21

70 9 0
                                    

Unfamiliarity;




"وَبقَسْوةِ هَذه الصَّحرَاءِ سَأرْضْى بِالسَّرابِ أنَا؛ فَأيْنَكَ يا سَرَابِي؟"

كان أشبه بذاك الشعور الذي عاشه من قبل، كما في اللحظة التي خسر بها والداه. شعور غريب ومألوف في آنٍ معًا. بدا بعيدًا لبعضٍ من الوقت، لكنه عاد يطوف من حوله بقرب منه لم يدركه من قبل. كم مر من الوقت على ذلك بالتحديد؟ هو لم يعد يحصي الأيام منذ ذاك الحين

ربما أراد الإعتقاد بأن حياته لم تقف قط عند ذاك المنحنى، أراد أن يؤمن بأن شيئًا لم يتغير. بالتفكير بالأمر في هذه اللحظة على الأرجح كان عليه أن يعد الأيام والساعات لربما ذاك قد يسرق باله مما هو في صدد مواجهته

رفع عيناه لتتعلق بمعالم البناء أمامه "فخر الشرطة" كلمات بخط رفيع زينت زاوية اللافتة الزرقاء المرفوعة أمام المبنى. كم يبدو قاسيًا من حيث يقف. ليته كان بمقدار نصف تلك الصلابة على الأقل ..

سحب حفنة من الهواء يملأ بها جوفه. هو أراد المضي قدمًا، يجب عليه المضي قدمًا لكن..

هل من لكن بعد ذلك؟ هو لا يعتقد بأن هنالك سبب مقنع لتردده أو لعله عجزٌ أو قلة حيلة أو .. ماذا كان ذلك؟ صوت قلبه اللعين؟ ما الذي كان يثبت قدماه على الإسفلت الصلب يشل حركته؟

هو عليه فعل الصواب .. لكن ما هو الصواب بحق؟
تتدحرج مياه عيناه لعجزه.. لكن أين موطن عجزه بالتحديد؟

زفر أنفاسه التي كان يكبحها ثم أدار ظهره مبتعدًا عن المبنى. هو لن يستطيع فعل ذلك .. لا يمكنه القيام بذلك

يجر قدميه بصعوبة شق طريقه إلى حيث تلقيان به
مرّت فكرة كالبرق في باله فانتفض يقظًا على إثرها.. هل سيكون من الأفضل إلقاء جسده أمام إحدى الشاحنات المارّة؟ قد يخفف ذاك من ألمه بالتأكيد ..

لكن من جديد خانه جسده المرتعش ولم يستطع أن يخطو إنشًا واحد ..

التفت مكملًا دربه إلى حيث تحمله قدماه
ومن جديد عاد إلى حيث يلجأ في أسوء حالاته

جلس أمام شاهد والدته يتأمل الفراغ ثم انهال يحدث نفسه "لم أستطع.." "أعتذر" هو لا يعلم بحق لمَ يعتذر

"لم أستطع اخبارهم بما فعل" انقطعت آخر كلماته بصوت شهقاته "كان عليّ فعل شيء" ماذا كان بمقدوره أن يفعل؟ "كيف لي ألا أعلم ذلك" كيف له أن يعلم؟

"أكثر ما يؤلمني هو عدم قدرتي على التصديق" علت أصوات نحيبه "لقد أخبرني يا أمي .. هو لا ... هو لا يشعر بالندم" لم يؤنبه ضميره بشأن شيء هو لم يقترفه؟

"أريد أن أكرهه أريد أن أنتزعه من قلبي" تزداد حدة بكاءه مع كل ثانية مرت

"لمَ يحترق داخلي لهذا الحد؟" وهل ما بداخله مجرد حريق أم شكل آخر لسعير الجحيم؟

"أنا أحبه" كم من المخجل للفتى الإعتراف بذلك.
دفن رأسه بين ركبتيه محتضنًا جسده المرتعد بضيق بين أنامله المحمرة

تمتزج مشاعره بين كره وعشق. يتأجج داخله بالغضب ويُعتَصرُ قلبه بين أضلعه من شدة الإنكسار. حزنٌ ينهشه لا يعلم مصدره حتى.

لم يستطع أن يكبح نفسه من أن يتدفق له الذنب وتأنيب الضمير. كم أن ألمه الآن واهٍ بما يقارن فيما تعيشه عائلات الضحايا..

كم هو أناني لعجزه عن تحقيق العدالة وفعل الصواب
..

دقات قلبه طغت صمت المكان وتكاد دموعه تُغرق أطرافه. كيف لإنسان أن يحمل هذا الكم من الدموع؟

ودَّ لو ينسى، لكن ما الذي يريد أن ينسى بالتحديد؟ مشاعره تجاه القمحي؟ أم الحقيقة المرّة المتعلقة بهيامه؟

ارتفعت يداه من عناق جسده لتقيم الحصار على خصال شعره الداكن يزيد من ضيق قبضته حول خصاله كأنما بفعله ذلك سينتزع الأفكار من عقله

أضحى تنفسه أصعب مع مرور الوقت
لم يشعر بالوعي ينزلق من أطرافه فجرّه النوم إلى أحضانه يسرق ألمه لبعض من الوقت.

في الجانب الآخر من هذه الحكاية ما زال صاحب القامة الطويلة قابعًا في ذات البقعة منذ ذاك اليوم. استوطن ذاك الزقاق من جديد بيدين مليئتين بزجاجات الكحول

لم يغادر تلك البقعة منذ اليوم الذي تركه فيه الباريستا في المقهى. لا زال يفكر بما إذ كان عليه الكذب في تلك اللحظة..

تمنى لو كان بمقدوره شرح ما يجول خاطره للفتى لكنه على يقين بأنه وإن حاول فعل ذلك فإن الباريستا لن يتفهمه.

لمَ لن يتفهمه؟ هو ما زال عاجز عن استيعاب رفض الفتى أفعاله. ليس وكأن ما قام به خاطئ !
هو على يقين بأن ما فعله هو عين الصواب..

أسند رأسه على الحائط من خلفه ساحبًا حفنة من الهواء إلى جوفه

تهدده عيناه بالانسحاب. هل من شدة الإرهاق أم تأثير الكحول؟ ليس وكأن السبب مهم على أي حال..

في النهاية  استسلم لرغبة جسده المُنهك وأحكم إغلاق عيناه ليغط هو الآخر بالنوم..


– كان المفروض اني اعدل عليه ويكون بارت طويل بس انشغلت ولاني مو حابة اطول عليكم قلت احدث باللي كتبته ..

تجاهلوا الأخطاء واستمتعوا يا حلوين3>

EASTER: Cross Roads | آستِر: مفترق الطرقWhere stories live. Discover now