Parfum;
كنسيم الهواء يتحرك في أرجاء الغرفة بخفة كما لو لم يزن شيئًا.
ينظر ناحية تلك الصهباء المرتعشة تنسال دموعها مُشكلةً خيطًا حريريًا أعلى خديها الكرزيين،
نظرات الرعب والرجاء في عَينيها تُغذي كل جزءٍ من رغباته؛ تدفعه للانتشاء.
أدخل يده في جيب معطفه المطري، انتشل هاتفه منه و وضع سماعاته في أذنه. وها هي ذي مقطوعته المفضله تعزف في أنحاء المكان.
خطى ناحيتها بوتيرةٍ مُتزنة انتزع الشريط الرماديّ عن نسيج شفتاها لتنطلق من جوفها صرخات مترجية؛
تلك الصرخات ممتزجة بإيقاع موسيقاه كانت أشبه بتحفة فنيه؛ شيءٌ عجز بيتهوفن عن تأليفه
مقطوعةٌ حُرِّمَ على مزارات المساس بها
خُلقت من مرارة النعيم اختلطت بلذة الجحيم.ما أن إنتهى من سلب آخر الأنفاس المُثقِلة من تحفته شق بحذرٍ جميلته أخرج كل قبحٍ من أحشائها المتراصه وزرع عوضًا عنه أزهارًا ساحرة
تختلط ألوانها بحُمرة دمائها مضفيةً مظهرًا أخاذ يزيد الأزهار بهاءً
برقةٍ أكمل تزيين تحفته الفريدة
وما إن إنتهى عمله حملها بحذرٍ بين ذراعيه مصطحبًا إياها إلى المكان الذي تنتمي إليه.قاد شاحنته نحو الغابة، كان قد اختار مسبقًا بقعةً لتُكمِّل لوحته. رفع جسدها المُزهر وعلّقها على تلك الشجرة المُخضرّة
أخذ بضعة دقائقٍ يتمعن بما صنع
كانت جميلة، تحت ضوء القمر الخافت مانحًا الكمال لتلك الصورة، كانت أجمل ما صنعته أنامله، مبهرةً جذابة بكل ما يعتريها من حريةٍ وسلامجسدها الساكن يَحمل في جوفه الحسن والبهاء يجسد الحياة بركوده كل ذلك الجمال تلك الصورة علقت في ذهنه منحت قلبه ما يهواه من رغبات
ها هي ذي السماء تتبدد الوانها القاتمة قاتلةً لحظته المُحببة سالبةً منه متعته
لقد فرغ من عمله ولّت نشوته وخفّ إيقاع موسيقاه
عاد للاستسلام لقبح الواقع مع رحيل القمرعاد إلى مكانه المعتاد ذلك الزقاق القذر .
غريب كيف لكل شيء أن يتبدل كما تبدل منظر لوحته وأن تبقى هذه الرائحة تعج بذات المكانحالما أُزيح ذلك الشعور البغيض عن صدره رحل قبل أن تدرك أي روحٍ المكان وتكسر طمأنينته المُهشمة.
قصد ذات المقهى المُعتاد فرؤية الباريستا أصبح بالأمر المُلحّ ليستطيع إكمال يومه
ظل يحدق في لافتة المقهى فلازال مُغلقًا في هذه الساعة المبكرة من اليوم
وهذا سبب آخر يجعل قمحينا يشعر بالانزعاج فهو لا يحبذ الإنتظار
ساعتان وأربع دقائق استغرقه التحديق في معالم تلك اللافتة البغيضة فاقدة الحياة
لم يَلحظ من قبل ذلك اللون الاصفر الباهت الذي لطخ زاويتها حتى اليوم
شعر بطيفه يقترب من خلفه مقتحمةً رائحته التي تشبه الفانيليا تلك المساحة الضئيلة أمام المقهى، التفت بجانب جسده لتتسنى له فرصة لتمعنه، لإلقاء نظرةٍ فاحصةٍ لا أكثر.
بصوته المُخدر ألقى التحية "صباح الخير سيدي"
لم يخرج منه رد لم يشأ أن يلطخ صدى ألحان الفتى الآخر أراد أن يحتفظ بذلك الصوت في دواخله لأطول فترة ممكنةتبع الباريستا إلى داخل المقهى وأستوطن ذات الطاولة التي اعتاد الجلوس عليها
كان الجو شاعريًا ذلك الهدوء الذي يعج المكان ومشهد الباريستا أمامه كان جُلّ ما احتاج إليه في هذه اللحظة
بدأت تلك الثمانِ تَقِل مع كل خطوةٍ خطاها الباريستا نحو قمحينا
أنزل الكوب على الطاولة ونبس برقة شفتاه
"طلبك سيدي"ارتفعت زاوية شفاه الأطول قامة حالما أدركت عقله تلك الرائحة بابتسامةٍ تكاد لا تُلحظ
تعجّب الباريستا من ردة فعل القمحي، لأول مرة يشهد تعبيرًا عدى ملامحه الباردة "هل من خطب ما؟"
أطلق العنان لفظوله ما إن طرح سؤاله،
في الحقيقة لم يكن ينتظر ردًا فلم يعتد على سماع صوت القمحيّ كثيرًا على أيّ حاللكن القمحيّ أثار تعجب الباريستا بإجابته "العطر"
لم يفهم ما كان يعنيه عقد حاجباه متسائلاً عما يقصده"ما كان مختلفًا في الأمس عطرك؛ لقد قمت بتغييره"
ذلك لم يكن سؤالاً فقمحينا كان واثقًا بجُرم ذلك الباريستاكلماته جعلت الباريستا يرتبك هل كان يلاحظه لدرجة معرفته برائحة عطره ! لم يُدرك قط كم لاحظ هذا القمحيّ منه
همً بالرحيل لكن استوقفه حديث القمحيّ
"لا تستعمل عطرًا؛ أُحب رائحة الفانيليا المُنبعثةُ منك"لم يكن غريبًا ولا مألوفًا حتى، لم يشعره ذلك بالإنزعاج بل شيءٌ مبهم اجتاح جوارحه تلك الرعشه التي اعترته لم تكن استهجانًا بل شيءٌ عجزَ عن تفسيره.
-اتمنى تستمتعوا وآسفة عالاخطاء🙏🏼💖

YOU ARE READING
EASTER: Cross Roads | آستِر: مفترق الطرق
Fanfic-مُسهباً بسَوادِي أَنا؛ كُنت أنتَ بُقعةَ الضُوءِ الوَحيْدة فِي مُحيطيَ الفَارِغ -الروايه عن فيهوب وما فيها اي كوبل ثانوي -⚠️الروايه دىمويه وفيها عىْف كثير فما انصح اللي ما يتحملوا ذي الاشياء يقرأوها