_قراءة ممتعة_💝_
وجدت جان ينتظرها داخل المصعد و كانت الوجهة هي الطابق الخامس و العشرين، منتصف البناية.
مَشَيَا في الممر سويا و هي توزع الابتسامات و التحايا باقتضاب على من يحييها من الموظفين، هي شخص اجتماعي بطبعه، تحب تكوين العلاقات و معرفة الناس، فقط فكرة أن كلًّا من المئات الذين تراهم كل يوم لديه قصة و ظروف مختلفة عن الآخر تجعل عقلها يكاد ينفجر و الفراشات تدغدغ معدتها، لكنَّ طبيعة عائلتها قيدتها بكل ما تحمل الكلمة من معنى، حتى أنها تخلت عن مجموعة من الأشياء الفطرية التي ولدت معها، أخرجها من أفكارها صوت رنين الجهاز المستشعر للبطاقة التي فتحت الباب، بعدما وصلا إلى مكتب والدها، هل الشخص مهم لدرجة أن يكون المكان الذي يلتقي فيه بها مكتب المدير، مهلا يلتقي فيه بها، بها هي، بحثت عيناها بسرعة داخل الغرفة الكبيرة قبل أن تلج إلى الداخل حتى، لكنها لم تجد أحدا، أحست بخيبة الأمل، ألن يُزال الستار عن المفاجأة بعد؟ مشت إلى الداخل بخطوات قصيرة، متجهة نحو اريكة صغيرة هناك، و جلست ثم وضعت حقيبتها بجانبها، جالت بناظريها داخل الغرفة لترى اذا ما كانت قد خضعت لتغيير ما و بالفعل، تغيرت قطع كثيرة من الأثاث، حتى درجة الإنارة تغيرت، شغل جان المكيف و وقف متكئا على إطار الباب ثم قال :
-ساندي.
أدارت وجهها لتقابله بعدما كانت تحدق بزجاج النافذة، مع بعض من الشعور بالدهشة لكونه لم يدخل، حركت رأسها يمينا و شمالا علامة تساؤل، فاسترسل بصوت هادئ:
-أحسني التصرف.
قوست حاجبيها، و هي تراه يهم بالخروج بعد إلقائه عليها بتلك العبارة المبهمة، لتقول بنبرة تنبض فضولا:
-لا أفهم ما الذي يجري، هل من الصعب أن تخبرن..
-مرحبا بك سيد كريس، تفضل.
و هنا كانت الدهشة المضاعفة، والدها يهم بالخروج، و يرحب برجل آخر كي يدخل ليقابلها، وقفت بتوجس، هي التي يمنع عليها التحدث مع الرجال الغرباء، تختلي الآن بأحدهم، رماها كريس بنظرة خفيفة كانت كفيلة بجعل معدتها تؤلمها، كان شابا في أواخر العشرينات، طوله ست اقدام و ثلاث إنشات على الأقل بتقديرها، ذو قوام جيد، ليس رياضيا بشكل مبالغ فيه إذ لا يبدو أنه يركز على بناء الكتلة العضلية بقدر القوة، شعره الأشقر المائل للبني مقصوص قصة جانبية طويلة، و عيناه ذواتا لون بني فاتح، بشرته بيضاء، لحيته قصيرة، و بذلته الرسمية السوداء تعطيه مظهرا محترما وقورا، تساءلت كم من المال يملكه في هاته السن الصغيرة حتى ينال فرصة مماثلة مع رجل أعمال ذي مكانة عريقة كالتي لدى أبيها، و يلتقي بابنته، ابنته التي هيَ هيَ، كادت أنفاسها تنقطع لما خرج جان و أغلق الباب خلفه، اتجهت نحو الباب مسرعة في حركة لا ارادية لكن كريس الواقف هناك شكل حاجزا بينها و بين المقبض، وقفت على بعد خطوة واحدة منه و رفعت وجهها إليه ثم قالت بلباقة:
- من فضلك أريد الخروج، أحتاج للحديث مع أبي في أمر عاجل.
ابتسم ابتسامة مستهزئة متغطرسة جعلتها تستغرب، انحنى قليلا حتى قابل وجهه وجهها، و عيناه عينيها اللتان تشعان توترا، توردت وجنتاها و شعرت بالحرارة، أشاحت بوجهها بعيدا و قالت بصوت مرتجف:
-سيد كريس، أو أيا يكن، ابتعد أريد الخروج.
-إذا أنت هي، ساندي.
كان صوته عميقا، سبب لها صداه بعض الألم في أذنيها، طأطأت رأسها بسرعة، و أعادت طلبها مجددا، كانت تشعر بالاختناق و كأن الاكسجين يكاد ينفذ، و عقلها يكاد يشل من التفكير، كيف فعلها؟ كيف خرج و تركها بمفردها مع غريب:
- أريد أن أخرج.
أشار إلى الأريكة التي كانت جالسة عليها قبل لحظات و قال:
-اجلسي من فضلك، أريد التحدث إليك.
ابتلعت لعابها و قالت بحزم:-يبدو أنكَ لم تسمعني، قلت لك أريد الخروج.
خفض حاجبيه قليلا قبل أن يرد عليها و يستقيم من انحناءته :
-والدك أمرك أن تحسني التصرف، إذا فلتجلسي من فضلك.
حك أنفه بخفة قبل أن يسترسل:-على كل حال، الباب مغلق.
رفعت حاجبيها بتعجب شديد، لا تكاد تفهم ما الذي يجري هنا، تريد أن تنام فقط لا أن تبذل مجهودا إضافيا لتحليل الأسباب و كيف و متى و لماذا جان الذي يتنفس قواعد العائلات البورجوازية بدل الهواء، أمّن شخصا ما على ابنته، أخذت نفسا عميقا، و استدارت على أعقابها عائدة إلى الاريكة، والدها أكثر شخص يكره العشوائية و عدم التخطيط المسبق، من الواضح أن هذا الرجل الذي يشاركها الغرفة ، أيا كان، شخص يثق به جان، و إن يكن، توقفت، هو لا يزال رجلا.
استدارت للمرة الثانية، نظرت إليه بعدم ارتياح و ارتياب كبيرين، ابتلعت لعابها ثم بادرته بصوت خافت يمتزج فيه الخجل و التوتر:
-من فضلك، أريد أن أخرج، و أيا كان ما تريدني أن نتحدث فيه، لنؤجله لوقت آخر، لا أشعر أن لي رغبة في الحديث مع شخص غريب، أعني أنا غير متعودة على ذلك، بإمكاننا التحدث في حضرة أبي أو .. لحظة...
قوست حاجبيها اكثر لتسأله بطريقة جعلت عينيه يبتسمان بسخرية:
-من تكون؟ و ما الذي قَصَدتَه سابقا ب"إذا أنتِ هي ساندي"؟
ESTÁS LEYENDO
Ordered Anarchy ¿ الفوضى المنظمة
Romanceمثلما يصفعك القدر و يضعك أمام خيارات لا ملجأ للنجاة منها، تزوجت ساندي من كريس... و مثل الغباء الذي يطرق رأسك في اللحظة الأخيرة من الاختبار و تُغَيِّر إجاباتك الصحيحة إلى أخرى خاطئة...أخذت سكارليت زمام رحلة البحث عنها... و مثل اندفاع ثور في لعبة الك...