الثامن والعشرين

78.2K 6.1K 1.7K
                                    


#الثامن_والعشرين

صلوا على نبي الرحمة

___________________

يجلس أعلى أحد المقاعد زافرًا بضيق شديد، لا يعجبه أن يجلس هنا وينتظر عجوز كادت سنوات عمره تكمل قرنًا، ذلك الرجل الحقير أجبره على المجئ فقط ليصطحبه، وكأنه السائق الذي اشتراه .

كانت اللعنات تخرج من فم سعيد متتالية ودون تفكير أو تريث، ينظر في الوجوه حوله ساخطًا، ألم يكن ذلك العجوز متولي بقادرٍ على أن يتصل بأي سيارة تأتي لتأخذه؟؟ أمازال البخل متأصلًا بين خلاياه ؟!

نفخ ساخرًا من ذلك الرجل يردد بنقم :

" اه من الذل اللي يخلي الواحد يتعامل مع متولى وغانم ..وصلاح، بس اخلص من كل ده وانا هـ.."

وقبل أن يكمل جملته رآها تسير أمام عيونه، كطيف خرج من خياله يتمثل أمامه ليزيد من جنونه، ألا تكفيه أحلامه كي تظهر له في واقعه ؟؟

تنفس سعيد بقوة وقد بدأ يشعر بتدهور حالته :

" شكلي بدأت اشوف خيالات، مرض نفسي كمان ينضاف لقايمة امراضي"

ختم جملته ساخرًا وهو ينظر أسفل قدمه لينتقض فجأة على صوت رنين هاتفه، أخرجه من جيب بنطاله ليرى اسم ميمو أعلى شاشته، وقبل أن يجيب أبصر نفس الخيال يتحرك في المكان ليتعجب ويسهو عن رنين هاتفه الذي انخفض، ثم على مرة أخرى أجاب بهدوء وملل وعيونه ما تزال تتابع خيالها الذي يتحرك أمامه :

" الو يا ميمو عـ "

وقبل أن يكمل حتى جملته سمع صراخ ميمو بصوت جعله يبعد الهاتف فزعًا وصراخها يصل له واضحًا تهدده وتتوعده ..

وضع الهاتف أعلى أذنه مجددًا يحاول التحدث وصوت ميمو وصل له مشحونًا بالغضب :

" المرة دي حتى اللي هيعملوا فيك غانم اهون من اللي هتشوفه مني يا سعيد، اطلع برة الزفت ده "

استاء سعيد من كل ذلك وما كاد يجيبها حتى سمع صوتًا يألفه القلب وتعشقه الأذن، رفع رأسه بسرعة كبيرة صوب الصوت ليجد خياله الحبيب يتحدث مع أحد الأشخاص في المطار ببسمة :

" آسفة ما اخدتش بالي وأنا ماشية "

هز الرجل رأسه وغادر، وهي تحركت صوب داخل المطار لتتسع عين سعيد ويتأكد أنها حقيقة، إذن الجميع يراها هنا ليس هو وحده .

ودون أن يهتم بميمو اغلق الهاتف تاركًا إياها تسب وتلعن وتتوعد .

وهو .......

يسير في المكان الفسيح لا يعلم من الوجوه احدًا، لا يميز من الأشخاص نفرًا، بل الأحرى أنه لا يميز من الوجوه سواها، فعينه تلك لم تعد ترى إلا هي ...

كان يركض بين الطرقات يخشى أن يكون قد تأخر، يأست، يأست منه وقررت الهرب، وهو من كان يمني نفسه باحضانها في نهاية ذلك الجحيم .

ما بين الألف وكوز الذرة (مكتملة )حيث تعيش القصص. اكتشف الآن