الفصل السابع.

10 1 0
                                    

ظل واقفًا أمام غرفتها يضحك على إنه إستطاع إستفزازها، يلتفت ليجد "أرسّلان" واقفًا يضع يداه في جيوب بِنطاله، ليسأله "عامر" باستغراب:
-ماهذا؟ لماذا تقف هكذا؟
إبتسم "أرسّلان" إبتسامة خفيفة وهو يجاوبه:
-إستمع يا "عامر"  ، أعلم إنك تقلق على إبنة خالتك كثيرًا، ولكن هذا القلق ليس له داعي، فهي مساعدتي على كلّ حال، لن يستطيع أحد إيذائها.

حدّث "عامر" نفسه داخليًا وهو يقول "أنا لا أخاف عليها من أحدًا سواك، لأن قلبها معكَ أنتَ".

أومأ"عامر" برأسه وهو يجاوبه:
- بالطبع لا يستطيع أحد أن يأذيها، وإن فعل أحدهم، سأقتلع عيناه من مكانهمَ.
تركه وغادر بينما يقف "أرسّلان" يشعر بالغضب قليلاً وبالاستغراب من طريقة حديثه معه.

في اليوم التالي كانوا مجتمعين على مائدة الطعام، يتناولون الغداء ليتحدث "أرسّلان" موجهًا حديثه نحو "سالي"  :
-إستعدي بعد تناول الغداء يا "سالي" فستأتين معي إلى مكانٍ ما.
لتجاوبه "سالي" مسرعة بسعادة:
-ماذا  ؟ حسنًا.
تحت نظرات "عامر"  و "ضياء"  و "رُقية" الغاضبة، ليتحدث "عامر" ببرود:
-سوف أأتي معكم أيضًا
لينظر إليه "أرسّلان" باستغراب، بينما لم تنظر إليه "سالي" من الإساس لأنها غاضبة منه.

بعد الإنتهاء من الغداء صعدوا ثلاثتهم بالسيارة، متوجهين نحو المكان الذين يريدونه، كانت السيارة من النوع القديم جدًا والذي يكون عبارة عن عربة خشبية وكان سائقها من أحد حراس "أرسّلان" ، نظرًا لإن تلك المدينة من المفترض بإنها من حقبة زمنية منذ مئات السنين، لذلك كل شيء بها قديم وكلاسيكي.
توقفوا بالعربة على الطريق، ثم أكملوا الطريق بالمشي، ليتحدث "أرسّلان" موجهًا حديثه نحو "سالي"  :
-اليوم هو اليوم الذي أذهب إليه للرماية بالقوس، ولكن اليوم سأتنافس مع شخصٌ ما، من المفترض بأننا بيننا صفقات سنشتري من مزرعته بعض الخضروات والقمح، ولكنني نوعًا ما لا أثق به، لذلك وحين نحنُ نلعب ونتحدث أريدك أن تقرأي أفكاره، وتعلمي نواياه تجاهي.
أومأت "سالي" برأسها بصمت، حين دخلوا إلى مكانٌ ما يشبه الغابة، يستقبلهم رجلاً ما سمين وقصير، ووجهه يشع منه الخبث قليلاً، عرفته "سالي" فورًا فهو يدعى "زاهر" يمتلك مزرعة بالمدينة ومن المفترض بأن في الرواية سيبيع إلى "أرسّلان" بعض الأطعمة الفاسدة، ولكن سيقتله "أرسّلان" لأنه إستهزأ به بفعلته هذه، إتسعت عينان "سالي" حين تذكّر ذلك المشهد الذي كتبته في الرواية، كانت تستغرب قليلاً من ذلك المشهد، خصوصًا بأنها ستراه أمام عيناها.
بدأوا "أرسّلان" و "زاهر" بالتنافس، وكانت تنظر "سالي" إلى "أرسّلان" بكُل حُب وهو يرمي بالقوس، فكانت مُتيَّمة بحركاته، وتركيزه في اللعب ووسامته وهو يلعب، بينما "عامر" كان يشاهدها وهي تنظر له باشمئزاز، بسبب الحب الواضح عليها.
لتنتهي المباراة بفوز "أرسّلان" ثم بدأوا يتحدثون عن الصفقة، ليأتي بعدها "أرسّلان" إلى "سالي" يسألها عن نوايا "زاهر".
لتنفي" سالي" برأسها وهي تحدّثه بلطافة:
-بالطبع إنه سيء  ! يريد أن يبيع لك صفقة فاسدة  !
أنهت حديثها بإبتسامة مشاغبة، ليبتسم "أرسّلان" على لطافتها، ثم يتجه ثانيًا نحو "زاهر" الذي ظل يسأله عن رأيه بالصفقة، ليبتسم "أرسّلان" بسخرية وهو يجاوبه:
-عذرًا، نحنُ لم نعد نحتاج للخضروات بعد الآن  ! فـ بطون سُكان المدينة حساسة جدًا تجاه الأطعمة الفاسدة.
صُدم "زاهر" عندما عِلم بأن نواياه كُشِفت، ليتبع "أرسّلان" حديثه بـ  :
-ولكن في مقابل فشل صفقتنا، سأعطيكِ هدية.
ليمسك "أرسّلان" بالقوس ويوجّهه نحو قدم "زاهر" ثم يطلق القوس ليثبت مكانه في أسفل قدمه، يقع "زاهر" متألمًا بينما حارسه الشخصي يحاول أن ينتشل القوس من قدمه، عادوا "أرسّلان" و "عامر" و "سالي" إلى طريقهم، وكانت "سالي" في استغراب الشديد، كان من المفترض أن يقتله، ولكن بدلاً عن ذلك فهو أصابه بقدمه فقط  ! ليقطع شرودها "أرسّلان" بحديثه:
-أرجو ألا تتأذي من الذي رآيتيه، في الحقيقة كُنتُ أتمنى بشدة قتله، لأنني أكره جدًا أن يستهزأ بي شخصٌ ما،  ولكنني جاهدت أن أمنع نفسي لأنك موجودة  ! أعلم إن الفتيات قلوبهم رقيقة جدًا.
أنهى حديثه وهو ينظر إلى أمامه في الطريق، بينما بجانبه "عامر" يقلد طريقته بصمت بطريقة مضحكة، أما "سالي" فكانت تبتسم بخجل لأنه لم يقتله فقط بسبب وجودها  !

عادوا إلى القصر مجددًا، ليستقبلهم "ضياء" و "رُقية"، يجلسون في صمت وكل شخصٌ في عالمٌ يخصه، ليتحدث
" ضياء" بنبرته الثعبانية، الذي يمثل بها دائمًا على "أرسّلان"  :
-كدتُ أنسى! "أرسّلان" غدًا يابُني هو يوم إستلام أموال الموارد المُباعه من المدينة، لماذا لا تستلمها بذاتك!
ليضع "أرسّلان" كوب القهوة الذي كان يمسكة أمامه على الطاولة، بينما يجلس بهيبة واضعًا قدم على الأخرى، ويحدّثه بثبات ولامُبالاة:
-ومنذ متى يا عمي وأنا أستلم تلك الأموال  ! فأنتَ تعلم بأنني تارك كل تلك الشئون لكَ.
ليبتسم "ضياء" إبتسامة صفراء خفية، تلاحظها "سالي"، ثم تتلاشى وهو يعود إلى نفس نبرته ليتحدث إليه:
-لا أحد يعلم كم هذه الشئون صعبة عليّ  ! خاصةً تلك الأموال الذي أستلمها شهريًا، ولكن ما باليد الحيلة  ! فهذا من أمرك يا بُنيّ.
ينهى حديثه بإبتسامة أخرى خفية، لتغضب جدًا" سالي" من طريقته الثعبانية تلك، وخداعه لـ "أرسّلان" لتفاجئ الجميع بحديثها الصاعق:
-حسنًا، وبما إني من الآن وصاعد سأكون مساعدة الأمير "أرسّلان" سأتولى تِلك الشئون   ! حتى تستريح أنتَ قليلاً يا عمي "ضياء"!
تَتسع أعيُن" ضياء" من حديثها وهو يجاوبها بتلعثم:
-لا  ! لا يمكنكِ فعل ذلك  !
لتعقد "سالي" حاجبيها تمثّل الاستغراب بينما على ثغرها إبتسامة جانبية خفيفة:
-لماذا ياعمي؟
-فأنتِ مازلتِ صغيرة على تِلك الأشياء أيتها الفتاة فقط عيشي حياتك  !
ليردف إليه "أرسّلان" بكلماته الذي صدمته أكثر:
-لا، إتركها تفعل ذلك ياعمي، أنا أريد أن تتولى "سالي" شئون المدينة من الآن وصاعد، لقد حان الوقت لتتخلص من هذا العبء الذي على صدرك  !

صمت "ضياء" بغضب وهو ينظر إلى "سالي" الذي تظهر الإبتسامة على ثغرها بوضوح، بينما "رُقية" تنظر إليها هي و "أرسّلان" بغضب أيضًا لأنها لا تشعر بإرياحية، أما "عامر" فكان ينظر إلى "سالي" بـ شك، فهو لا يعلم ما الذي تنوي على فعله تلك الفتاة.
أما "سلَّام" فكان يستمع إلى حديثهم بصمت.

ذهب الجميع إلى غرفته، لتبدل "سالي" ملابسها وتجلس على الفراش تُفكّر بما ستفعله، ليقطع شرودها صوت طرق الباب، لتجد ذلك الشخص هي "رُقية" الذي دخلت وأقفلت الباب ورائها، لتتفاجئ "سالي" بتقدم "رُقية" نحوها وتصفعها بكفها صفعة قوية، تجعل أنف "سالي" يسيل منه الدم، لتبتسم "سالي" بغضب وهي تعاود النظر إلى "رُقية" الذي حدّثتها بنبرة غاضبة:
-ماذا تريدين؟ ها  ؟ ماذا تريدين من عزيزي  "أرسّلان".
لتضحك" سالي" بهيستيرية وهي تجاوبها:
-عزيزك؟ ممكن أن أسألكِ سؤال يا "رُقية" لماذا تحبين "أرسّلان" للغاية هكذا ومازلتِ معه حتى وأنتِ تعلمين بأنه لا يحبك بتاتًا  !
جنّت "رُقية" من كلماتها لتردف إليها بهوس شديد:
-ما، ماذا؟ ماذا تقولين؟ إخرسي  ! "أرسّلان" يحبني بشدة، بَل إنه مُتيَّم بي، من أنتِ حتى تقولين تلك الكلمات التافهة؟
لتتنهد "سالي" قبل أن تجاوبها:
-لا  ! تلك ليست الحقيقة  ! فتلك هي الأوهام التي صنعتيها في خيالك المريض وحاولتِ إقناع نفسك بها، ولكنكِ تعلمين جيدًا بأنه حتى لا يطيق أن يراكِ  ! إسمعي يا "رُقية" أنا لا أحمل أيّ نوايا سيئة تجاهك أو تجاه "أرسّلان"، فأنا هُنا لأجل عمل أريد إنهائه، وعندما أنتهي منه سوف أعود إلى دياري.
أنهت كلماتها وهي تذهب نحو الباب تطلب منها الخروج:
- والآن إذهبي لغرفتكِ أرجوكِ.
نظرت إليها" رُقية " بغضب قبل أن تتركها وتذهب، لتغلق "سالي" باب الغرفة وهي تنظر إلى ذلك الدم السائل من أنفها.

مَدينة أرسّلان  || رنَـا محمود. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن