دعيني أبرىء أسقامكِ
المقدمة والفصل الأول
المقدمةفتاة مُلقاه على فراشٍ تغير لون دثاره من كثرة استخدامه، ملامحها صفراء شاحبة وكأنها فارقت الحياة لتوها، شفتاها الورديتان دائمًا فرت الدماء منهما لتحيل إلى لون قاتم قارب البنفسجي، أنفها المرتفع دائمًا بشموخ يبدو أنه سقط من الطابق العشرون ليبدو صغيرًا لهذه الدرجة، وكأنه ينكمش بذاته خزيًا مما ألمَّ بصاحبته، عيناها اللامعتان بحيوية تبرز من بندقيتيها؛ مغلقتان بفعل المنوم وكأنهما عاجزتان عن العودة للحياة ومواجهة قدر تراه قاسيًا تفضل الموت عليه.
يجلس أمامها أحد الشباب منكسًا رأسه إلى الأسفل، وذراعيه تسند رأسه خشية سقوطها من ثقل الهموم التي تحملها بداخلها، لا يصدق أنه فعل بها هذه الجريمة، لقد ذبحها! بالفعل هذا ذبح، أهذه ريهام التي كان يراها كقطعة من الماس لا يجرؤ على لمسها؟
ضرب رأسه بيديه عدة مرات كلما استشفى حجم مصيبته التي شكلتها يداه، ولكن أيجدي الندم نفعًا بعدما زلت القدمين في ظلمات الرذائل؟!
اقشعر بدنه بارتعاب فور وصول أنينها المتألم إلى أذنيه، لازمتها عيناه المذعورتان وهي ترمش جفنيها تحاول فتحهما برفق أجبرتها عليه آلامها، ارتسم الضيق على وجهها عقب تذكرها لكابوسها المريع التي كانت تصارعه، فتحت عينيها على وسعهما وهزت رأسها بهستيرية فور انتباهها للمكان الذي كان يشهد على كابوسها.انتفض واقفًا عقب وقوع عينيها عليه، رمقته بنظرة ارتشقت بصدره كالسهام الحادة الملوثة بآثام ذنبه، نظرة لم تقلّ حسرة وقهر عن ما نطقت به الصرخة التي تبعتها، لا يعلم ماذا يفعل، وماذا يقول؟! مشتت ذهنه، وصراخها الذي يتناغم مع بكائها الموجع للقلوب يزيد من تشتته.
حاول الاقتراب منها بعدما استقام واقفًا إلا أن صراخها بدأ في التصاعد أكثر من ذي قبل فتقهقر خطوتين إلى الخلف وهو يشير بيده يحاول طمأنتها ولسانه يردد:
- اهدي.. مش هقرب لك تاني والله.. ما هعمل حاجة خلاص اهدى.ولكن أيوجد للهدوء مكانًا بقاموس الانتهاك؟! ألِنور الطمأنينة محل بين ظلمات الرعب الحالكة السواد!
ساعة مرت والحال ذاته لم يتغير، لم يفعل سوى أن خرج واقفًا أمام الغرفة؛ لعل هدوءها يجد مكانًا يرسو بأحماله فوقه، إلا أن هدوءها يبدو وكأنه ضل الطريق فلا يجد أي مرسى. فكر قليلًا قبل أن يخطو ببطء تجاه الغرفة لتبرق عيناها برعب فور دخوله فنطق بما ظنه سيبهجها:
- متخافيش أنا مش هسيبك .. هنتجوز والله ومحدش هيعرف بحاجة.. متخافيش.انتظر ردها وليته ما انتظر، فلم تفعل سوى أن رفعت يديها على وجهها وظلت تلطمه بقوة وتخدش وجهها بأظافرها، وكأنها هكذا تنتقم من بدنها الهزيل على ضعف لم يمكنها من مقاومته، بسبب مخدر لعين حقنها به ليتمكن من فعل ما يريد.
أنت تقرأ
لطيفها عاشق
غموض / إثارةتجمعت الدموع بعينيها وتسارعت دقات قلبها جاهدة لتلاحق أنفاسها الحارة التي لم يبغض أكثر منها في هذه اللحظة ثم همست برجاء وصوتٍ بُح من كثرة البكاء -عبدالرحمن التقطت مسامعها زمجرته الخشنة السابقة لنوبة غضبه التي اختبرتها سابقًا فسارعت تهتف إليه برجاء...