الطيف السادس عشر

1.7K 92 10
                                    

#الطيف_السادس_عشر
"ربما الحب الأول يكون أكذوبة فيأتي الثاني ليمحوه ويؤكد سذاجة القلب في بداية طوفانه"
بلطف مبالغ فيه أجلسها على فراشها وكأنها امرأة تحمل عدة أجنة في شهرها الأخير من الحمل، أرادت إخباره بأنها بخير ولا داعٍ لكل هذا الحرص إلا أنها لم تقدر، لم تقدر على قول ما يمكن أن يقلل من اهتمامه الذي ظلت لسنوات تبتغيه منه، 

فتح الكيس الأبيض الخاص بالدواء وتناول إحدى الحبوب بيده ثم قربها من فمها لتلتقطها شفتيها من راحته بتمهل وخجل بينما أبعد يده عنها بتوتر وقرب كوب الماء لترتشف القليل منه بقدر حاجتها ثم تحمد ربها بصوت مسموع كي يعلم أنها انتهت.

تأملها قليلًا قبل أن يعود خطوتان إلى الوراء ويجلس على المقعد المقابل لها واضعًا رأسه بين كفيه دلالة على التفكير فرمقته بشفقة، هي الآن لم تعد تعاني من أي ألم، حتى صداع الرأس الذي كان يفتك بها قبل قليل قد تحسن بفعل الدواء الذي تناولته عقب خروجها من عيادة الطبيبة، بينما هو يحمل كل الهم، وكأن مرضها انتقل إليه هو، تعلم أنه شديد الحساسية تجاه المرضى فلم يترك كبيرًا ولا صغيرًا بعائلته يمرض حتى كان يعتني بأمره ويقوم عليه إلى أن يتداركه الشفاء فكيف يكون إذا حاله أمام مرضها هي.

- أنا عايزة أنزل الدروس بتاعتي من بكرة

وكأن جملتها أخرجته مما كان فيه، كاد أن يعترض ولكن أيمكنه أن يقف بطريق دراستها الذي أقسم أن يجعلها تتخطاه بأفضل مما كانت؟! بل أفاقته جملتها على حقيقة لزوم عودته من الغد هو الآخر، فهو قد أعطى الطلاب أسبوعًا واحدًا كأجازة وأوشك الأسبوع على الانتهاء فيمكنه الآن العودة كي لا يضيع الطلاب ما أكسبه لهم خلال عدة أشهر ليكون أول ما نطق به
- طيب هتروحي إزاي وأنتِ تعبانة؟ استنى بكرة بس على ما نتطمن إنك بقيتي كويسة وروحي بعده براحتك وأنا هذاكر لك اللي فاتك متقلقيش.

وكيف لها أن ترفض عرضًا مغريًا كهذا؟ أن تجلس برفقته عدة ساعات يحاول إفهامها ما يتعثر عليها بينما هي لا تفعل شيء سوى تأمله والغوص في عالم بدايته عيناه ولا نهاية له، أومأت إليه بإيجاب ليبتسم إليها بهمٍّ أضافه إليه مرضها.

رنين هاتفه ارتفع بدقة مميزة كان وضعها لأصدقائه الثلاثة، فحتى ناصر لم يراوده عقله بإزالته من تلك القائمة المفضلة إليه، نظر إلى الشاشة فوجد المتصل ليس سوى مهدى، ذاك الذي يراسله كل ليلة يهنأه  بمرح ويثير غيظه كثيرًا لسخريته منه ثم يغلق المحادثة بعدما يزجره عبدالرحمن لمحاولته حل المعضلة التي لا يفهمها بينه وبين ناصر، أراد أن يتجاهل محادثته، فهو ليس بوقت يسمح له بمجاراة مزاحه إلا أن قلبه لم يقدر على تجاهل اتصاله خشية من أن يكون هناك شيئًا هامًا ليصدق حدسه هذه المرة وهو يجد الآخر يقول بجدية بعدما بادله ببعض الكلمات المازحة
- استعد عشان أنا جاي أبارك لك أنا وزوجتي

لطيفها عاشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن