|• سِـــرُّ الحِربــــاء •|

10.5K 515 524
                                    

   

_______♡_______

       تحت سماء رمادية مغطاة بالغيوم الكثيفة ذات التموُّجات الأنيقة سارت آلاريا بالمقبرة الخاصة بآل فيرانتي وتمشَّت بين القبور بساق شبه عرجاء، فتوقّفت عند قبر شيرا فيرانتي.. وانحنت اليه قليلا ثم حدّقت بشاهدِه الجديد، فحسب هدوء الجو يبدو أن الجميع قد نسي أمرها تماما.. لم يذكر أحد القاتل أم سبب فعله لذلك.. أم نية الانتقام.. لما كل الهدوء..؟ لما كل هذا التستّر..! لا أحد يتحرك بالفعل ولا أحد يقوم بردة فعل.. يبدو أن الـ كوزا نوسترا قد اعتادت السلام الزائف و تفشّى الفتور بين أزقة باليرمو السوداء.. ذلك ما كانت تفكر به وهي تُحدِّق بجمود بـ شاهد القبر.. أعينها الزرقاء التي تميل للون النيلي لم تبدي أي مشاعر واضحة.. تحافظ على ملامح وجهها غير المبالية دائما.. عبوسها أم ضحكتها المستفزة.. كل تلك كانت أقنعة تعودت على التخفي وراءها إلى درجة أنها لم تعد تفرق بين الحقيقة والوهم.. فتنهدت بهدوء ومشت بخطوات متثاقلة نحو القبر الصغير الذي وضع بجانب قبر العراب السابق وزوجته.. قبر ليلي فيرانتي.. انحنت إليه متجاهلة قطرات المطر الخفيفة التي اصطدمت بوجهها المحمر إثر برودة الجو.. وداعبت بأناملها الأزهار الصغيرة التي نمت فوق القبر لتبتسم بعفوية ثم وجهت الكلام لقبر ليليث بنبرة منكسرة :

" ليليث.. يبدو أن الوحيدة التي تحققت أمانيها من بيننا هي أنتِ.. كنتِ تخشين الشيخوخة و تمقُتين تصرفات البالغين.. وها أنت بالفعل ترقدين بسلام تحت التراب..وبعمر صغير! "

ثم تنهدت بتعب وتابعت:

" لم أتزوج داني يا ليليث.. لكنه ليس أحسن حالًا مني.. لقد اختفى داني الذي كنا نعرفه.. لم يعد دانيال الحامي.. لذا أشعر بالاطمئنان وانت ترقدين هنا.. بعيدة عن وغد ممكن.. يسرني أن أتعامل مع الأوغاد بدلًا منكِ! "

زفرت آلاريا دافعة دمعة دافئة تسلَّلَت من عينيها لكن قاطعها صوت خشخشة بالأرض، فالتفت بهدوء محاولة رؤية الشخص الواقف خلفها.. ملامح هادئة و أعين تذرف الأسى بزرقتها الباهتة.. لحية أصبحت أكثر كثافة من ذي قبل ونظرات أكثر ظلاما.. ببذلتهِ الرمادية الكلاسيكية وقف يحدق بِشاهد قبر شيرا فتمشت آلاريا بخطوات متسارعة وارتمت بحضنه فمسح قليلا على ظهرها وابتسم بهدوء فقالت:

" ما مدى سرعة الطائرة التي نقلتكَ من اليابان إلى إيطاليا في ظرف ربع ساعة؟ "

فسحبت نفسها من حضنه ثم حدقت بعينيه بصمت ليتابع بنبرة بشوشة قليلا:

" ليست بتلك السرعة.. كان عليّ إنجاز بعض الأعمال هنا وهناك بشكل سريّ. "

فابتسمت بسعادة وفركت ذراعه بامتنان وتابعت:

" جيد.. ماركوس وماسيمو مشتاقون إليك كثيرا.. لابد أن تمر لرؤيتهما ليون.. "

فتنهّد ليون و أبعد وجهه مستنكرا ثم أعاد شعره الكحلي للخلف بقلق فتابعت آلاريا ممسكة بوجهه:

لقد وصلت إلى نهاية الفصول المنشورة.

⏰ آخر تحديث: Oct 01 ⏰

أضِف هذه القصة لمكتبتك كي يصلك إشعار عن فصولها الجديدة!

ظلال و دماء |• The Black Donحيث تعيش القصص. اكتشف الآن