انتشر خبر المرأة الميتة كالنار في الهشيم في البلدة و رغم ان الطبيب عاصم اكد ان القاتل حيوان ذو مخالب لكن الامر لم ينتهي، فهوية المرأة لا زالت مجهولة، وما اثار الريبة اكثر الجروح على ذراعيها، بقي عاصم يقلب بيديها كثيرا والحيرة مسيطرة عليه شعر بالارهاق والتعب وغادر المشرحه، جلس قريبا من باب المشرحه و مسح على وجهه بتعب،
« هل انت بخير؟»
«امم»
« حسنا، ماذا لديك لتخبرني عن المرأة المجهولة؟»
« لا شيء جديد، ما قتلها مفترس ما»
« هذا فقط!؟»
انزل يديه و حدق في الفراغ امامه بتركيز يجمع شتات افكاره، ثم التفت ونظرة الجدية تعلو وجهه وقال « اسمعني يا لؤي، تلك المرأة خلفها سرٌ كبير، وخلف مقتلها سرٌ اكبر»
شعر لؤي بالحيرة وتسائل « ماذا تعني؟»
«هل رأيت حيوان مفترس يهاجم فريسته بمخالبه من قبل؟»
نظر لؤي للارض امامه وقال « لا اخفيك سرا، هذا ما أثار حيرتي لكني لم افصح امام الاهالي، لا اريد اخافتهم اكثر»
« انت محق فالاوضاع سيئة بما يكفي،اما بخصوص المفترسات فغالبا ما تهاجم فرائسها بأطباق افكاكها وغرس انيابها في اعناق فرائسها، ثم تقتات عليها، اما هذه السيدة الغريبة ما ذبحها هي ضربة مخالب ولم تفقد جزءا من جسدها» ثم نظر للضابط لؤي واردف « ولا قطعة صغيرة»
اخرج الضابط غليونه و اشعل فيه النار وهمس
«هذا غريب فعلا!»
اكمل الطبيب عاصم « لقد وجدت آثار غريبة على جسدها»
امسك لؤي بغليونه و قلص عينه متسائلا « آثار!؟»
هز الطبيب رأسه واكمل « هناك جروح بأطوال متساوية على كلا ذراعي السيدة» واشار بأصبع يده يخط به على ذراعه الاخر « وحسب تفحصي لاخر جرح انه عميق كفاية لجعلها تنزف ربما لوقت معين او لكمية دماء معينة»
نظر لؤي امامه و اكمل « هذا غريب» ودخن غليونه ثم ابعده كأنه استدرك شيئا « هل تظنها هي من فعلت ذلك؟»
« كلا، فشكل الجروح متطابق تقريبا وهذا يعني ان من فعلها شخص واحد، و الشخص العادي لا يمكنه فعل ذلك فغالبية الناس يستخدمون يدا واحدة هذا يعني انها لو كانت هي من جرحت نفسها فستكون الجروح متطابقة على يد و مختلفة وعشوائية على الاخرى»
« قد تكون تدربت على فعل ذلك؟»
« لا اظن، ففي البداية فكرت بامر ما، هناك عدد قليل من الناس يمكنهم استخدام كلتا يديهما بنفس المهارة، ولكن بعد تفحصي لكفيها وجدت كفها الايسر اكثر خشونة من الايمن»
« هذا يعني انها تستخدم يدها اليسرى اكثر، عسراء» رد الضابط لؤي
هز الطبيب عاصم رأسه موافقا،
« اذا فان احدهم فعل ذلك بها» استنتج لؤي
« وبكامل ارادتها» صدم لؤي من تعليق الطبيب
« ماذا تقول؟»
« ما سمعته، استنادا لعدد آثار الجروح فيمكنني تخمين انها تفعل ذلك منذ سنوات عدة»
استدار لؤي بكامل جسده وقال متفاجئا «ماذا تقول يا عاصم؟!» نهض الطبيب ووقف قبالة الضابط واكمل « كما قلت لك واراهن على ما اقول بعملي، تلك السيدة جرحت لسنوات ونزفت لسنوات وبكامل ارادتها»
« كيف توصلت لذلك؟»
« ببساطة، لاتوجد آثار تقييد او تعذيب عليها، فلو حبست لظهر على جسدها تعفن او بكتريا بسبب السجن، ولو قيدت لظهر اثر القيد على معصميها»
عاد لؤي لوقفته ممسكا غليونه واسند ظهره لجدار المشرحة
« لا يمكنني تخيل ذلك، كيف تفعل هذا؟»
لكن الطبيب قال « ولأي سبب؟» وساد الصمت قبل ان يعود الطبيب للداخل ليستكشف المزيد عن تلك الغريبة، نفث لؤي دخان غليونه واتسعت عيناه كأنما تذكر امرا غاب عن ذاكرته،نفض غليونه وتحرك مبتعدا عن المشرحة ،
« سيدتي، اشعر بالشر حولك، كأن لعنة ما ترافقك، رغم اني ارى انك سيدة طيبة و كريمة»
نظرت رحمة لها بقلق وسألت « لدي ابنة، عاشت وحيدة لانها معتلة، منذ مدة رأيتها تتكلم وحدها كأنها تخاطب شخص ما و تخوض معه حوار، لكني اقسم اني لم ارَ اي احد بجوارها كانت تقف وحيدة، لكنها كانت تتصرف وكأنما تخاطب شخص وتنظر اليه، ارجوك يا سيدتي، اخبريني، اشعر ان طفلتي فقدت رشدها او تمر بحالة عقلية خطيرة»
نظرت لها ذات الشعر الرمادي وقالت « لديكِ ابنة!!؟ سيدتي، لكني لا ارى لديك اي اطفال، هل انتِ متأكدة من انها ابنتكِ؟» كانت نظرات ذات الشعر الرمادي الغريبة تدل على انها تعرف الحقيقة فعيناها كأنما تخترق جوف رحمة وتلامس قلبها وتنظر لما في داخله وتكتشف الحقائق والاكاذيب في كل جملة تقولها رحمة، ادركت رحمة انه لا مناص من قول الحقيقة « ليست ابنتي» قالت بحزن وحسرة « لقد ولدت لعائلة مزارع ولكنها ولدت معتلة»
«معتلة!!؟» قاطعتها السيدة ولا تزال ترمقها بنظرات تجبرها على قول الحقيقة، لم ترد رحمة التي توترت واكملت « قالوا عنها انها لعنة و ستتسبب بموت من حولها، لكن كل هذه السنين لم اراها تؤذي احدا ولا حتى نملة»
ارتسمت ابتسامة استهزاء على وجه السيدة واردفت وهي تغير من طريقة جلوسها « لم تريها تؤذي نملة، فقط قتلت ماهو اكبر من النملة» ما ان قالت السيدة تلك الجملة حتى تذكرت القطة البرتقالية ورأسها المهشم، فتداركت رحمة وقالت « لا لم تكن هي»
«أمتأكدة؟!»
«أجل،،،» وسكتت، فقد تكون مخطئة ماذا لو كانت ترانيم فعلا من قتلت القطة،
«لقد ربيتها منذ صغرها لذا لا الومكِ، ولكن، ليس من الحكمة ان تنجري خلف مشاعركِ التي قد تكون خاطئة، ماذا لو كانت طفلتك هي من تسببت بقتل ما حولها فعلا؟»
«لا» قاطعتها رحمة بعصبية وغضب « لا يمكن لابنتي ان تتسبب بموت اي احد، لا،، لا أظن أنها هي من قتلتها»
«قتلت من ؟»
«القطة»
«القطة!؟»
«أجل ،كان لدينا كلب وقد تعلقت به كثيرا و احبته ،لكنه اختفى فجأة ،فأحظرت لها قطة تتسلى بها»
« حسنا ومالذي حصل للقطة؟»
سكتت رحمة مطولا قبل أن ترد أخيرا ،،«لقد وجدتها هذا الصباح مقتولة ببشاعة ، لكن لا يمكن ان تكون ترانيم من فعلتها»
«اذا ماذا تعتقدين ؟هل هناك شخص اخر ؟» ردت بسخرية، لكن، تذكرت رحمة الليلة السابقة حين رأت شابا ابيض البشرة طويل القامة بعينين بنية ونظرات مرعبة كان يحدق بها من خلال نافذة المطبخ ،
«قد يكون شخصا آخر، اعني لابد أنه شخصا آخر»
نظرت لها ذات الشعر الرمادي وتسائلت بتوتر « من ؟ من يكون ؟ هل رأيت احدهم او شيئا ما ،اخبريني ؟»
ارتبكت رحمة قبل أن تجيب «كان يشبه كثيرا فتى فقد منذ مدة في البلدة، لكنه بدا اكبر عمرا وايضا كأن بداخله شرٌ عميق»
تمتمت ذات الشعر الرمادي بقلق « اي فتى تقصدين؟»
«ناثانيل»،،،
«امي،، امي»
انتبهت رحمة من سرحانها وهي تتذكر زيارتها لذات الشعر الرمادي بالامس
«ما الامر؟»
« هل حدث مكروه؟»
«مكروه!؟»
«اجل» وبان الحزن على ملامح ترانيم « كلما مرة اراك بهذه الحالة اعلم انك لست بخير او حدث شيئ سيئ»
اطرقت رحمة رأسها بقلق مكبوت و امسكت بملعقتها وعادت تأكل « لا، لم يحدث شيء انا بخير فقط متعبة»
« اين ذهبت بالامس؟»
« للبلدة»
« هل ذهبت للسوق؟»
« كلا»
« متى ستذهبين؟»
وضعت ملعقتها بعصبية في صحنها و تكلمت بغضب
« ما كل هذه الاسئلة يا ترانيم؟ لقد بدأت تصبحين مزعجة» ونهضت من الطاولة بعد ان دفعت كرسيها بقوة ودخلت غرفتها، صدمت ترانيم بردة فعل امها فلم تعتاد على ان تعاملها بهذه الطريقة قط، اطرقت راسها ثم نهضت تنظف المائدة،،
تقلبت في فراشها لمدة تحاول ان تفهم سبب عصبية امها اليوم دون جدوى، نهضت بعد ان تمكن الملل والقلق منها و اتجهت لغرفة رحمة فتحت الباب بهدوء ونادت بصوت هامس « امي، امي، هل انتِ مستيقظة؟»
لم ترد رحمة، اغلقت الباب و ابتعدت عن غرفة امها، وما ان سمعت رحمة صوت اغلاق الباب حتى فتحت عينيها
« هل حدث ايُّ شيءٍ غير اعتيادي سابقا؟»
تلعثمت رحمة قبل ان تجيب « الكثير،،، الكثير من القتل»
« ليس لدي غير نصيحة لكِ سيدة رحمة»
ردت رحمة متمسكة بقشة امل«ما هي ارجوكِ»
« راقبِ ابنتكِ،، راقبي افعالها،، ستكتشفين حقيقتها بنفسكِ، ولكن، ان اكتشفتِ شيئا سيئا، ماذا سيكون قرارك؟» ثم اشارت لرحمة بالمغادرة تاركة اياها في دوامة افكار وحيرة تعصف بروحها وعقلها،،
انزلت قدميها من السرير وهي تحدق امامها بأرضية الغرفة، ثم اتخذت قرارها وخرجت تتسحب بهدوء تراقب ترانيم،
خرجت ترانيم عند باب البيت وهي تراقب النجوم والقمر نصف البدر من خلال السحب المتراكمة المندفعة بقوة الرياح، كان ضوء القمر يتسلل من بين السحب بين فينة واخرى ليضيء المكان تارة و يسود الظلام تارة اخرى، وصوت البوم يسترسل لمسامعها ادارت وجهها لتهم بالدخول فلمحت الفتى يقف بين الاشجار، شعرت بالسعادة لرؤيته ولم تفكر طويلا و انطلقت بأتجاهه مسرعة، استقبلها بحفاوة وابتسامة، تحرجت قليلا ثم سألته «مالذي تفعله هنا؟»
«احرسك»
ضحكت وردت « تحرسني! ممَ؟»
« من كل ما يؤذيك» سكت قليلا وابحر في عينيها السوداء « او يبعدك عني»
شعرت ترانيم بالغرابة « لا اعرف لكن اشعر انك تغيرت كثيرا»
« للأسوء ام للأفضل؟»
ابتسمت بخجل« لا اعرف» واطرقت راسها وهي تبعد خصلة شعر عن وجهها، اقترب خطوة منها ورفع رأسها من حنكها بلطف و ركز في عينيها مطولا قبل ان يقول « اتبعيني» كان التوتر مسيطرا على ترانيم من حركات الفتى ونظراته لذا لم تفكر كثيرا وتبعته بلا اعتراض.
« الى اين نحن ذاهبين؟» سألته بعد ان قطعا مسافة طويلة بين الاشجار باتجاه ارض منحدرة بدا وكأنها سهل او وادي لم يمر بها كائن حي منذ امد طويل
توقف في مكانه متقدما عليها عدة خطوات،
« اخبريني يا ترانيم» ثم التفت نصف التفاتة« هل رأيتها؟»
«رأيت من؟ من تقصد؟»
« كوبادونا»
«كوبا ماذا؟» استغربت ترانيم ثم تذكرت « انها المرة الثانية التي تذكر فيها ذلك الاسم، اخبرني من تكون؟»
«حبيبتي» طغى الحزن على نبرته، شعرت ترانيم بضيق في صدرها عندما سمعته، وضعت يدها على قلبها واطرقت رأسها، لكنه اكمل
« لقد كانت اجمل سيدة رأيتها في حياتي، كنت عبدا فبعد ان هجم علينا جيش مملكتهم وقعت بالاسر، كنت مقيدا بالسلاسل اجر في الشوارع مع من نجى من قومي، ثم اخذنا لنباع ونشترى بكل ذل وهوان، أُخذت مع بعض الفتية لاحد القصور، امرونا بالاغتسال وارتداء ثياب العبيد بعد ان كنا سادة» كان يتكلم بأنفعال ثم فجأة هدأت نبرته «حينها رأيتها، اجل، رأيت اجمل امراة في العالم» رفع رأسه قليلا و اغمض عينيه كأنما ينظر للماضي،« كانت تقف خلف سيدتها، لكنها رأتني» ابتسم وهو يتذكر تلك اللحظات « لم استطع الا النظر لها ولعينيها، لن انسى ذلك اليوم ابدا» وفجأة تغيرت ملامح وجهه للغضب كأن شيطانا صرخ بجوفه ليوقظ كل الشر فيه « لكنها لم تقدر حبي لها، لأنني عبد» ثم التفت بغضب لترانيم « هل انا أدنى شآنا لانني عبري ؟ ما كان عليها ان ترفضني، لقد اخطأت لو انها احبتني لما حدث لها ما حدث » شعرت ترانيم بالخوف منه حينها فقط انتبهت انه اكثر طولا واضخم جسما مما كان، تقدم منها بسرعة وغضب وامسك وجهها بكلتا يديه و ركز بعينيها طويلا وهمس بعد ان عاد لهدوئه « لديكِ عينيها» حدق بها لبعض الوقت ثم ارتجفت شفته العليا بغضب ودفعها على الارض وقال بسخط « لكنك لست هي،انت لا تشبهينها» اخذت شهقاتها تعلو و هي لا تدري ما يقول او بماذا يفكر، تراجع عدة خطوات للوراء وعيناه تحدق بترانيم
« لقد رفضت حبي لتتزوج برجل اخر، لاشك انك من سلالته، لو كنتِ من سلالتي عندها كنت سأحميكِ، لكنك من نسل رجل اخر عبث مع محبوبتي، وانا لن اسمح لك بالعيش اكثر،» تقاطرت دموع ترانيم وهي تنظر له برعب « لمـ.. لماذا؟.. بمَ اخطأت انا؟،،، انا لم اسئ لك يوما؟»
هز رأسه ووقف على بعد خطوات
« لا، لم تسيئي لي ابدا لكن، وجودك بحد ذاته اساءة لي، لقد حاولت ان احبك، حاولت ان ادعك تعيشين، لكن لا استطيع، في كل مرة انظر لك ارى عينيها، عندها اتذكر خيانتها، سابقاتكِ كان قتلهن اسرع واسهل اما انت فقد عشتي اكثر منهن ، كوني ممتنة لعينيك اللتين صعبتا علي مهمة قتلك »
«ارجوك، توقف انت تخيفني حقا»
عندها صرخ بقوة « هل انت حمقاء!؟ اقول لك يجب ان تموتي وتقولين اني اخيفك، هه، يبدو انك ورثتِ منها الكثير وليس عيناها فقط»
عندها تمتم بكلمات،«باشمو اٹھو، شیطان کے بچے کو مارو»*١ عرفت ترانيم معنى ما قال، فتلك اللغة ليست بغريبة عنها، صرخت بقوة « لا، توقف ارجوك» لكنه بقي يردد تلك الجملة كثيرا، سمعت اصوات لحيوان يركض ويزمجر ما هي الا لحظات و باشمو يقف بينها وبين الفتى، تجمدت من الرعب، اخذت دموعها تنهمر وعيناها متجمدة على باشمو الدموي، حركت مقلتيها بأتجاه الفتى دون ان تحرك رأسها وهمست بصوت غير صوتها « ناثانيل، أهذا انت؟»
ارتعش ناثانيل واتسعت عيناه من الصدمة ، لكن الامر صدر لباشمو الذي رفع مخالبه ليجهز على ترانيم غير ابه بصراخ ناثانيل وهو يأمره ان يتوقف، في تلك اللحظة قفز المخلوق الاسود امام ترانيم ليتلقى الضربة عنها، زمجر الشيطانان بوجه بعضهما ودخلا قتالا شرسا بينهما، تجمدت ترانيم وهي ترى القتال الدائر عندها لمحت الطفلة ذات اليد المحترقة وما ان نظرت لها حتى استدارت الطفلة وتلاشى طيفها، نهضت ترانيم وابتعدت بتثاقل عن المكان ثم بدأت بالركض ولم تلتفت رغم رجاء الفتى ناثانيل ان تتوقف،،،،،،*
******************١: انهض باشمو، اقتل طفلة الشيطان
أنت تقرأ
طفلة الشيطان
Horrorستولد لك طفلة كأن الجمال خلق لها لوحدها،،، كان يوما صيفيا عاديا والصمت يعم المكان عدا صرخاتها وهي تعاني من ألآم الولادة حينما هبت عاصفة فجأة هاجت منها الحيوانات وما لبثت ان هدأت وعم الصمت مجددا عدا صوت الطفلة التي ولدت اخيرا..... طفلة الشيطان... ري...