Part 19: هل يَلِيق هذا بعَائِلَتِنا؟

180 25 5
                                    

_قراءة ممتعة_❤_




مرت الأيام الثلاثة الموالية بهدوء حيث استعادت بعضا من عافيتها، ليس بصورة تامة لكن على الأقل أصبحت حركاتها أكثر سلاسة و شرعت بشرتها المتأذية في العودة شيئا فشيئا إلى لونها الطبيعي، زارتها سيليا الشيء الذي جعلها تفرغ بعضا من الطاقة السلبية التي شُحِنَت بها فيما سبق عن طريق التنمر على جوليا و صديقتيها.

نقلت إليها مرغريت وصية جان بعدم الخروج من المنزل أبدا حتى يعود، و بررت ذلك بكونه خائفا عليها، لم تشكك ساندي في الأمر ففي الأصل كانت تقضي معظم وقتها في غرفتها، إما نائمة أو مستلقية، و إذا ما شعرت بالملل تجلس في الشرفة دون إطالة حتى لا تصاب بنزلة برد أخرى، و هي تنتظر قدوم جان، الذي تقررت عودته تلك الليلة.

كان كتاب مذكرات من تحت الأرض للكاتب الروسي دوستويفسكي بين يديها، و فنجان قهوة بنكهة البندق موضوعا على الطاولة المستديرة التي بجانبها أمام باب الشرفة الزجاجي المفتوح بعض الشيء؛ معطيا الضوء الأخضر لنسمات الهواء المنعشة بالدخول، ارتشفت منه بضع رشفات و هي تراقب الأفق بنظرات شاردة، حتى كتابها لم تفتحه، على كل حال لم تملك التركيز الكافي كي تصبه على شيء بمثل تعقيد كتابات دوستويفسكي.

في طريقها للعودة مع هنري ذلك اليوم عقدت العزم على تجاوز الأمر و عدم التفكير فيه ثانية، أبدا، خاصة بعدما انتبهت لكمية التوتر و الضغط اللذان تعرضت لهما، ففي النهاية لا شيء يستحق كما تقول دائما، و مع ذلك شيء واحد مهما حاولت أن تتناساه يطرق في رأسها كمطرقة نجار مانعا إياها من النعيم بالصفاء الذهني، و هو الكلمات التي استخدمها لتوديعها، ساندي قالت "وداعا" متعمدة، كي توضح له أنها لا تريد رؤيته مجددا، لكن رده كان "إلى اللقاء" يعني أن لقاءهما الأخير، لم يكن الأخير.

حاولت جاهدة أن تبقى متيقظة كي تتسنى لها رؤية والدها حال قدومه و مع ذلك، و كغالبية أيام الأسبوع الماضي، شعرت بالنعاس بعد أن تناولت عشاءها و أدويتها مع حوالي التاسعة مساء، اضطجعت على جنبها الأيسر و عبثت قليلا بهاتفها قبل أن تخلد إلى النوم، بعدها بساعات قليلة توقفت سيارة جان أمام المنزل، تكلف فيليب السائق بوضعها في المرآب في حين قام فرانز بحمل حقيبة جان الذي لم يمانع بسبب التعب الذي كان باديا عليه، كانت وجهته الأولى ما إن خطى داخل المنزل هي غرفة ساندي، بعد تغييره لحذاءه و إلقاء التحية على مرغريت الواقفة في المدخل حث الخطى إلى الطابق الثاني، وقف أمام الباب للحظات ثم طرقه طرقات خفيفة، لم يأتي جواب فأدرك أنها نائمة لا محالة، في العادة نوم ساندي ليس بالثقيل بتاتا إذ أن أبسط حركة توقظها، و طالما لم يوقظها صوت الطرق على الباب فهذا يعني أنها ليست على سجيتها، فتح جان الباب بهدوء قدر الإمكان و دلف إلى الداخل بخطوات بطيئة، كان المصباح الصغير المُشتَرى من طرف الراحلة إليزابيث و الذي تحتفظ به منذ طفولتها مُضاءً، و صوت أنفاسها المنتظمة يكاد يكون مسموعا في خضم كل ذلك السكون، جلس على السرير بجانبها، و أخذ يتأمل ملامحها، شيء ما كان جديدا، و هو كدمة صغيرة على وشك الاختفاء على فكها السفلي، خفض حاجبيه و بدت لمحة من الحزن عميقا داخل عينيه، أراد بشدة التربيت على شعرها لكنه لم يكن ليقاطع نومها الوديع ذاك أبدا.

Ordered Anarchy ¿ الفوضى المنظمة Donde viven las historias. Descúbrelo ahora