الضحية

311 12 0
                                    

استيقظت رحمة في الصباح تعد الفطور كعادتها، ثم طرقت الباب على ترانيم توقظها لم ترد ترانيم  وبقيت تحت غطائها ترتجف مما عانته ليلة الامس، عادت رحمة عدة مرات وطرقت الباب لكن دونما رد، حدقت بحزن ثم تركتها وشآنها، قبل ان ينتصف النهار خرجت ترانيم وبدا الاعياء والتعب عليها ودخلت لتغتسل وغسلت ثيابها من الطين والدم العالق فيها، ومضى اليوم عاديا خاليا من اي احداث عدا الافكار التي تعصف بعقل ترانيم « المخلوق، الساحرة، الوريثة واللغة الغريبة التي تكلمت بها»  لم تحاول ان تغادر البيت ذلك اليوم لينتهي على سلام بلا حوادث، في الليل كانت تتقلب في فراشها كأنها تتوسل النوم ليمر بها نهضت من فراشها و اتجهت لباب الغرفة لكنها تذكرت ما حدث معها ليلة الامس فعادت سريعا لسريرها، وبعد صراع طويل نامت اخيرا، صراخ وصياح وجنود تهاجم مدنيين وجثث محترقة بمادة سائلة قد اذابت جلودهم ومن بين كومة الجثث نهضت طفلة واشارت بيدها المحروقة السوداء نحو ترانيم ثم تدفقت الدماء من فمها و تساقطت قطع من جلد وجهها وصوتها يردد « عودي،، عودي»  استيقظت مرعوبة ومتعبة من ذلك الكابوس، نهضت من سريرها وكان الوقت قد قارب الزوال شربت بعض الماء وخرجت لم تجد رحمة بالبيت لابد انها غادرت لتزور مريضاتها، تناولت شيئا من الطعام وهي لا تشعر بلذته، ثم خرجت تتمشى قريبا من البيت اعادت ذاكرتها لها كابوس الامس،فشعرت بالحزن الى متى عليها ان تعاني من تلك الكوابيس ما المفروض عليها ان تفعله لتعيش بسلام؟، حينها سمعت صوتا ينادي على رحمة ارتبكت فهي لم تضع عصابة العين، كانت المرأة تبحث عن رحمة فقد ضرب الطلق ابنتها وبدأت تجول حول البيت فلم يكن لدى ترانيم حلا غير ان تدعي العمى وتكلم تلك السيدة، خرجت وهي تشير بيديها امامها كأنها تستكشف طريقها و نادت على السيدة « من هناك؟  من ينادي على امي؟»
سكتت السيدة قليلا فهي ترى ترانيم للمرة الاولى وشعرت بمحبة لها وشفقة عليها تلك الجميلة ذات الشعر الاسود الطويل المنسدل حتى نهاية ظهرها وطول ممشوق وبشرة بيضاء صافية وشفاه كوردة حمراء تفتحت اوخر الشتاء في وسط الثلوج،،، للاسف عمياء عيناها البيضاء تحرك مشاعر الشفقة اكثر من مشاعر المحبة والود، فطبيعة البشر يسعون للكمال، والنقيصة وان كان ابتلاءا يجعل صاحبها محط شفقة او منبوذا وغير مرحب به في مجتمعاتهم،،،،
« من انت يا ابنتي؟»  قالت السيدة وهي تنظر لترانيم، وقفت ترانيم واستدارت نحو السيدة مدعية انها عرفت مكانها من الصوت « انا ترانيم ابنة رحمة يا سيدتي،هل من خدمة؟»
«لم اكن اعرف ان لرحمة ابنة!  حسنا اين امك يا عزيزتي؟»
«ليست بالبيت لابد انها تزور مريضاتها في البلدة»
« الا تعرفين اين بالتحديد؟»
« كلا سيدتي»
« طيب، عندما تعود امك اخبريها ان السيدة سميرة قد جاءت لها وان ابنتها عبير ستلد ، يجب ان تأتي بسرعة»
«حاضر سيدتي، سأفعل»
ذهبت السيدة و تظاهرت ترانيم بدخول البيت بصعوبة لان تلك السيدة بقيت تراقبها وهي تبتعد، ما ان دخلت حتى زفرت بارتياح فهي حقا لا تطيق الاختلاط بالناس قد ترغب بمراقبتهم ولكن ليس التحدث والاحتكاك بهم، دخلت المطبخ واعدت الطعام، في ذلك الوقت انفتح باب البيت ودخلت رحمة متعبة من الطريق رحبت بها ترانيم ثم قالت
«لقد جاءت سيدة تدعى سميرة تبحث عنك»
«سميرة!؟»  بدا القلق على رحمة، التفتت ترانيم نحوها واكملت
«لا تقلقي  لقد ادعيت العمى امامها»
اطرقت رحمة رأسها وشعرت بالراحة والحزن
« ترانيم، سامحيني يا عزيزتي لانك مجبرة على ذلك لكن تلك السيدة ثرثارة قد،،»
«لا بأس»  قاطعتها ترانيم واستدارت لتحرك الطعام « تقول ان ابنتها عبير ستلد وهي بحاجة لك»
ارتبكت رحمة قليلا
« لا بأس يا امي اذهبي، فتلك الفتاة بحاجة لك هي مولودها»
« قد تأخذ وقتا طويلا في الولادة، هل ستكونين بخير؟»
شعرت ترانيم بالخوف ربما يحل الليل وامها لم تعد بعد عندها قد يحدث معها شيئا، رغم ان رحمة لم تكن تفعل شيء لكن فقط وجودها يشعر ترانيم بالامان
«هل ستتأخرين كثيرا،؟»
«لا اعلم يا ابنتي»
« لا اريد البقاء وحدي ليلا» طغت نبرة الحزن على صوتها ولمعت دمعة في عينيها، فكرت رحمة قليلا وقالت « ما رايك؟  هل تأتين معي لبيت سميرة؟»
«لا اريد»
«ماذا اذا؟ اخبريني ماذا تريدين وسأفعل»
لم تتمالك ترانيم نفسها و قالت باكية
«لمَ لا تتوقفين عن عملك هذا؟ لمَ لا تجدين عملا اخر؟»
نهضت رحمة و احتضنت ابنتها ومسحت دموعها
«انا حقا لا اجيد عملا اخر، والا كنت فعلت، هل تظنين انه من السهل عليّ تركك وحدك وانت في هذه الحالة ؟»
ابتعدت ترانيم عن حظن امها قليلا و ركزت في عينيها وتسائلت في نفسها « هل امي تعلم بما يحدث لي»
« اعلم انك تعانين من شيئا ما، و قد سالتك كثيرا ولكنك لا تخبريني»  اطرقت ترانيم حزينة يبدو ان امها لا تعلم « لكن هذا لا يعني اني لا اشعر بك او لا ارغب بمساعدتك»
نظرت ترانيم لها واكملت « الان يا بنيتي، اخبريني ماذا تريدين ان افعل؟  أاذهب ام لا»
اطرقت ترانيم وردت بحزن « اجل اذهبي»
«وانتِ؟»
«دُليني على بيت سميرة هذه ان تأخرت عليّ سآتي لكِ»
ابتسمت رحمة وهزت رأسها موافقة، خرجت رحمة وترانيم من البيت بعد ان وضعت ترانيم عصابتها الخفيفة لترى الطريق وفعلا بعد بعض الوقت وصلتا قريبا من بيت سميرة،
«هل عرفت الطريق؟»
«اجل، لكن ارجوك حاولي ان لا تتأخري»
تنهدت رحمة واجابت « سأحاول، هل اوصلك للبيت؟»
«كلا سأعود وحدي» هزت رحمة رأسها بالايجاب عادت ترانيم للبيت وبقيت عينا رحمة تراقبها حتى ابتعدت ثم دخلت لبيت سميرة لتؤدي عملها،
عندما عادت ترانيم للبيت كانت شاردة الذهن تفكر بما حدث ليلة الأمس فسمعت صوتاً من خلف الاشجار توقفت وهي تحاول معرفة مصدر الصوت فظهر فتى بدا انه اكبر منها سناً زمجر ليل ثبت الفتى في مكانه يراقب تلك الفتاة العمياء وكلبها تحيرت ترانيم قليلا قبل ان تقول« هيا يا ليل ، هيا لنذهب» عندها نادى ذلك الفتى على ترانيم
« هل هذا الكلب لك؟»
«اجل، اعني كان لاحدهم لكنه تركه وجاء معنا»
«ماذا تعنين جاء معكم؟ واين تركه؟»
« في قريتنا القديمة قبل ان نأتي الى هنا»
« تقصدين تبعكم الى هنا؟»
« لا، لقد انظم الينا ما ان تركنا القرية»
«ولمَ تركتم القرية؟»
«لا اعرف، كنت صغيرة»
كانت ترانيم تتلعثم فهي ليست معتادة على الحديث مع الغرباء فلا تعرف كيف تجيب، لكن الفتى رد قائلا « انتِ غريبة الاطوار»  لم ترد ترانيم وتحركت نحو بيتها « هيا يا ليل لنذهب»
« انتظري» صاح الفتى عليها وقفز من خلف الادغال والحشائش وسار مقتربا منها « ما هذا؟  لم تضعين هذه الخرقة على عينيك؟»
ارتبكت ترانيم ولم ترد، وقف الفتى قبالتها وبدأ ليل يزمجر رمقه الفتى ثم اعاد نظره لترانيم ثم مد يده لعصابتها  وجرها فظهرت عيناها البيضاء فزع الفتى من لون عينيها لكنه رمى بالعصابة عليها وقال « غريبة اطوار وسارقة كلاب وعمياء ايضا!؟ لابد انكِ ملعونة»  ثم ركض مبتعدا عنها، اخذت ترانيم العصابة من على الارض و وضعتها وقد سيطر الحزن عليها، عادت للبيت و امضت ما بقي من النهار وحدها جالسة في غرفتها او في الخارج قريبا من الباب حتى قاربت الشمس على المغيب علمت ان امها ستتأخر لذا نهضت واخذت عصابتها ونادت ليل واتجهت سريعا لبيت سميرة، وصلت مسافة قريبة من بيت سميرة حيث انتشرت بيوت متفرقة على حدود البلدة فسمعت صوتا يناديها « انت يا غريبة الاطوار»، كانت قد وضعت عصابتها لكنها تعرفت عليه من صوته، لم تتوقف واستمرت بالتحرك نحو بيت سميرة لكنه عاد وناداها « انت يا سارقة الكلاب» لم ترد واسرعت بالسير هرول الفتى خلفها وامسك بكتفها ورمى بها على الارض، شعرت ترانيم بالغضب الشديد لكنها سيطرت على نفسها وامسكت بلجام ليل الذي حاول مهاجمة الفتى الذي قال « اريني عينيك العمياء مرة اخرى»  توترت ترانيم فعينيها ستتحول للاسود بسبب المغيب حاولت ان تنهض لكنه ركلها بقوة وضعت يدها على مكان الضربة وهي متألمه والفتى مصر ان يرى عينيها  فقالت وهي تكتم بكائها « ليل ابعده عني» هجم ليل على الفتى الذي حاول ضرب ليل بقوة والتخلص منه لكن ليل كلب صيد دببة فاستسلم الفتى و هرب سريعا طارده ليل قليلا ثم عاد لترانيم نهضت متألمه واكملت طريقها لبيت سميرة،
طرقت الباب وبسرعة انفتح الباب فرحمة كانت تترقبها احتضنتها وسالتها ان كانت بخير
« انا بخير، هل انتهيت؟»
«للاسف يبنتي ليس بعد ولادتها متعسرة»  ابتسمت رحمة وقالت «كولادتك»
انتصف الليل ووضعت عبير طفلها اخيرا، كانت ترانيم تشعر بأنزعاج وملل كبير و بمجرد ان انتهت امها لم تسمح لها بالتأخر اكثر و اصرت على العودة للبيت بسرعة، كانت رحمة وترانيم تسيران لبيتهما
« لو كنت اعرف ان الامر سيأخذ كل هذا الوقت لما كنت قد جئت»  قالت بغضب، لترد رحمة ضاحكه
« انت متسرعة وعصبية جدا يا ترانيم»
وصلن للبيت وبعد ساعة كانت ترانيم في فراشها وهي تفكر « انت عصبية»،،
تكرر  كابوس الطفلة المحترقة تلك الليلة واستيقضت مرتعبة منه،كان الوقت قارب الظهر بحثت عن امها ولم تجدها
«كالعادة لابد انها عند تلك التي وضعت طفلا» مضى بعض الوقت وخرجت تتمشى كعادتها قريبا من البيت،فجأة زمجر ليل اقتربت منه وهي تنظر نحو المكان الذي ينظر اليه « ماذا هناك ليل؟ ماذا ترى؟»
ومن دون مقدمات خرج ثلاثة اولاد من خلف الاشجار وضربوا ترانيم بالحجارة اصابتها في مواضع مختلفة من جسدها، هجم ليل وهو مكشر عن انيابه وينبح بصوت عالٍ وطارد الفتية الذين هربوا سريعا، كانت منكمشة على نفسها متألمة من الضرب فسمعت صوته مجددا « الان ايتها العمياء لقد ذهب كلبك» نهضت وهي مرتعبة تنظر له حدق بعينيها البيضاء قليلا قبل ان يسدد لها لكمه قوية على وجهها سقطت على اثرها ارضا ثم اخذ حجارة  وضربها على جبينها انسابت دمائها من الجرح في تلك اللحظة سمع صوت ليل ينبح قادما نظر لها وابتسم بخبث وقال سأعود مجددا ايتها العمياء ثم هرب بسرعة،
كانت ترانيم منهارة تبكي مما حدث لها اقترب ليل بعد ان تجول في المكان ولم يجد احد وهو يأن كأنه يعتذر عن فشله بحمايتها احتضنته وانهارت باكية وهي تردد « فليمت، فليمت»
في اليوم التالي كان اهالي القرية يبحثون عن الفتية الذين اختفوا منذ الامس وانتشرت فرق البحث عند البحر والسهول والجبل والغابة ليصدم الاهالي بجثث الفتية ممزقة ومعلقة على الاشجار و رأس ذلك الفتى المتنمر قد انفصل نصفه واختفى جبينه،،،،*

استيقظت رحمة في الصباح تعد الفطور كعادتها، ثم طرقت الباب على ترانيم توقظها لم ترد ترانيم  وبقيت تحت غطائها ترتجف مما عانته ليلة الامس، عادت رحمة عدة مرات وطرقت الباب لكن دونما رد، حدقت بحزن ثم تركتها وشآنها، قبل ان ينتصف النهار خرجت ترانيم وبدا ال...

اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
طفلة الشيطان حيث تعيش القصص. اكتشف الآن