الطيف الثامن عشر

1.7K 82 9
                                    

#الطيف_الثامن_عشر

"فالحزن وإن طالت استضافته، يومًا ما سيحين الرحيل وتنقشع كل غياماته السوداء"

منسجمان بهذه الجلسة التي افتقروا إليها كثيرًا، فهذة المرة الثالثة التي يجلسان بها هكذا برفقة بعضهما منذ زواجهما، ولكن في المرات السابقة لم يكونا على هذا القدر من التقارب، بل كانا وكأنهما صديقان يشاهدان التلفاز معًا، أما الآن فهما أقرب ما يكون من كونهما متعانقان وقلوبهما تجاور بعضهما فيشعران بالنبضات الثائرة، لحظة تمنى كلاهما لو توقف الزمن عليها فيبقيان هكذا ينعمان بما حرما قلوبهما منه

لم يملا من جلستهما ولن يفعلاها ولكن الوقت قد فعل وآن أوان المذاكرة، فهو قد سمح لها بإمضاء ساعتان فقط لتزيح عن عقلها هموم المذاكرة لقليل من الوقت ولكنها قبل أن يأمرها بجلب الكتب لمتابعة المذاكرة باغتته بسؤالها الذي ألقته بلهجة أشبه بالإقرار
- أنت اللي بلغت عنه صح؟

تفاجأ من سؤالها، لم يحسب له حساب ولم يخطر على باله أن أحدهم قد يتطرق بتفكيره إلى هذه النقطة ولكن بماذا سيجيب وقد حاصرته من جميع الزوايا ولا مخرج سوى إقراره بما فعل، أيخبرها بأنه بلغ صديقه الذي يعمل بقسم الشرطة عن عمه بعدما تفاخر الآخر بأنه سيذهب إلى منزل صديقه ويتناولان المسكرات! أم يخبرها بأن والدها لم يجبره على ارتكاب ما يدينه بل بقذارة أفعاله سهل له الأمر! ليحسم الموقف ويجيبها بهدوء
- صح

اعتقد أنها ستثور انتقامًا لسمعة أبيها ولكن أي سمعة تلك التي كان يملكها وهو الذي دنس سمعة جميع العائلة وجعل البلدة كلها تتحدث عن عائلتهم بالسوء وتصف الجميع بأنهم عائلة غير منضبطة السلوك.

لم تمنحه ما اعتقد من ثورانها بل وجدها أومأت إليه بإيجاب وعقلها شاردًا فابتلع ريقه يسألها
- اتضايقتي صح؟

لتهز رأسها نافية، هي بالفعل لا تستطيع تحديد شعورها، في أي أمر يخص ذاك المدعو أبيها باتت تشعر بمشاعرها ملبدة يصعب وصفها فوجدته يتابع
- أنا عملت كدا عشانك.. كل ليلة وأنت بايتة معاه في نفس البيت كنت بجيب رقم صاحبي ألف مرة وبتراجع في آخر لحظة عشانك.. بس أدام وصل آذاه ليكي للدرجة دي مقدرتش.

ألقى نظرة إليها بمنتصف حديثه ليرى رد فعلها ليجدها ساكنة فتابع بحنان وعيناه تنظران إلى عينيها
- مقدرتش أشوفك متكسرة بسببه وأسكت.. كنت مستني الفرصة وجت لي من غير تعب.. استغلتها ومش ندمان.. بالعكس شايل هم اليوم اللي هيطلع فيه.. خايف في يوم أكون برا وأرجع ألاقيه عمل لك حاجة.. وهنا مش هستحمل.. مش هستحمل بس نظرة موجوعة منك.. فكرت أشتري بيت برا بس هسيبك في بيت لواحدك وأنا في الشغل وهو ممكن يعرف العنوان بسهولة ويوصل لك ولا أسيبك هنا في البيت وممكن يوصل لك بردوا.

نظرت إلى عيناه الحائرتان خوفًا عليها ليتعالى وجيف قلبها وتقر الآن بما نطقت به شفتاها دون أن تحسب حساب لشيء آخر
-أنا بحبك.
طالعها بصدمة ممزوجة بسعادة بنى لنيلها الكثير من الجدر حتى اكتمل قصر السعادة أمام عيناه، لأول مرة تنطق بهذه الكلمة له وهو لم يكن ينتظرها ولكن وقعها كان عجيبًا على قلبه قبل أذنيه، فعلى الرغم من عدم انتظاره لها لتيقنه الكامل من شعورها به تجاهه، ربما لهذه الثقة التامة بحبها سامحها بهذه السهولة على فعلتها وهو الذي لم يكن العفو متاحًا بقاموسه.

لطيفها عاشقحيث تعيش القصص. اكتشف الآن