مرّ بالفعل اسبوع على طلب "أرسّلان" للزواج من "سالي" ، في المساء كانت تقف بالمطبخ مع الخَدم، تشاركهم الطبخ، وتتحدث معهم ويتبادلون الضحكات، ليدخل إليهم "أرسّلان"، يتوترون الخدم ويقفون جميعهم باعتدال واحترام للأمير.
ليبتسم إليهم وهو يوجّه حديثه نحو " سالي" :
-هل يجوز للأميرة المُستقبلية الوقوف بالمطبخ هكذا وأن تتعب نفسها؟
حدّقت به بصدمة، ثم طلب من الخدم أن يتركوهم لـ لحظة، وبالفعل خرج الجميع وبقىٰ هو وهي بالمطبخ، لتبدأ هي الحديث وهي تتلعثم:
-ما الذي قُلته؟ الأميرة المُستقبلية؟ أنا لم أوافق بعد.
ليبتسم بثقة وهو يقترب بخطواته لها، رابطًا يديه ببعضهما وواضعهم خلف ظهره:
-ولكنكِ ستوافقين ! حتمًا ستفعلين، والآن أكدي لي ذلك، واخبريني بجوابك !
تعالت ضربات قلبها، فأردفت إليه بعدما ابتلعت ريقها بتوتر:
-حسنًا، فأنتَ مُحق! أنا موافقة.ابتسم بسعادة وهو يقترب بخطواته لها أكثر ليصبح واقفًا أمامها تمامًا:
- لا تخافي من المُستقبل من الآن وصاعدًا، ولا تكترثي لأي حديث مُشابه لحديث عمي، لا يهمني ما الطبقة الذي أتيتِ منها، ولا يهمني كيفَ كانت عائلتك، لا يهمني شيء سوى أن تكوني مِلكي يا "سالي"!
ابتسمت له تلقائيًا على كلماته المعسولة، ولكنها لم تصمد كثيرًا تلك الابتسامة، فنظرت وراءه بعدما لفت نظرها
" عامر" الذي يقف مختبئ وراء الحائط ويظهر نصفه فقط، وينظر لها بغضب، كانت وقفته المختبئة تلك، ونظرته معًا مضحكون للغاية، فابتلعت ريقها بعدما لاحظته واستأذنت من "أرسّلان" وغادرت على الفور.
كانت ذاهبة لغرفتها ولكنها استمعت لحديث "ضياء" مع "سلَّام" وهو يخبره بأن العربة موجودة بالأسفل، فعلمت بأن "ضياء" سيذهب لرؤية "أبسم" أمير المدينة المجاورة، والذي يريد تحطيم "أرسّلان" بمساعدة "ضياء".
اتسعت أعيُن " سالي" فور سماعها ذلك، ظلت تمشي خلفهم دون أن يشعروا، ثم بغتة تجد يد أحدًا ما تسحبها من ذراعها، تلتفت بصدمة لتجده "عامر"، ليسألها بغضب:
-ماذا تفعلي؟
أخبرته" سالي" عن ما يدور:
-حسنًا، وما الذي تنوين على فعله؟
-ماذا تقول؟ بالفعل سأذهب وراءه وسأأتي بدليل يثبت كلامي، أن "ضياء" يريد تحطيم "أرسّلان" وأنه متحالف مع "أبسم"، عقد" عامر" حاجبيه وهو يسألها بجدية:
-ما الذي تتفوهين به؟ هل تعتقدين الأمر بهذه البساطة؟
تنهدت قبل أن تجاوبه:
-بهذه البساطة أم لا، لا يهمني، يجب أن أفعل ذلك حتى نتمكن من العودة ! لا بأس بالقليل من المخاطرة !
ظل ينظر إليها طويلاً، وهو يُفكّر بحديثها، ثم أمسك بيديها بثقة:
-حسنًا لنذهب سويًا !
وبالفعل عادوا إلى مكان العربة الذي سيذهب بها "ضياء" كان بالخلف مكان ما يضعون به الأمتعه، او الحقائب، كما أنه ينسدل عليه سِتار طويل، فذلك هو المكان الذي صعدوا به" سالي" و "عامر" .
وبالفعل بعد مدة بسيطة صعد "ضياء" وبالأمام "سلَّام" يقود العربة، مرّ الكثير من الوقت وهُم بالطريق، فتلك المدينة بعيد للغاية عن مدينة أرسّلان، بعد الوصول تأكدوا بأن "ضياء" و "سلَّام" دخلوا بالفعل، فنزلوا هم الآخرين ولكنهم كانوا متعبون للغاية من تلك الجلسة المتعبة الذي جلسوها طويلاً، أخبرها "عامر" بأن تمشي خلفه وألا تصدر أي أصوات، وبالفعل ظلوا يتسحبون حتى نجحوا في التوارى عن أنظار الحرّاس واستطاعوا الدخول للقصر، صعدوا للأعلى ليجدوا الغرفة الذي يتحدث بها "ضياء" و "أبسم" عن خططهم، وعلى باب الغرفة كان يقف "سلَّام" وأحد حرّاس "أبسم".
لينظرون" سالي" و "عامر" لبعضهم البعض، ليسألها "عامر " :
-ولنفترض بأننا نجحنا في رؤيتهم، كيف ستأخذين دليل ل "أرسّلان" !
ابتسمت "سالي" وهي تضع في يدها في جيب المعطف المعطف الذي كانت ترتديه، وتريه كاميرا متوسطة الحجم ولكنها كانت من عالمهم ! فصُدم "عامر":
-ماهذا؟ أهذه كاميرا من عالمنا؟ كيف جلبتيها هنا ومتى؟
-إنها من منزل العم" راشد"! فأنتَ تعلم، العم "راشد" هو الوحيد الذي موجود بين العالمين، وفي منزله فقط تلك الأشياء الحديثة، لذلك في آخر مرة كنا هناك، طلبتها منه لتلك اللحظه التي نحن بها، وإعطاني إياها !!
أومأ "عامر" برأسه وهو مندهش من ذكائها.
وبعد مدة ذهبوا ذلك الحارس و "سلَّام" للأسفل، فتسحبوا "عامر" و "سالي" بخفة، ووقفوا مختبئين عند باب الغرفة، وبدأت "سالي" في إلتقاط بعض الصور لهم بالفعل، وهم يتحدثون ويضحكون، وبعد إنتهائها، ابتسمت بسعادة وهي تحدث "عامر" بينما تتفحص الصور:
-تلك الصور كافية اليس كذلك؟ أتمنى لو إنني جلبت مُسجل صوت أيضًا.
ولكنها استغربت من عدم رده، فأدارت وجهها لتتسع عيناها فور رؤيتها "عامر" واقعًا بالأرض مغشي عليه، أثر ضربة على رأسه من قبل "سلَّام" الذي كان يقف خلفها هو والحارس الآخر، ابتسم لها "سلَّام" ابتسامه مخيفة وهو يحدّثها:
-مرحبًا يا "سالي" أتمنى رحلتكم كانت مُريحة!!
فنظرت له بغضب بعدما علمت بأنهم كانوا يعلمون بوجودهم معهم، وكل ذلك كان فخ ليس إلا، للإمساك بهم، كانت ستصرخ ولكن على الفور "سلَّام" كتم فمها بيده بينما يوجه نحو عنقها سكينٌ حاد، لتجد "ضياء" و "أبسم" يخرجون من الغرفة، يحدّثها "ضياء" بابتسامة مستفزة:
-أكنت تعتقدين بأن الإمساك بي سهل للغاية حتى يتمكن طفلين مثلكم الإمساك بي؟
كانت "سالي" تنظر له بحقد وكره ليتبع الآخر حديثه:
-خَسئتم !! فلن يستطيع أحد على إيقاقي للحصول على المدينة وقتل "أرسّلان"، نعم أسف أقصد إبن أخي العزيز !
ضحك هو و" أبسم" على كلماته، بينما "سالي" تجمعت في عيناها الدموع بسبب غضبها، ليوجّه "ضياء" الحديث نحو "أبسم" :
- أريدك أن تحتفظ بتلك الحشرتين هنا، حتى أطلب منك التخلص منهم يا "أبسم" !
ليومأ له "أبسم" بابتسامة:
-كما تريد ياصديقي !
لم تشعر "سالي" بنفسها إلا وهي تتلقى ضربه على رأسها هي الأخرى وتفقد الوعي.في قصر "أرسّلان" خرج من غرفته متجّه نحو غرفتها، ولكنها لم تجيب، ففتح الباب لم يجدها، عقد حاجبيه باستغراب، دلف للأسفل يبحث عنها ولكن لا يوجد لها أثر، نادى على أحدى الحراس يسأله عنها لكنه أخبره بأنه لم يراها، ظل واقفًا مشوَّش وفي حيرة، يتسائل أين ذهبت، لتأتي له "رُقية" بابتسامة نصر:
-ماذا؟ هل تركتك للتو؟
نظر لها الآخر بنظرة حادّة إستطاعت أن تصمتها دون أن يتفوَّه بحرف واحد، ليدخل إليه "ضياء" على الفور يسأله "أرسّلان" :
-عمي؟ هل رأيت "سالي" بأي مكان؟
تنهد "ضياء" وهو يجلس على الأريكة:
-في الحقيقة لا أدري ماذا أقول لك يا إبن أخي ! إن الأمر مؤسف حقيقي.
جلس أمامه "أرسّلان" وهو يسأله بعدم فهم:
-ماذا تقصد؟
نظر إليه "ضياء" وفي عيناه السعادة الشديدة:
-لقد رأيتها منذ قليل بالفعل ! ولكنها لم تكن وحدها ! بل كان معها "عامر" إبن خالتها، وعندما سألتهم أين سيذهبوا، دفعتني "سالي" بشدة وهي تخبرني بأنها لا تحبك ! وهي تحب "عامر" وسيتزوجون، وطلبت مني أن أقول لكَ بأنها لم تحبك على الإطلاق وألا تبحث عنها .
وقف "أرسّلان" بصدمة على ملامحه:
-ماذا تقول ياعمي؟ هذه بالتأكيد لم تكن "سالي"!
ليقف أمامه" ضياء" :
-هل سأكذب عليك يابُني؟ بل كانت هي بالفعل.
ضغط "أرسّلان" على أسنانه بقوة، ثم نادى على جميع الحراس، وأخبرهم بأن يقلبون المدينة رأسًا على عقب حتى يستطيعون العثور عليهم، ثم تركهم وذهب إلى غرفته وهو يشتعل غضبًا، لينظر "ضياء" على إبنته، وفي عيناهم السعادة الشديدة.
أنت تقرأ
مَدينة أرسّلان || رنَـا محمود.
Fantasyأحيانًا يرغمنا واقعنا المُر لأن نَلقي بأنفسنا في بحور الخيال، لتبحَر بِنا الرياح إلى أبَعد مدىٰ حيث -خط الأفق- ولكن ماذا إذا في لحظة واحدة بغتةً نجد أنفسنا بداخل هذا الخيال نعيشه واقعًا بكُل تفاصليه؟ هل سيكون مُمتع كما كان في مُخيّلتنا؟ أم إننا فَ...