الفصل الواحد والعشرين : هاقد بدأ جُرحُ فؤادي يندمل...

299 44 53
                                    

لا تنسوا الدعاء لإخواننا في غـ8ـزة

_________________

اتّكأتُ على النافذة أُطالع صفاء السماء المُتّقدة بضياء الشمس الوهّاج، زفرتُ الهواء براحةٍ بينما تتلاعب نسمات الهواء بخُصيْلات شعري الأدعج؛ لتبثَّ نسائم الطمأنينة والهدوء بين جنباتِ روحي.

« أجاهزٌ أنتَ يا عُميْر؟! »
قال الطبيبُ المُشرف عليّ بينما يذرع أرض الغرفة بِخُطًى سريعة؛ ليصل إلى حيثُ كنت واقفًا.

حانت منّي التفاتةٌ سريعة إليه بينما أُجيبه :
« نعم، أنا جاهزٌ »

« دعني أُساعدك يا بُنيّ »
قال الطبيب بينما يرنو إلى عكّازتيَّ المُرتكنين على النافذة بجانبي، التقفهما وأعطانيهما حتى أتوكّأ عليهما؛ فمازالت قدمي لم تتعافَ تمامًا بعدُ ممّا لحقها من كسورٍ ورضوض مُتفرّقاتٍ على أنحائها.

« أشكركُ دكتور أحمد، لكن دعني أتّكئُ عليهما وحدي؛ حتى أتمرّن عليهما »
عقّبتُ بينما ارتسمت على وجهي بسمةٌ بدت لها نواجذي.

ربّت الدكتور أحمد بيده الحانية على عضُدي وشرع يُسندني حتى أسير خارج الغرفة التي كنتُ أقبعُ فيها في الفترة الأخيرة.

« حقا، لا أعلم كيف لي أن أردّ أفضالك عليّ يا دكتور! أدين لك بالكثير، شكرًا لك على كلّ شيء »

قلتُ موجّهًا كلامي لطبيبي
بعدما أتممتُ إجراءات الخروج من المستشفى بمساعدته.

تبسّم بوجهي واقترب منّي مردفًا وهو يطالعني وقد تقارب  حاجباه الكثّان بخفّةٍ :« عُميْر! كم من مرّةٍ أخبرتك أن ما من داعٍ لشكري بتاتًا؟! ما أقوم به هو واجبي ليس إلّا! وأنت كابني تمامًا »

تبسّمتُ بوجهه ثم أحنيتُ رأسي أرضًا أُطالع قدمي العاجزة، و لم أستطع كبح جماح ذاك الحزن الطفيف الذي تسلّل لأبواب قلبي...

نعم...

تذكّرتُه للأسف...

والدي...

أترى ذاك الطبيب؟!

أتراه؟!

أتسمع حديثه؟!

أترى طيبة قلبه وعطفه وحنانه ؟!

ما الذي كان سيحدث لو أنّك أغدقت عليّ بحنانٍ وحبٍّ كهذين الذّيْن شعرتُ بهما عند الغريب ولم أشعر بهما عند من يُفترض أن يكون هو القريب؟!

« لا تحمل همّ شيءٍ يا بنيّ، ستتعافى قدمك قريبًا وستصبح بخير حالٍ إن شاء الله، لا تحزن! »
بادر الطبيب أحمد بالحديث فور أن رأى غمائم الحزن تعتلي وجهي؛ فقد ظنّ أن حزني بسبب قدمي العاجزة حاليًّا، ولكن.... ليتك تعلم ما يُحزنني يا طبيبي!

حين التقيتُكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن