_17_

75 8 10
                                    


من داخل غرفتها سمعت صوت نقاش حاد بين أخيها ووالدتها .. فترجلت عن سريرها واقتربت من الباب ليصلها صوتهما بذبذبات أكثر وضوحاً ، اتسعت عيناها رعبا عندما تغلغل أذنيها اتهامات من أخيها تخصها .

- اكيد هي الي حكت... مين هالشخص الي رح يكون مهتم فيها .. اكيد هي الي اشتكت
قال أحمد بحدة لتجيبه والدته بطريقة حاولت فيها تهدئته :
_ اسالها ... بس برضاي عليك لا تمد ايدك عليها ... مش اي كلمه رح تسمعها من الناس رح تيجي وتفش غلك في اختك بسببها !

_ غاليااااا ... غاليااااا
صاح بأعلى صوته فانتفضت غالية بذعر ثم ابتلعت ريقها وهي تضع خصلات شعرها وراء أذنها بتوتر ، فتحت الباب وخرجت لأخيها بخطوات مترددة لتقف اخيرا أمامه بملامح حاولت جاهدة أن تجعلها باردة ومبهمة ..

_ امبارح لما طلعتي من البيت وين رحتي ؟
سألها بعيون حادة تلفظ نارا فأجابته بنبرة جافة وملامح باردة اخفت خلفها خوفا قاتلا :
_ حكيت لماما ... رحت لعند صاحبتي

_ وإذا رنيتي هلأ عليها وطلعتي كذابة ؟
قال أحمد بجبين قاطب فأجابته غالية بابتسامة ساخرة متهكمة وهي تنظر في صلب عينيه وقد كتمت خوفها في أعماقها :
_ اضربني

نظراتها جعلته يتوتر فزاح عينيه عنها وصاح بأعلى صوته :
_ ما بدي افضح حالي مع الناس... بكفي فضايح.. أنا رح اصدقك .. واسكر الموضوع هلأ .. بس اذا عرفت بيوم من الايام انو بتكذبي علي .. لا تلوميني على افعالي .. سمعتي ؟

_ سمعت
قالت ببرود ثم التفت للخلف وعادت إلى غرفتها تاركة أخيها ووالدتها لوحدهما ، أغلقت الباب وهطلت دموعها دون إنذار وهي تتذكر صمت والدتها وملامح أخيها الحادة ، يا الله ، كيف تحول من اخ ممازح لطيف ودود إلى اخ قاسي ؟ ، وكيف لوالدتها أن تكون بهذا الإهمال ؟

_ راقبيلي حركاتها من اليوم وطالع ... الله اعلم شو في برأسها !!
قال أحمد بحدة مخاطبا والدته التي اجابته بملامح مخطوفة مذعورة وكأن كلامه أصبح حقيقة واقعة .. من يراها يقرأ بملامحها سيناريو لفتاة ارتكبت معصية عظيمة بحق دينها جعلتها بلا شرف وجلبت لعائلتها الخزي والعار .

.........

بعد شهر

ايام من الأرق والخوف والتوتر قضتها غالية بانتظار أن ينجح المحامي في إرجاع ابنتها لها ، ليفاجئها بخبر جعل الدنيا كلها لا تسعها لشدة فرحتها .. ابتسامتها شقت وجهها نصفين وهي تهتف برسالة صوتية لادهم :
_ شكرا كتير الك .. عنجد مش عارفة كيف اشكرك واعبرلك عن امتناني ... ربي يسعدك متل ما أسعدتني ..

" هاد واجبي .. مبروك .. بتساهلي كل خير "
بهذه الكلمات اكتفى لتكتب له بفرحة
" عنجد شكرا .. وتأكد أن هاد دين بيناتنا ورح سدك ياه لو بعد مئة سنة "

" وانا ما بدي منك اشي .. هي مساعدة مني الك لانك بتستاهلي كل خير "
كتب لها بصدق غريب جعل جسدها يقشعر فكتبت له متوترة
" رح خليه دين لحتى يرتاح قلبي .. وانت مافي منك عنجد شكرا .. لا تفهمني غلط .. بس أنا ما بحب استغل حدا "

قلوب قيدها الضعف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن