03

175 18 2
                                    

Out Of Control;


ضجيج تلك الوجوه المزيفة يجوب أنحاء المكان يزيد من حُنق قمحينا وضيقه؛ يشتت تركيزه عن فتاهُ وشعور بغيضٌ ينغز دواخله ..

"أيها النادل" صوتُ أحمقٍ ثخينٍ تردّد على مسامع الجميع ولم تغب نبرته المُزعجه عن انتباه ذو المزاج العَكِر .

يدرس هيئة ذلك الأحمق الفظ بعينيه الناعسة ..
يبدو كأحد أفرد عصابة من حيٍ ما ببنيته الضخمة والوشوم التي لا يُكاد يُرى معالم جِلده على إثرها

"ألا تستطيع مؤخرتك الصغير الإسراع في إحضار الطلب؟"

طريقة كلامه فقط تزيد من غضب القمحي و ما كانت تلك إلا البداية

ففي كل ثانية قضاها في الحملقة بذلك الأحمق
اشتاط غضبًا ونهش الإنزعاج دواخله

هو لم يحتمل الجلوس فقط
كل خلية في جسده كانت تصرخ رغبةً في إهانته وإذلاله

أراد سلبه غروره أراد مَحو نظرات الغطرسة عن معالم وجهه .نهض بهدوء من مكانه مُحتضنًا بيده كوب القهوة الساخن وشق طريقًا إليه،

وهكذا دون إي مقدمات أراق بمحتواه أعلى رأسه
وها هي ذي قد بدأت صرخات الموشَّم تترع في الأرجاء

أدار ذو القامة الطويلة جسده قاصدًا مكانه
خطى عائدًا وإذ بيدٍ متشققةٍ خشنة تعتصر معصمه موقفةً حركته

سدد ذلك ذو البنية الضخمة لكمة لوجه القمحي جعلته يترنح كما لو كان ثملاً
–فارق الحجم والطول منحه الأفضلية الجسدية–
اعتدل بقامته ونظرةٌ من السخرية تعتلي وجهه

أعاد القمحي جذعه فقط بمقدار إلقاء لمحةٍ على الآخر وابتسامةٌ طفيفة ارتسمت على شفتيه
توجه ناحية كومة الشحم تلك مسقطًا إياه بثقل جسده

ردعه أرضًا وانهمر عليه بلكماته
لم تكن مجرد لكمات لقمحينا
بل أشبه بفرشاة رسم

يتراشق القرمزي من قبضاته محدثًا ذعرًا بين الحضور .
مع كل خطٍ نقشه مقاومة الآخر قلَّت
خارت قواه وبدأ فتانا يشعر بالرضى عن نتيجة عمله

توقف ودنا من أُذن الآخر بصوتٍ يتقطع من لهثاته
"الآن أستطيع النظر إلى وجهك دون الشعور بالغثيان"

نهض من أعلاه وشده إليه من قميصه
سحب من خلفه جسده المُنهك خارج المقهى

نظر ناحيته وبكلمات أرسلت القشعريرة لجسد الآخر
"لم أنته منك بعد".

هو لم يكن يحذر الآخر فهذه ليست طريقته بتاتًا
فإن عزم على فعل شيء فحتمًا سيتمّه وما كلماته سوى تأكيدًا على ما هو مُقبلٌ عليه

عاد أدراجه داخل المقهى وإلى طاولته توجه
كان المكان هادئًا فلم تلبث روحًا فيه ما إن جُن جنونه على ذلك الأخرق ..

سحب معطفه من على الكرسي قاصدًا المغادره وإذ بصوت الباريستا يعيق طريقه "إجلس"

نبرة صوته هذه لم تكن مألوفة
ولم يستطع فتانا مقاومة القبول

جلس حيث أشار له الباريستا
وانتظر إلى أن عاد إليه

سحب الآخر كرسيًا من إحدى الطاولات وتموضع أمامه وضع العلبة في يده على الطاولة

وهكذا دون تبادل أي كلمات دون إحداث أي تواصلٍ بين أعينهما فقط مقلتا القمحي تتفحص الفتى أمامه بلهفةٍ، عقّم الباريستا آثار اللكمة على وجه القمحي

رائحة الباريستا تجتاح محيط القمحي فتجعله خدرًا
يَصعب عليه كبح عيناه عن النظر إلى الآخر
خُصلة شعره التي تتدلى بجانب خده وعقدة حاجباه التي عجز القمحي عن تفسير سببها

تفاصيل وجهه وأنفاسه الهادئة لقد أخذ القمحي وقته يتأمل كل إنشٍ منه والإستفادة من كل ثانية قضاها بهذه المقرُبة منه

ماهي إلا دقائق أشبه بساعاتٍ مرت
ونهض الباريستا دون النظر للآخر أو حتى مخاطبته

ذاهبًا للإتجاه المعاكس؛حيث  اختفى جسده خلف ذلك الباب قاتم اللون في نهاية المقهى

تاركًا القمحي وراءه تلتهمه نيرانه وتنهش دواخله وحوشه المُظلمة

في أعماقه تتعارك جيوشٌ مُستعرة وحيرةٌ لأول مرةٍ تدركه، تتضارب في سريرته تساؤلاتٍ عمّا يحدث معه .

"غَريبٌ كَيف لِلصّمت بأَنْ يَكونَ مُتحدِّثًا أَفضلَ مِن البَشر
عَجيبٌ هُو أَمرُ تِلك الأَعيُن مَا إِن تَشبَّثت بِما تَشتَهِي فَلن تَكتفِي مِنهُ أَبدا".

-فاينلي قررت أنزل البارت ..
استمتعوا +أعطوني رأيكم وتجاهلوا الأخطاء♡♡

EASTER: Cross Roads | آستِر: مفترق الطرقWhere stories live. Discover now