البارت الخمسون

341 7 0
                                    

مسكت قلبها بخوف وهي تحس بنبضاتها السريعه تزاحم صدرها وتحطم ضلوعها ، حطت فيصل على السرير قامت بسرعه عجيبه ألا انها على سرعة خطواتها كانت مُتردده بشكل ملحوظ !
تدري ان ابوها صار له شي لا محاله ، ولا تدري وش هالشي بالضبط ، لكنها تدعي بيقين بصدرها اللي ذاب من الهم ومن الحمول الكايده ان يبقى فيه رُوح ، ما تجهزت لـ هاليوم ابد اليوم اللي بيكبرفيه ابوها ويغزا الشيب شعر راسه وشنبه ولحيته !
ما تجهزت ابد لـ هاليوم اللي بيصير فيه ابوها عاجز عن حمل نفسه ابوها اللي رغم كل شي حصل ورغم انه اجبرها على سيف الا انه كان من خوف ومحبه لها يدري انها مندفعه لأشياء كثيره ما تناسبها لكن هو يشوف البعيد اللي هي توها صارت تشوفه!
يحبها ويعاملها مُعامله خاصه ولا يرد لها طلب ، اليوم هو طايح على الأرض بطريقه مُخيفه للغايه ، حوالينه اعزكم الله بقايا استفراغه اللي منتشر على الأرضية شافت تصلب يده اليُمنى بطريقة غريبه جلست بجانب ابوها بذُعر حست بيد الهنوف اللي تصارخ عليها برعب وتضربها بلا وعي منها : كلمي فهد كلمي احد يجي ياخذ ابوي للمستشفى
ام سند عرفت في قرارة نفسها انه انجلط ، لكن ما تدري وش نوع الجلطه اللي فيه بالضبط ، كانت معاه البارحه اغلب الوقت تكلم معاها كثير وعن مواضيع كثيره كان المحور الأساسي فيها بنته اميره ، قامت وهي تدري ان هالمواقف تحتاج سرعه وحسن تصرف وقوة قلب ما تبي تفجع عياله ابد اتصلت على فهد اللي رد عليها خلال مده قصيره جداً : هلا يمه يالله تحييها
ام سند تحاول تنتبه لطبقة صوتها ما تبي تفجعه ف الليل : الله يبقيك فهد تعال ابيك شوي تعال لي اللحين استعجل ..
فهد بخوف واضح : عسى ما شر ؟ صاير شي
ام سند : لا يابوي بس تعال بسرعه ابيك بموضوع يلا انتظرك ، قفلت منه واتصلت على الاسعاف وطلبت تجي سياره تاخذه للمستشفى ..
جلست بجنبه وهي تشوف وضع بناتها العجيب كانت الهنوف تبكي بنحيب وهي ترجف واميره صامته ما عندها اي ردة فعل على الموضوع كانت تتجهز لكلمة وحده بس " عظم الله اجركم " مسحت دموعها بأيمان وهي تناظر لهم بحزن : ادعوله ادعوله بالشفاء ..
ابو سند تكلمّ بنبره مُثقله وبصوت ثقيل بان فيه انه فعلاً مُصاب بشلل نصفي : الله يرضى عنتس يا ام سند ويسامحكم جميع ، سامحوني كلكم وانتبهوا لنفسكم وادعولي كملوا حياتكم وانتبهوا لنفسكم ولأميره انتبهوا لها اميره امانه معكم اسألكم عنها يوم القيامه ..
دخل الحاره اللي ساكنين فيها اهله شَد انتباهه سيارة إسعاف بصوتها المشؤوم المكروه في أفئدة البشر جميعاً ..
مَشى خلف السياره وهو يلتقط انفاسه عنوة إلى صدره ولأن قلب المؤمن دليله كان قلبه دليله أيضاً !
تأكد ان الطريق المنشود هو طريق منزل والده ابو سند الرجل الطيب الصادق ذو السيره الحسنه والأخلاق النبيله المحبوب في قلوب الجميع صغارًا وكبارًا اليوم يلتقط انفاسه الاخيره في الدنيا بين أمل البقاء وعذاب الرحيل ..
رُبما ذات ليلاً نلتقي لكن لست ارغب ان يكون لقاءنا الأخير بين ممرات المستشفى المُظلم الكئيب وأنا اودع فقيدي الذي كان يوماً يشاركني قسمي بالطعام والأحاديث ، أخشى عليك من الزمان يا ابي وانا اعلم انك لا تخشى أحدٍ في هذه الدنيا سوانا ، ابي اعدك ذات مساءٍ ان نلتقي في مكان أفضل من هذه الدنيا الدنيئه التي لا تعرف للوفاء طريقاً ، وحين علمت له طريقاً قررت ان تنفيك من ظاهرها وتحتفظ بك بين أحشائها وتخرج روحك للسماء عند خالقك لإن المكان هُناك أجمل وأكثر صدقًا ووفاءًا ويليق بِك ، مكانًا يناسب طهارة قلبك الأبيض المعطاء الكبير ، أبي الرائع إلى ذلك الحين استودعك الله من لهيب الدنيا ومن بردها .
دخل بيت أبوه بأقصى سرعته فتح الباب وعينه تسقط على والده المُستلقي على الأرضية بوهن وبلا وعي منه لأنه اليوم هو ليس مع العالم أبداًحاولوا البنات وام سند بكل ما يملكون من قوه مُتبقيه انهم ياخذونه على الكنب لكنه ثقيل ثقيل ولا قدروا يحركونه من مكانه ابد صرخ بصرخه حطمت جدران منزلهم الكبير اللي ضاق عليهم اليوم بشِده ناظر لـ ابوه برهبه : ابوووي وشفيه !
ام سند ببكاء مكتوم : اذكر الله يا ولدي تعب تعب ان شاء الله انه شي بسيط خلنا ناخذه للمستشفى التأخير ماهو من صالحنا
اخذ والده بمساعدة المُسعفين إلى سيارة الإسعاف وهو يحاول يتماسك ويقوي عزومه ، شغل سيارته من خلفهم ركبت بجنبه امه وقبل يحرك السياره شافها وهي تركب في المقعد الخلفي مُلتزمه الصمت !
وصلوا للمستشفى واخذوه لقسم الطوارىء واخرجوه بسرعه وهم ياخذونه لقسم العنايه وياخذون له بعض التحاليل والأشعة اللازمة ، خرج الدكتور بعد ما تمت الاشعة شاف امامه فهد ناظر له بتردد : بصراحه بعد الاشعه اتضح لي ان الوالد يعاني من جلطه بالدماغ
فهد بعبره : وكيف حاله اللحين طمني عليه ؟
الدكتور بمؤازرة : هو في غيبوبه حالياً ولا ندري متى يقوم لكن اهم حاجه الدعاء وحسن الظن بالله والله يشفيه ويعافيه لكم
فهد بذات العبره في صوته : الحمدلله لله على كل حال ، ولا اقدر اشوفه؟
الدكتور : حالياً ممنوعه الزياره لحد ما نشوف وضع المريض ونتأكد من مناعته
ام سند ناظرت بحزن لـ اميره اللي تبكي بصمت من الخبر الكارثي اللي أنهال على مسامعهم : لا حول ولا قوة الا بالله الله يبشرنا بسلامته ويرد له عافيته
فهد ناظرهم وهو يكابر على حزنه وذا طبع فيه : يلا مشينا نرجع للبيت وبكره نشوف وش صار عليه ان شاءالله كل خير ..
ام سند ناظرته بضيق وهي تلمح الحزن بعيونه ناظرت لـ اميره : تعالي يا اميره عسى الله يشفيه ويسمعنا عنه الاخبار الطيبه..
اخذهم للبيت ورجع للمستشفى جلس على المقاعد الخاليه من الأوادم ، مَر عليه الوقت بطيئ سمع صوت الأذان بعد ساعات من الانتظار وراح يصلي وجلس يدعي لـ ابوه ..
في زخم كوابيسها اللي تهاجمها منذُ مرض أبنتها ووفاتها قامت مفجوعه وهي ما تدري أصلًا كيف نامت على الكنبه ، كل اللي تتذكره انها كانت تحتريه متى يجي وهو طول ما جاء حتى جواله كان ما يرد عليه ..
قامت وناظرت له وهو يتريث بمشيته وكأنه يحمل على عاتقه جبل شاهق من الهموم مسحت عيونها بتوتر : اعوذ بالله من الشيطان الرجيم ، فهد وين رحت صاير شي ! خوفتني عليك طلعت فجأه ولا حتى طمنتني انك بخير
فهد مّشى بوهن وانسدح على السرير بأنهاك : ابوي تعب اخذناه للمستشفى
ميساء ناظرته برهبه وهي تحاول تستقصي منه بعض الاخبار رغم التردد اللي يحاصرها : وشفيه من الضغط ولا السكر صاير شي ؟ ولا اخذ عدوى
فهد ناظرها بِلا ملامح : طلع فيه جلطه بالدماغ
ميساء جلست على السرير وهي تناظر للأرضية بأندهاش : لا حول ولا قوة الا بالله الله يقومه بالسلامه يارب
فهد انسدح على السرير بعد ما انتبه لضوء أشعة الشمس ناظرها بضيقه : قفلي الستاره ابنام ..
ميساء قامت وهي تقفلها وتبعد عنه أشعة الشمس انسدحت على السرير وهي تشوفه يعطيها ظهره ويغمض عيونه ، ما كانت تدري وش التصرف المناسب اللي تسويه بـ هاللحظة قامت بهدوء وراحت تتوضى وتصلي وجلست تدعي لـ ابو سند بيقين وبقلب خاشع.

رواية ظل أسود للكاتبة أناهيـد.حيث تعيش القصص. اكتشف الآن