_18_

136 9 7
                                    


فتحت الباب لتجده على سريره ممدداً وعلى رأسه سماعاته الرأسية ، مغمض العينين وكأنه يتوه في عالم آخر غير عالمنا هذا ، صوت الموسيقى يظهر خافتاً لها من بعيد ، تنهدت ثم اقتربت ولمست كتفه قائلة بصوت هادئ :
_ أدهم ..

فتح عينيه وهو يلتفت نحوها ثم أزال السماعات عن أذنيه قائلا بملامح استفهام:
_ ها ماما .

_ العشا جاهز ، يلا
قالت فاومئ لها يجيبها ببرود :
_ كمان شوي

تنهدت مرة أخرى وابتعدت تتركه لوحده ، أغلقت الباب بهدوء بينما عاد هو لسماع موسيقاه التي دائما ما يسمعها لتشتيت أفكاره ، وكأنها سلاح يحارب فيه مرض فرط التفكير الذي يعاني منه .

وكالعادة اخذت دموعه بالجريان رويدا وذلك الشعور الغريب ينتابه مرة أخرى ، من حوله الكثيرون ولكنه يشعر بالوحدة ، لديه كل ما يتمنى ولكنه يشعر بالفقر ، هو رجل قوي وبصحة ممتازة ولكن شئ ما ينقص كيانه ولا يمكنه تحديد هذا الشئ ، حياته مملة رغم أن باستطاعته جعلها ممتعة ، حياته كلعبة الالغاز التي تنقصها أحدى القطع لتكتمل .

وبينما هو يغوص محبطا بعالمه سمع صوت اشعار رسالة تغلغل صوت الموسيقى في أذنيه ، عقله الباطن صرخ "هي" فأمسك الهاتف مسرعا وبحث في رسائله ليجد رسالة منها بددت السحابة السوداء فوقه واضائت الهالة المعتمة من حوله ، رسمت الابتسامة على زاوية فمه وجففت دموعه .

_ مرحبا
هي كل ما كتبته غالية ليرد عليها
_  مرحبا

_ كيفك
سالته فرجف قلبه فرحا بسؤالها ، فسؤالها يعني أنها كسرت حاجزا بينهما وبدأت تعامله كأكثر من مجرد رجل غريب ، ووسط حماسه كتب يجيبها :
_ الحمد لله ... منيح ... وأنتِ

_ الحمد لله
بفضل الله ثم فضلك أنا كتير منيحة

_ دوم يارب ... وملاك ؟

_ وملاك كتير منيحة
الحمد لله
ومبسوطة كتير برجعتها لحضني

_ انتو التنين بتستاهلو كل خير .

_ بس رغم فرحتي برجوعها إلا أنه اليوم وصلني خبر كتير بيقهر

_ ايش في ..خير يارب

_ اختي وقعت اليوم الصبح في بيتها
وصار عندها نزيف عالدماغ ...

_ يا لطيف
وبعدين ؟

_ خضعت لعملية وهلأ امي اجت تطمنا عليها
وحكتلنا وضعها منيح ومستقر .

_ الحمد لله على سلامتها
ربي يتمم شفائها .

_ آمين يارب
ربي يسلمك
بس في شغلة مش مرتاحة الها .

_ بعرف شو رح تحكي

_ عنجد ؟ شو ؟

_ اختك متزوجة ؟

_ اه وعندها اولاد

قلوب قيدها الضعف حيث تعيش القصص. اكتشف الآن