مرّت سنونٌ منذ التقت أرواحنا آخر مرّةٍ...ألا تزال تذكر العهد يا صاحبي؟! لا جرمَ أنّك تذكرُه...فأنّى لشخصٍ مثلك أن ينسى عهد أصحابه؟!

أمّا عنّي فأنا لا أذكر العهد فقط، بل أعملُ به وأسير عليه كلّ يومٍ حتى الآن، اطمأنّ يا صاحبي لن ينمحِ عهدنا من فؤادي ما بقيتُ حيًّا...

تغيّر فيّ الكثير منذ ذلك الحين، تلاشى الزمهريرُ الذي كان يضمُّ فؤادي ويجوب في أعماقي، دثّر كياني دفءُ الإيمان وأُنسُ اليقين. لكنْ أوتدري يا برائي؟! لا أخفيك سرًّا...لازالت هناك نقطةٌ في سويداء قلبي لم يغادرها الصّبا منذ أن افترق سراجها عنها ذاك اليوم قبل سنين...

لازلتُ أحنُّ لتلك الأيام التي كانت تجمعنا سويّةً بينما تملأ ضحكاتنا وأحاديثنا فضاء السماء حتى تداعب النجوم في مداها.

لكنّي لازلتُ أعمل بوصاياكَ لي يا رفيقي، بات ملجأي الوحيد هو باب ربّي الذي ما أُغلق في وجهي يومًا، غدا الصبر رفيقًا لي وحَسُنَ مرتفقًا، تلاشى الضياع الذي كان يتملّك أعماقي وما عاد فكرٌ يؤرّقني، ما عادت الهواجس والوساوس المشتّتة تطرق عقلي. بتُّ أعرف جيّدًا لمَ خُلقنا، وما غايتنا في هذه الحياة، وأي دربٍ نسلك في هذه المتاهات المضلّلةِ، وإلى من نلتجأ حين يضيق بأرواحنا الكون الفسيح بوسعه ورحابته.

برفقتك يا براء فقهتُ لحقيقة الفراق، ووعيتُ أنّ كلُّنا زائلٌ، هذه الحياة فانيةٌ بكلّ ما فيها، ربما يغرّنا الأمل؟ ربما نغترُّ بكثرة أيامنا وليالينا في الفانية؟ ربما نُعجب بما تُزيّنه لنا هذه الدنيا؟ ربما نغفلُ عن هدفنا ها هنا من الأصل؟ ربما نركن لها ولملذّاتها الراحلة كما حالنا؟

لكن دربنا في هذه الحياة له نهاية، وكلُّ واحدٍ فينا لابدّ له من يومٍ يلاقي فيه ربّه، سيترك كلّ ما تعلّق به، مالٌ، رفاق، سعادة، طعام، شراب، ملبس، شهواتٌ، ملذّاتٌ، كلّ ذاك لن يجاوره في لحده الذي سيضمّ جسده يومًا ما.

في تلك اللّحظة لن ينفعَه سوى ما قدّمه من عملٍ في حياته، الخيرُ سيبقى ويثقلُ في ميزان المؤمن، أمّا الشرُّ فسيضمحلُّ كما قال الله في كتابه العزيز : { كسرابٍ بقيعة يحسبه الظمآن ماءً حتى إذا جاءه لم يجدْهُ شيئًا } ولن ينفعه الندم حينئذٍ إذ سيكون أوانه قد ذهب ومضى مع الأيام...

حين التقيتُكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن