رواية لطيفها عاشق
الطيف الثالث
"الفرص السانحة تأتي مرة واحدة، إما أن تنتزعها نزعًا من بين بتلاتها التي تتخفى بداخلها، أو تتركها لترحل فيرحل معها كل ما بنيناه في عقولنا على درج الاحلام"" ربما لم تنتبه عيناكِ لي حينما التقطتِ طلبك من بين يداي بينما أنا قد وقع قلبي صريعًا لعيناك الحزينتان كحزن كلماتك، حاولت مرارًا نزعك من ذاكرتي إلا أن قلبي الأحمق يأبى مغادرة ذكراكِ لا أريد منك وعودًا ولا عشقًا فأنا لست متبجحًا لأطلب من فؤادك وهو بهذا الصدع أن يرهق عقله بي ولكنني فقط أريد لقلبك أن يبوح لي كلما اشتدت عليه نكبات الحياة"
مررت "دنيا" عيناها على تلك الرسالة للمرة التي لا تعلم عددها، كيف لم تنتبه لها في السابق وقد بُعثت إليها قبل عدة أيام، بل كيف وصلت رسالتها لهذا الرجل، ومن ذاك الذي يتغنى بعشقها؟! لترتفع بنظراتها قليلًا إلى أعلى الدردشة فوجدته ذاك المندوب الذي حمل إليها الكتب قبل عدة أيام، ياللهول! كيف أخطأت وبعثت إليه برسالتها! ألم ترسلها للمجموعة الخاصة بها وحدها؟!
ضربت على قدميها عدة مرات بعنف وتأنيب مما فعلت، كيف يفكر بها الرجل الآن، ولماذا تتسائل والجواب ظاهرًا من رسالته، فيبدو أنه اعتقدها من أولئك اللاتي تمارسن الهوى مع كل غادٍ ورائح.
قامت بوضع رقمه على قائمة الأرقام السوداء ثم نهضت متجهة لتجالس عمها وزوجته بدلًا من ذاك الجنون الذي يكاد يتلبث بها.
ما لم تكن تضعه في الحسبان أن تجد عبدالرحمن يرافقهم بالخارج فعبست بحرج وحاولت ضبط حجابها الذي كانت قد وضعته، فعلى أي حال لن ترتدي نقابها أمامه فهي لم ترتديه لاتباع السنة بل ليداري تشوه ملامحها وربما عادت إلى الحجاب مرة أخرى بعدما يبرأ وجهها.
هللت زوجة عمها حينما رأت قدماها تتعاركات مع بعضهما خجلًا فابتسمت إليها بهدوء وسرعان ما استمعوا إلى أصوات بكاء صغيرة شقيقها ترتفع بقوة كمن أصابه مكروه.
توترت بقوة دون إرادة منها ولم تدرِ ماذا عساها أن تفعل، فهي تتحاشاه هو وابنته منذ أن قدما، حتى حينما تكون الصغيرة برفقة زوجة عمها تُقبلها بهدوء وتجلس برفقة كتبها أو هاتفها وكأنها لا تعنيها ولكن كيف لها أن تظل على جفاءها هذا وبكاء الصغيرة يزلزل قلبها ويهدد ببكاءه ضيقًا من ذاك الضيف الغير مرحب به المسمى بالشفقة!
أسرعت إلى الخارج بخطوات راكضة بعدما تغلبت عليها مشاعرها لتعلم من مصدر الصوت أنه بمنزل العائلة السفلي.
على أثرها تحركت عفاف بينما تلاحقهم نظرات ذاك الذي ابتسمت عيناه قبل شفتيه لانتصار قلبه الذي قد عقد منافسة مع عقله وأقسم على رد فعلها هذا، فمنذ اللحظة الأولى التي علم بقدوم شقيقها عاهد عقله بأن هذا ما ستفعله مع شقيقها، لم يغفل عن ارتجافة قلبه التي شعر بها حينما تحقق ظنه بأنه مازال يعلم صغيرته أكثر من نفسه، فحتى وإن ابتعد بأفعاله عنها فستبقى الأرواح تتلاقى في الخفاء لتداوي أسقام القلوب، تبعهم بهدوء ليطمئن على الصغيرة بقلبٍ يئن عشقًا غير مدركًا بأن من يتطاير فؤاده فرحًا بمعرفتها ستصدمه بما لم يستطع عليه صبرًا بل وستجعله يفعل ما لم يجرؤ قلبه بأسوأ كوابيسه أن يجعله يفعله.
أنت تقرأ
لطيفها عاشق
Mystery / Thrillerتجمعت الدموع بعينيها وتسارعت دقات قلبها جاهدة لتلاحق أنفاسها الحارة التي لم يبغض أكثر منها في هذه اللحظة ثم همست برجاء وصوتٍ بُح من كثرة البكاء -عبدالرحمن التقطت مسامعها زمجرته الخشنة السابقة لنوبة غضبه التي اختبرتها سابقًا فسارعت تهتف إليه برجاء...