ظلال و دماء |• The Black Don

|• الثُّـقـب الأَســوَد •|

_روسيا _موسكو_

تحت ثلوج موسكو الكثيفة وفي ضوء النهار ساد الصمت بين الوجوه المتقابلة.. جيش من السيارات السوداء والشاحنات الضخمة اصطفت أمام نظيرتها بالجهة الأخرى.. رجال مسلحون  ببذلات رسمية يتفقدون سماعات  آذانهم كل ثانية وأخرى، خيم الصمت على المكان لدقائق.. عينين زرقاوتين تنظر بشراسة  لِعينين زمردتين.. ببشرته البرونزية اللامعة وذقنه الحليق البارز رسم ابتسامة مستفزة على شفتيه لتغرق غمازتيه داخل وجهه. تقدم للأمام  بخطوات ثابتة نحو الرجل الذي وقف ينظر إليه بجمود.. أثناء سيره تبعه رجاله المسلحون بخطوات بطيئة في مشهد مهيب فتوقف على مسافة متر واحد مقابلا للرجل الآخر ذو البشرة الشاحبة  مرتديا معطفا أسوداً، فقال بلغة انجليزية تغلبها اللكنة الروسية الثقيلة:

" لوكاس فيرانتي.. أهلا بك في أراضي بيتروفا. "

تفحص لوكا بعينيه رجال الطرف الآخر وعددهم الهائل، الروس الملاعين وطباعهم الحادة، وجوههم العابسة والبشرة الشاحبة.. و الأبشع من ذلك.. قبعات الفرو اللعينة.. فقلب عينيه بملل وقال:

" كنت أود قبول ترحيبك، لكنني لا أملك الروح المناسبة لذلك"

فابتسم الرجل الآخر بتعالٍ متحديا سخريته العابرة ثم أردف بجدية مفاجئة:

" هل أحضرت  الشحنة؟ "

فتراجع لوكا خطوة للخلف وعدل سترته الجلدية الداكنة  ثم أشار لأحد رجاله فتقدم بسرعة إليه حاملا بيده حقيبة سوداء ثم فتحها لتظهر بندقية ' كلاشينكوف إي كيه 24' من الطراز القديم الاصلي.. فأشار لرجله ليقدمها إلى الروسي، وتحسسها بيديه المغلّفتين بالقفازات ثم ابتسم وقال:

" أنا متعجب من حسن أخلاقكم أيها الإيطاليون .. تكبدت عناء الطريق لإعادة شحنة الأسلحة بعد فشل الصفقة مع  ابن وزير بلدكم رغم أنها أيام قليلة تفصلنا عن الصفقة التي بيننا."

استمع لوكا إليه بصمت بينما  تقدم أحد رجال الآخر لاستلام الحقيبة  فتابع بنبرة اتهام خفيّة:

"..بينما كان بامكانك اخذها ببساطة والتكتم على الأمر"

فتلاشت ملامح السخرية بوجه لوكا وانقلبت لأخرى جدية وقال بنبرة  هادئة:

" فيرانتي لا يلتقطون بقايا العظام.. وإن كنا سنلعب إما نشعل النار بضوء النهار أو نحترق.."

فأومأ الرجل الروسي رأسه محاولا الحفاظ على ابتسامته، فأشار لوكا لإحدى الشاحنات لتتقدم لتسليم بقية الأسلحة ثم استدار للمغادرة لكن قاطعه صوت الرجل الآخر