تحكي القصة عن شاب قوي ، محارب في احدى ممالك العصور الوسطى و اُسندت اليه مهمة من الملك اي ان يكون جسوساً له في مملكة اخرى حتى يستطيع تدميرها عن طريق المعلومات التي سيرسلها له هذا الشاب و لكن الامر لم يكن بهذه السهولة فقد وقع الشاب في حب اميرة العدو...
كان بهرام يقضي معظم وقته مع بيترا و كان يذهب للتحدث مع سيليستينا بعض الوقت. اول مرة تحدث معها بعد وقعة القراصنة قالت له بمكر :"كنت اعلم انك لست خباز بل مُحارباً متنكراً" قال لها بهرام برعب :"م-من قال لكي هذا ؟! اني مجرد خباز ل-لكنني احببت المبارزة جداً منذ صغري و ك-كنت احضر تدريبات المحاربين .. و ك-كان هناك مدرباً ماهراً ليدربنا" نظرت له سيليستينا بخبث و قالت :"امممم... لكن كيف لخباز ان يحضر تدريبات المحاربين اليست هذة امورٌ سرية؟" قال لها بهرام كاذباً :"بالطبع انها امورٌ سرية! لكن سمح لي الملك بالحضور لاني كنت صغيراً و لا اخرج من القلعة إطلاقًا" قالت له سيليستينا التي لا تستطيع ان تصدقه :"حسناً ... سأحاول ان اصدقك".
بعد اربعة ايام من الابحار توقفت السفينة في مدينةٍ ما لتجدد وقودها و سمح القبطان للركاب ان يدخلوا الى هذه المدينة ، يمكنهم التسوق فيها و زيارة بعض الاماكن في خلال ساعة ونصف. وجدها بهرام فرصة رائعة ليتنزه هو و بيترا و يشاهد مناظر جديدة ، كان يتمنى لو يوجد اختراعٍ ما لتسجيل هذه المشاهد و حفظها للذكرى الخالدة. تركا بيترا و بهرام السفينة محاولاً الابتعاد عن سيليستينا حتى نهاية الرحلة. امسكت بيترا بيد بهرام و ذهبوا ليتنزهوا ، كان الجو جميل و الهواء يداعب الاشجار و شعر الشابان.
ذهبا يتنزها في السوق التجاري للمدينة حيث بائعو الورود و الاسماك الطازجة و المجوهرات و الخضروات و الخبز، كانت رائحة الهواء ممزوجة برائحة الورود و الاسماك . كانوا البائعون يرحبون بالزائرين من كل مكان، اتت بائعة من البائعات و البست بيترا عقداً من الياسمين ثم قالت لها :"كم يبدو رائعاً عليكي !" ابتسمت بيترا و بهرام كان ينظر اليها بإعجاب ثم سأل البائعة :"كم ثمن هذا العقد يا سيدتي؟" قالت له البائعة:"بدون نقود لاجل هذه العيون الساحرة" و ذهبت ، اُعجب بهرام بهذة المدينة و سكانها حقاً انهم اُناساً طيبون. اكملا الشابين طريقهما بسعادة حتى ان رأى بهرام سيدة عجوز شعرها ابيض مثل الثلج و ترتدي ثوباً اسود اللون و شالاً ابيض و لا يقترب اليها احد. كانت جالسة على العشب في مكان يبعد قليلاً عن بقية الباعة.
سألته بيترا متعجبه لامره:"الى ماذا تنظر هكذا ؟" قال لها بهرام :"انظري الى تلك السيدة العجوز ، يبدو انها .. منبوذة" قالت له بيترا وهى رافعة عنقها لتنظر الى وجهه لطول قامته :"يبدو انها مخيفة" تجاهل بهرام كلام بيترا و بدأ بالسير متجهاً للسيدة العجوز ، امسكت بيترا بيده و تابعته حتى وصلا اليها. عندما رأت العجوز قدميه رفعت رأسها لتنظر لوجهه و ابتسمت ثم قالت بصوتها العجوز:"ارني كفك ايها الشاب" فا فعل بهرام كذلك و كانت بيترا تقف خلفه في صمت.
اوووه! هذه الصورة لا تتبع إرشادات المحتوى الخاصة بنا. لمتابعة النشر، يرجى إزالتها أو تحميل صورة أخرى.
قالت له العجوز و هى تفحص كفه:"يا لك من شابٍ رائع ... انت ذاهبٌ في مهمة سرية لاحد الممالك" بدأ يشعر بهرام بالقلق بسبب وجود بيترا و سُرعت انفاسه ، اكملت العجوز مبتسمة:"انا اعلم جيداً ما لا يمكنني قوله يا فتى لا تقلق .... ستحظى بعلاقة حب رائعة مثل روميو و جوليت" فرح بهرام جداً و نظر هو و بيترا لبعضهما حتى اكملت العجوز :"لا يا صغيري ، ليست هذه الفتاة بل ستقع في حب اميرة .... و ستتألم كثيراً لاجل وقوعك في هذا الحب ... ألم يفوق كل شئ مررت به من قبل ... ولكن اعدك ان النهاية ستكون مدهشة" بدأت ملامح الشابان تتغير للقلق الشديد و الرعب.
سألها بهرام :"هل سأكون سعيداً بآلامي ؟" تعجبت العجوز جداً من هذا السؤال العميق و قالت له :"لا احد يكون سعيداً بالآلام يا فتي ... انه حقاً شيئٌ مؤسف" ثُبت بهرام في مكانه لم يستطع ان يتحرك او يتكلم كان فقط يفكر في كلام تلك العجوز حتى امسكت بيترا بيده قائلة :"آسفة لتشتيتك لكن يجب علينا ان نعود للسفينة ، قد انتهت نزهتنا" قال لها بهرام الذي بالكاد يحاول التركيز في حاضره :"نعم .. انتِ على حق .. حان الوقت لنعود" كانت تسحبه بيترا من يده بلطف طول الطريق حتى وصلا الى السفينة و صعدا على متنها.
بعد بضع دقائق بدأت السفينة في الابحار مجدداً. كيف يُمكن لزيارة لطيفة هكذا ان تُفسَد على آخر لحظة ، كان بهرام شارداً طوال الوقت و تركته بيترا عاذرةً لتصرفاته قد سمع للتو انه سيتألم كثيراً. اخذ يفكر في ما قالته العرافة ، الاميرة التي سيقع في حبها و مهمته السرية و الآلام التي سيتعرض اليها .. هل هى آلام نفسية ام جسدية .. هل سينجو في النهاية ام لا؟ استغرقت هذة الافكار بقية النهار.
عند حلول الليل ، اتت بيترا اليه و هو وحيداً و لمست كتفه بلطف بيدها الصغيرة لكنه لم يدرك. جلست بيترا امامه و لوحت له بيدها حتى ينتبه اليها ثم قالت له :"انظر .. انا اعلم اننا لسنا في علاقة حُب و ربنا لن نتقابل مجدداً بعد انتهاء هذه الرحلة و لكن انت صديقي الآن اليس كذلك؟" اجابها بهرام بهدوء:"نعم ... بالطبع نحن اصدقاء" اكملت بيترا وهى تتسطح على خشب السفينة ناظرةً لسماء الليل الداكنة :"حسناً يمكنني ان اجعل مزاجك يتحسن ... انظر الى تلك النجوم اللامعة".
تسطح بهرام بجانبها حتى يرى النجوم ثم قال :"اجل اني اري النجوم اللامعة" قالت له بيترا :"انظر أيضاً الى هذا القمر ... القمر نوره لا يسطع كل يوم ، في بعض الايام يختفي تماماً في الظلام و بعضها يكون نصف مكتمل و بعضها يكون مكتملاً تماماً و مضيئاً" قال لها بهرام :"اجل هذا صحيح" اكملت بيترا حديثها :"نحن أيضاً مثل القمر ، في بعض الايام يغطينا الحزن و الالم و في بعضها نستطيع التغلب على بعض الاحزان و في بعضها نتألق محققين احلامنا و منتصرين على جميع الضيقات و الآلام".
اُعجب بهرام جداً بحكمتها و تأثر بكلامها قائلاً :"انتي محقة يا بيترا .. لكن أتعتقدين حقاً ان بعد تلك الآلام سأُصبح سعيداً ؟!" اجابت بيترا :"بالتأكيد ! لا تقلق يا صديقي و ربما تلك السيدة هى مجرد دجالة ولا صحة لكلامها" شعر بهرام بتحسن كبيراً و قال لها :"شكراً لكي يا بيترا ، انتي حقاً صديقة رائعة .. سأفتقدك كثيراً بعد هذه الرحلة الطويلة" ابتسمت بيترا و عانقته قائلة :"انا أيضاً سأفتقدك جداً" تجمد بهرام في مكانه و لم يكن يعرف ماذا يفعل ، انها اول مرة في حياته يعانقه احد. شعر بهرام بشعور فريد بين احضان بيترا ، لم يضمه احد من قبل .. كان يرغب بالبكاء لكنه لا يستطيع. كيف لمجرد تصرف بسيط مثل العناق ان يحمل الكثير من الدفئ و الحنان؟! . ليلةٌ لطيفةٌ اخرى قضاها بهرام مع بيترا حتى حل عليهم النُعاس.