Part 1: بعضُ الخُزَعْبِلات

2.4K 75 39
                                    

هل يفترض بهذه أن تكون مقدمة؟

أنا لا أقرأ المقدمات، و إذا لم تقرؤؤها لن أنزعج...على العكس سيكون قرارا حكيما إعفاء أنفسكم من التعرف علي، لكن إذا كان هناك بعض الفضوليين، لست أمانع مجددا...

أفكاري سبب تعاستي.

من الصعب أن تكون شخصا يفكر كثيرا، سيالاتك العصبية التي تخيط الطريق إلى دماغك باستمرار لم تعد تكفي، أحاديثك مع الأشخاص لم تعد تكفي، أوراقك لم تعد تكفي و أناملك التي تنقر على الشاشة دون توانٍ أيضا لا تبدو كافية.

ليست لدي نظرة فلسفية في الحياة، لكن لطالما وُصِفتُ بأنني شخص ناقد لا يعجبه شيء، ذوقي في الموسيقى سيء، معظم المفكرين الذين أحبهم يُنَظِّرون لأشياء كارثية، ليست لدي علاقات اجتماعية وطيدة، أفضل الصمت غالبا، أتقزز من التعبير عن مشاعري...و يراودني الفضول حول الموت أكثر مما يراودني حول ما سأكون عليه مستقبلا.

منذ ولادتنا...بل قبل ولادتنا حتى، و نحن في تنافس محتدم، و سنظل هكذا، و سنموت هكذا، و بعد الموت سنستمر في التنافس أيضا...نتنافس مع الآخرين و مع أنفسنا، ندخل في تحديات وجودية مرهقة للتفكير، مذهبة للنعاس، مسببة للشيب و الصلع المبكر، مُفقِدة للحياة ذوقها أساسا.

هل للحياة ذوق في الأصل؟ أكاد أجزم أنه كطعم عصيدة بلا ملح ولا بهارات و لا مُنَسِّمَات، كذبات البشر هي من تعطيها أذواقا مزيفة تختفي بمجرد مللهم من إلقاء تلك الكذبات، فمن يكون سعيدا تضمحل سعادته، و من يكون متحمسا ينطفئ، و من يكون حزينا...يبقى حزينا، كما الحال معي، و كما الحال معكم، و كما الحال مع الجميع، و بالجميع أقصد ثلة الناس الصريحين مع أنفسهم.

باختصار أنا أيضا لبّيت دعوة الوجود، و ها أنا ذا أُدْخِل نفسي راغبة إلى منافسة لا أدري هل سأخرج منها رابحة أم خاسرة، بالنسبة لشخص متيّم بالفنان الألماني فان كوخ، لن أستغرب إذا لم أحصل على تقدير لمجهودي...في هذا العالم لا أحد يفعل و أنا لن أكون استثناءً..

لكن دعنا لا نكون جد متشائمين...لربما أفعل بعد أن أموت و هذا هو الحد الأدنى المطلوب.

___________________________________________

كجميع الأطفال التافهين الذين تكون لديهم ذرة زائدة من الثقة بالنفس لإضفاء بعض المُحَسِّنات البديعية لنصوصهم الإنشائية في المدرسة...كنت أنا أيضا، لقد تم خداعي في سن صغير...و لا زال البعض يتحدث عن الخير في هذا الكون...إشادات المتعلمين الجهلة جعلت مني مغرورة منذ الصغر و عرقلت إدراكي المبكر لحقيقة الحياة، و جعلت مني أكتب هذه المقدمة، و هذه الرواية، و أفكر في سيناريوهات لأعمال مستقبلية بائسة أخرى...أعانني الله و إياكم علي.

Ordered Anarchy ¿ الفوضى المنظمة Donde viven las historias. Descúbrelo ahora