_15_

65 8 7
                                    

لم تكن تعلم غالية مدى خطورة ما ستقدم عليه ، أو لنقل هي تعلم ولكنها لا تدرك أو تكترث طالما الوصول إلى ابنتها سيكون نهاية الطريق ، ومن أحق من ابنتها أن تخاطر لاجله؟ .. فهي الان لا تثق باحد وتهاب الجميع بشكل هستيري .. وملاذها الوحيد لرسم السعادة هي ابنتها وفلذة كبدها ملاك ..

ملاك ليست فقط ابنتها ، ملاك صديقتها وشقيقتها واحيانا الصدر الحنون الذي يحتضنها بغياب الجميع عنها ، ملاك الأمل الذي يلمع دائما أمامها ويرسم ابتسامتها ، وهي النسخة المحسنة من ذاتها و التي تطمح لصنعها حتى تكف عن الشعور بالكره تجاه نفسها واهلها ..

لم تتوانى في توضيب حقيبتها وهي تبكي ، تمسح دموعها تارة وتارة أخرى تسمح لها بتبليل خديها والجريان نحو عنقها ، وعيونها تتفجر بينابيع سخية مصدرها شعور قاهر بالظلم والهوان ..

الجميع يغطون بنوم عميق ، حتى والدتها التي حملت بها تسعة أشهر وتعبت في تربيتها كما تقول دائما  ، تنام بعمق وبضمير مرتاح وهي تشعر بأنها  أدت واجبها تجاهها وانتهى دورها كأم ..

لا تعلم نادية بأنها كمن يسقل جوهرة ثمينة ثم يرميها في مستنقع متأملة أن لا تتسخ هذه الجوهرة وتحافظ على مظهرها المثير للدهشة والإعجاب ، غافلة بأن هذه الجوهرة بمجرد دخولها لهذا المستنقع أصبح يغطيها الوحل وكستها الطحالب مع الزمن ، حتى اختفى بريقها وتلاشت معالمها ، إلى أن أمست حجرا عاديا كأي حجر لا قيمة له ،

.........

في اليوم التالي

- ممكن تيجي للمعمل ضروري .. لازم نحكي بموضوع مهم ..
كانت هذه رسالة صادرة من داليا مديرة المعمل ، قرأتها غالية لحظة استيقاظها لتنهض بملامح متعجبة وهي تتسائل عن الموضوع المهم وماذا قد يكون يا ترا ..

نهضت عن فراشها وتناولت فطورها ثم عادت لغرفتها وارتدت ملابسها ليدفعها فضولها نحو المعمل ، دخلت بخطوات ثابتة وهي تتجه نحو غرفة المديرة ، طرقت الباب وفتحته لتتفاجأ بادهم يجلس على كرسي والدته خلف مكتبها وأمامه امرأة في الاربعين من عمرها ورجل كبير في الستين من عمره .

رجف قلبها لسبب لا تعرفه وهي ترى أدهم يقف قائلا بملامح متوترة :
- فوتي غالية .. تفضلي اقعدي

ولكنها بقيت مكانها ونظرت إلى الجالسين أمامها بريبة ثم عادت للنظر إليه قائلة :
- . وين المديرة ؟ .. بعتتلي رسالة.......

- أنا بعتت الرسالة ..
قال أدهم بأنفاس ثائرة وكله خوف من أن تقابل تصرفه هذا برفض وعناد .. فأردف يبرر تصرفه :
- حظرتيني... وما كان بدي حدا يشوف رسالة غريبة على تلفونك ويعملك قصة .. الموضوع مهم وكان لازم تيجي بأي طريقة .

بقيت غالية تنظر إليه بحيرة فقالت المرأة الجالسة أمام أدهم بمهنية وهي تشد أنظار غالية نحوها :
- ممكن حبيبتي تتفضلي ونشرب سوا فنجان قهوة .. كلمتين ما رح ياخدو من وقتك كتير .

قلوب قيدها الضعف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن