الرحلة

490 18 0
                                    

صياح واهتياج و وضع متأزم فقد انتشرت الاخبار بين الناس ان قطعان من النمور المتوحشة قد اجتاحت البلدة تهاجم بشراسة كل ما يصادفها كانت ترانيم مرتعبة وهي تحث الخطى للعوده نحو بيتها والى جوارها كانت طفلة تسير معها نظرت الطفلة لترانيم وقالت« ارجوك ساعدي اختي انها في بيتها مع اطفالها» عادت ترانيم لذلك البيت وهي تحاول تحذير الاخت الكبرى من هجوم النمور لكن الاخت كانت منشغله باعمالها المنزلية، وبين شد وجذب اجبرت ترانيم في النهاية الاخت على مغادرة بيتها والتوجه نحو بيت عائلتها مع اطفالها لم يبتعدوا كثيرا حتى صادفتهم مجموعه من النمور التي كشرت عن انيابها وزمجرت شعرت ترانيم بالخوف وطلبت العوده والاحتماء ببيت الاخت الكبرى لكن احد النمور انفرد عن القطيع ووقف مجابها لقطيعه كأنه يدافع عنها شعرت بالخوف الشديد لكنها استغلت وجود النمر لاكمال طريقهم نحو البيت وكان النمر يسير معها كحارس شخصي يحميها وكان يهاجم كل نمر يقترب منها ما ان وصلت للبيت حتى حاولت التهرب منه لكن دون جدوى ودخل النمر البيت معها، عندها استيقظت مفزوعه وهي تتلفت حولها لم يكن ذلك الكابوس الوحيد من نوعه، فقد اعتادت على رؤيه الكوابيس منذ ان بلغت الحاديه عشر من عمرها استيقظت متعبه متثاقلة والالام في انحاء جسمها كان عربه اصطدمت بها نهضت بعد مضي وقتا طويل و رتبت سريرها بعد ان سرحت شعرها نظرت في غرفتها لتجد مراه معلقه شعرت بغيظ كبير وانتزعت المراه بسخط والقت بها خارج المنزل ثم عادت للداخل، كانت رحمة في المطبخ حين سمعت صوت ترانيم الغاضب « لقد اخبرتك مرارا وتكرارا اني لا اريد مرآة في غرفتي لا اريد، توقفي عن تعليقها فقط توقفي»
« لا اعرف سبب رفضك للمرآة كيف ترتبين شعرك؟ كيف تنظرين لوجهك؟»
«لا ارييد» صرخت ترانيم ودخلت غرفتها واوصدت الباب خلفها بقوة،
بقيت رحمة في حالة هيجان كأنها فقدت السيطرة ولا تعرف كيف تتعامل معها،
كانت ترانيم تدور في دوائر في غرفتها بغضب
اقترب ليل منها نظرت له قليلا ثم احتضنته باكية وهي تقول « ليل لا اعرف ماذا افعل، هل عليّ ان اخبر امي؟ لكن ماذا لو اصابها سوء؟ ماذا لو لحق بها الاذى بسببي؟ اعلم انها ستفعل ما بوسعها لحمايتي لكن هذا سيعرضها للخطر،» تنهدت وهي تحاول ان تجمع قوتها ثم جلست قليلا تحدق بعينيه البنية « ليتني كنت طيرا» ادارت وجهها نحو النافذة تراقب حركة الغيوم «كنت سأطير بعيدا، بعيدا عن الناس عندها ربما لن يهتموا للون عينيّ، عندها سأكون بخير وربما اكون بأمان» احتضنته مجددا قبل ان تسمع صوت طرق على الباب وضوت امها تناديها « ترانيم، هل تسمعيني، ترانيم»
«ليل ماذا لو هربت من هنا هل ستكون امي بخير؟»
«ترانيم، هل انت بخير؟»
«اجل امي، انا بخير»
«هيا تعالي وتناولي فطورك»
«حسنا، قادمة»
نهضت وانظمت لامها لمائدة الطعام جلست بهدوء ونظرات امها تراقبها
« امي، لماذا عيني مختلفتين؟» قالت بهدوء وطغى الحزن على صوتها
تنهدت رحمة طويلا « لا اعرف يا بنيتي، لكن ما اعرفه ان الرب لم يخلق شيئا عبثا، لا اعرف لكن قد تكون لك قصة مميزة ومختلفة كعينيك، حتى ذلك الوقت عليك ان تعيشي حياتك كما هي»
«وانت ِ؟»
«انا ماذا؟»
« كيف تعيشين حياتك؟»
« بسعادة، فوجودك لا يضفي لحياتي غير السعادة»
بالكاد سيطرت على دموعها وتناولت لقمتين ثم نهضت
رحمة «الى اين؟ انتِ لم تأكلي شيئا!»
«لقد شبعت»
و دخلت للحمام تغتسل، كانت رائحة الصابون منعشة وقد منحها الماء الدافئ شعورا جيدا اغمضت عينيها مستمتعة بلحظة الرخاء تلك حتى شعرت بتيار هواء بارد يمر على جانب وجهها الايسر كأن احدهم ينفخ عليها، فزعت وفتحت عينها وهي تحاول رؤية من يكون لكن الصابون دخل عينيها جعل الرؤيا مشوشة حاولت سريعا التخلص من الصابون وهي منكمشة على نفسها وقد ابتعدت عن مكانها الاول ثم تلفتت حولها كان الحمام فارغا لكن شعورها بأنها ليست لوحدها يسيطر عليها تماما انهت حمامها وعينيها مفتوحه وخرجت بسرعة كالعادة،،
دخلت غرفتها مرعوبة لتدخل نوبة بكاء فشعور كونها منتهكة ليس امرا سهلا،،
مرت الايام ولم يكن هناك اي تحسن بل كانت الامور تزداد سوءا لطالما صحت في الليل لشعورها بأحدهم ينام قربها في البداية كانت تظن انها رحمة لكن حين تستيقظ لم تكن تجدها، واحيانا احدهم يشد غطائها بقوة لتستيقظ وتجد الغطاء مرميا بعيدا عنها و كالعادة لا احد في الغرفة، و تكررت مشاهدتها لشخص اسود او ابيض في زوايا بيتها وغرفتها وحين تحقق النظر تجده قد اختفى،،
اما كوابيسها فقد جعلت من النوم امرا مرهقا، كأن النوم بحد ذاته فترة تعذيب نفسي، غالبا ما كانت تستيقظ فزعه تصرخ احيانا يصل صوتها لرحمة التي تسرع لتوقظها واحيانا يكون صوتها مكتوما و يبقى رجائها ان تنجدها رحمة وتوقظها، اصابها الارق واصبح النوم بالنسبة لها حلم صعب المنال حتى انها تغبط الطيور والحيوانات حين تراها نائمة،،
في كل مرة تحاول رحمة ان تجعلها تخبرها بما تعاني لكن خوفها على امها كان اكبر من الرعب الذي تعيشه ففكرة ان تتعرض رحمة للخطر يجعلها تدخل نوبة بكاء،، فقدت شعورها بالجمال، وشغفها بمراقبة الطيور والغيوم ونادرا يجتذب اهتمامها شيء ما وسريعا ما تفقد ذلك الاهتمام، بدا العالم حولها كأنه يتداعى ولم تكن تبدي اي اهمية لما حولها ،،،،
في مكان اخر، كان صياد قارب الستين من عمره بشعرٍ ولحية بيضاء وندبة على وجهه مكونه من اربعة خطوط عميقة تدل على تعرضه لهجوم شرس يتجول في الارياف والقرى النائية باحثا عن سيدة وحيدة وطفلتها العمياء،،،
في بلدة زراعية انتشر الرعب والخوف فيها بعد اختطاف سبعة وعشرين طفلا وطفلة، حيث اصبح الاهالي يعودون قبل مغيب الشمس لبيوتهم ولا يبتعد الصغار عن منازلهم وكثف الاهالي احتياطاتهم لمحاولة حماية ابنائهم المستمرين بالاختفاء دون اي اثر،كانت قطة بيضاء جميلة وعينين كل واحدة بلون مختلف تتمايل امام صغيرة وتموء بصوت محبوب ونظراتها مركزة في عيني الطفلة، سارت القطة ودخلت للزقاق خلف البيت، تبعتها الصغيرة ببرائة وما ان دخلت الطفلة الزقاق حتى سمعت امها صرختها،اسرعت الام نحو الزقاق المغلق لكنها لم تجد غير دبوس شعرها على الارض،،،
فتحت الصغيرة عينيها،كانت معلقة من رجليها بسلسلة لسقف الكهف ، جالت بنظرها تتفحص المكان كان كهفاً مضائا بشموع حمراء انتشرت فيه رائحة عفنه انبعثت من تكدس جثث اطفال من كلا الجنسين لا يتجاوزون السابعة من اعمارهم، جثث تكدست فوق بعضها بعد ان أُخذت اجزاء من اجسادهم وهم احياء، بكت مرتعبة مما هي فيه ، تقدمت سيدة في العقد الرابع من عمرها وهي تقول « لقد استيقظت يا سيدتي، هل نبدأ ؟»
ظهرت سيدة بشعر رمادي و عبائة زرقاء مسودة من الظلام من احدى جهات الكهف وهي تحدق بالطفلة
«اجل، افعلي»
اقتربت السيدة الاربعينية و بيدها سكين طويلة ورفيعة وغرزتها عميقا في عنق الطفلة قاطعة شريانها، تدفق الدم بغزارة و تجمع في اناء وضع تحتها على الارض ، فصرخت الطفلة من الالم، غضبت ذات الشعر الرمادي وصرخت بمساعدتها « ألم تتعلمي بعد ايتها الغبية» و وضعت يديها على اذنيها منزعجة من صوت الصغيرة، سارعت السيدة الاخرى ووضعت يدها على فم الطفلة تكتم صوتها وهي تردد
«انا اسفة، انا اسفة يا سيدتي»
ردت ذات الشعر الرمادي « اخطائك تتكرر كثيرا يا سناء، وقد ضقت ذرعا بك»
ارتعبت سناء واقتربت من ذات الشعر الرمادي وركعت عند قدميها تطلب الصفح « أنا آسفة يا سيدتي آسفة اعدك انني لن اكررها ارجوك اصفحي عني»
نظرت لها المرأة بغضب و اشمئزاز وقالت وهي تسحب عبائتها من يدي سناء « هيا ابتعدي ، يجب ان ابدأ التعويذة بسرعة، يجب ان يكون القلب نابضا لتنجح التعويذة» تقدمت سناء و وقفت قبالة الطفلة المعلقة ووضعت سكينها على صدر الصغيرة التي ربما عرفت ماذا سيحدث لها ادارت نظرها نحو كومة الجثث وقد تعرفت على بعضا من اصدقائها من اطفال الحي المختفين بقيت تراقبهم ودموعها تتقاطر ثم شهقت تجمد جسدها من الألم وهي تسمع صوت قطع اللحم وتكسر الاضلاع، ثم بطرف عينها رأت قطعة مدماة تنبض بيد سناء قبل ان تنعدم الرؤيا للابد،، غرست غيداء سبابتيها واقتعلت عيني الطفلة من محجريها
استدارت سناء وهي تحمل القلب النابض بحذر وسلمته لسيدتها التي جلست على الارض و رسمت حولها نجمة بالدماء المتساقطة من تلك الطفلة وضعت على رؤوسها شموع حمراء وسوداء نظرت للقلب النابض وقالت « بقلب الاحياء وعيون الموتى سنرى الطريق لها » ونظرت لخادمتها وابتسمت بادلتها سناء بأبتسامة وأعادت غيداء النظر للقلب وضعته على فحم متقد امامها ورفعت العينين ووضعتها امام عينيها كأنما تنظر من خلالهما نحو القلب وكررت بهمس خفيض
«مجھے اس کا راستہ دکھا، مجھے اس کے دل کا راستہ دکھا»*١
«مجھے اس کا راستہ دکھا، مجھے اس کے دل کا راستہ دکھا»
تحولت عينا غيداء للون الابيض لثواني فقط ثم ابتسمت بفرح وقالت « لقد وجدتها، لقد وجدت الوريثة»،،،
********************
*١ « ارني الطريق اليها، ارني الطريق لقلبها»

صياح واهتياج و وضع متأزم فقد انتشرت الاخبار بين الناس ان قطعان من النمور المتوحشة قد اجتاحت البلدة تهاجم بشراسة كل ما يصادفها كانت ترانيم مرتعبة وهي تحث الخطى للعوده نحو بيتها والى جوارها كانت طفلة تسير معها نظرت الطفلة لترانيم وقالت« ارجوك ساعدي ...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
طفلة الشيطان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن