الترياق الخامس
أغرقته أبحار التفكير عقب انفراده بنفسه في غرفته بعدما أنهى حديثه مع والدته، لقد كان متحيرًا من أجل القيام بهذه الخطوة في الوقت الحالي، ولكن إصرار أمه هو ما قاده إلى الإسراع في الأمر. شرد بعقله إلى تلك الليلة التي وجدها بها، يتذكر كيف كان شعوره حينما وقعت أنظاره على فتاة بحالة تجعل الكافر يخرّ مشفقًا عليها، حينما انتبه إليها سقطت مشغيًا عليها، وكأنها كانت بانتظار من يتلقفها لتطمئن بين يديه، ولكن أي اطمئنان ذاك وهي كانت تردد أثناء غفوتها بكلمات عديدة مرتعبة مثل " قتلني.. سرق فرحتي.. انتهك جسمي" ثلاث كلمات رددتهم عدة مرات أخبروه بما حدث لها خاصة وأن جسدها الواهن قصَّ عليه ما حدث لها بطريقة أخرى، حينها ثار غضبه وشعر بأنه يريد العثور على ذاك المجرم بأي طريقة، إلا أنه لم يصل إليه.
لقد سأل الفتاة عدة مرات عمن فعل بها ذلك إلا أنها لم تستطع الرد، بل كانت مغيبة فظلت تهذي بتلك الكلمات التي فهمها بصعوبة، لم يدرِ ماذا عليه أن يفعل، كل ما قدر عليه هو الذهاب بها إلى المشفى، ولم تجد الطبيبة أي أعراض اغتصاب على بدنها سوى بعد تحليل صغير أظهر لهم أنها حقنت بإحدى المواد المخدرة وبعد الكشف بدا لهم أنها تم الدخول بها منذ ساعات قليلة.
حينها اكفهر وجه أواب، أراد أن يكذب الكشف ما ظنه إلا أنه أكد ما حدث لها.
لم يعثر على أي شيء يدله على أهلها ويخشى الدخول إلى الغرفة التي تتواجد بها بل يخجل من زيارتها وحدها بالغرفة وهو شخص غريب عنها لم تعرفه، فانتظر بالخارج إلا أنها لم تمرر أكثر من ساعتين ووجدها تخرج من الغرفة بوجه شاحب ومعالم وجه مرتعبة، تحاول السيطرة على بكاء يتصاعد رغمًا عنها.
ألمه قلبه بدرجة لن يستطيع حصرها وإن كتب في وصف ألمه كتب، ربما هي لا تفرق معه، ولكن كيف يتجاهل ألمها وقد سقاه أنينها الباكي قهرًا بعض مما مرت به، تبعها في خطواته خشية أن تفعل ما يؤذي نفسها إلى أن وصلت إلى بيتها فاطمئن قليلًا وعقله منشغل بكونه يشعر بأنه رآها سابقًا.
وبالفعل، باليوم التالي تذكرها، تذكر أنها الفتاة نفسها التي عرضها عليه مهدي للزواج في زفاف صديقه عبدالرحمن، وبالفعل كان ذاهبًا لرؤيتها، ولكن مرض والده حينها وواتته المنية فانشغل عن الأمر ونسي ما كان مقدمًا عليه.
كيف سيحدث الأمر وبأي طريقة ستجري الأمور لا يعلم، للمرة الأولى يشعر بأنه تسرع في اتخاذ قراره، ولكن ألا يمكن أن يكون كل هذا من تدابير القدر الذي أراد أن يربت على صدرها بعد خبر وفاة ذاك السارق؟!
ــــــــــــــــــــــــــــ
- إما أنتِ عايزاه مغلبانا وعاملة العمال دي كلها ليه؟ عايزة تفضحينا يا شمس!
هزت رأسها عدة مرات بصدمة، لم تتوقع بأسوأ كوابيسها أن يتجرأ ويصل إلى هذا المستوى ليفوز بها من جديد، أحقًا يرى أنه بفعلته هذه سيفوز بها؟!
أنت تقرأ
لطيفها عاشق
Mystery / Thrillerتجمعت الدموع بعينيها وتسارعت دقات قلبها جاهدة لتلاحق أنفاسها الحارة التي لم يبغض أكثر منها في هذه اللحظة ثم همست برجاء وصوتٍ بُح من كثرة البكاء -عبدالرحمن التقطت مسامعها زمجرته الخشنة السابقة لنوبة غضبه التي اختبرتها سابقًا فسارعت تهتف إليه برجاء...