خَفَقانُ قَلْب

65 11 7
                                    

براء

أنا الذي لَم يشعر برجفةِ قلبٍ طوال العقدينِ الماضيين،  فكيفَ لعينيْ إنسانٍ ثقب قلب آخرٍ بمجرد نظرة؟

طالما ظننتُ أن مألفي الروايات يبالغون في وصفهم،
و استهزأت ممن يقول أنّ لعينا الإنسانِ سحرٌ خفي، إلى أن أسرتني عيناها العسليتين و جعلتني أرغبُ بالضياعِ فيهن برضاي حين وجدت نفسي مسلوب الإرادةِ..
منْ هي؟

ربما رفضها لي جعل كبريائي يَنكسِر للمرة الأولى في حياتي، فقد كنت دائمًا المدلل المحبوب، الذي تحيطه الفتيات بالإعجاب والرغبة. لم أعتد يومًا على صعوبة في مغازلة فتاة أو كسب قلبها، لكن هذه الجميلة كانت مختلفة؛ فهي المرغوبة بحق، ولأول مرة، كنت أنا الساعي وراء نظرة إعجاب دافئةٍ، تنبعثُ من تلك العينين اللتين تشبهان شمس الصباح الأولى، و كأنهما تمتزجان بلمعانٍ ذهبي يختلط فيه السحر بالغموض؛ فحينما دخلت المكتبة لأول مرة، أدركت من أول نظرة تبادلناها أنني سأكون أنا الضحية، فقد أصبحتُ أسيرًا لها من اللحظة الأولى ، ومن يزعمُ أن الحُبّ لا ينبثق من النظرة الأولى؟ فها أنا ذاهل أمام جاذبيتها، وقد اختطفني الحب في غمضة عين.

كانت بشرتها ناعمة كبلورةٍ نقيةٍ تشع نوراً عند تسليط الضوء عليها، أما شفتيها الورديتين فكانتا كزهرتين ندّيتين تجعلانك تتلهف لسماع أي كلمة تتدفق منهما. وما زادها تميزاً وسحراً هو اسمها الفريد، لَيَاء، فهو يحمل في طياته لمسة من الغموض والجاذبية.

شعرتُ أنني أضيع في أرضٍ بعيدة كإسمها، أغرق في بحرِ جزيرةٍ مَعلمُها التاريخي هو عيناهَا.

إحساس غريب عني أذوقه بجوارِها، كيف لفتاةٍ أن تكون هي البراء أمامي؟ أنا لا شيء معها، لقد سُرِقت مني الأضواء و وجدت أخيرا وجهتها الحقيقية.

لم يكن في حسباني أن تتمتع بقوة وثبات لا مثيل لهما، إنها الفتاة التي تأسر الأبصار بقوتها الفولاذية؛ والتي أذهلتني بقدرتها على جعلي أمامها كالشمع في يدها، ألين و أستسلم لكلماتها. كيف يمكن لحروفها أن تكونَ بهذه القسوة المدهشة؟

أظنها محقة، فأنا النرجسي الذي لَا يرى أحداً يعلاهُ إلى أن رأيتها، أنا البارد الذي لا يكن مشاعرا لأحد غير نفسه،
و أنا المستفز المستهزئ .

كيف يمكن لفتاةٍ صغيرة في سن السابعة عشر أن تصوغ هذه الكلمات الجريئة وتلقنني إياها، وهي تَنظر إلي بعيون تحترق بالحماسة والثقة؟ كيف يُمكن لها أن تسطر هذه الكلمات بحروف من نار، تَخترق قلبي و كأنها سهامٌ غير مرئي؟ ألَم تخشى الغضبَ الذي يحتل ملامحي؟

لكنني غادرتُ هارباً، و لا أعلم إن كُنت سأصادفها مرةً أخرى. تركتُها خلفي سالبةً عقلي، و كل آمالي أن تجمعَنا صدفة أخرى يومًا مَا.

Insta: @lets_be.strangers

لِنعُد غُرباءًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن