اخْتِبَارُ الْحُبِّ

19 4 0
                                    

كنتُ أظن أن كل شيء يصبح سهلاً بالحب.. لكن الآن أدركت أن الحب يجلب معه التحديات والصعاب. فما إن أخذت نفساً لأستريح من فراقنا و نبدأ معا من جديد حتى علمت أمي بالموضوع، وبدأت معركة جديدة.
لم تتقبل فكرة انفصالي عن حسام، وازدادت دهشتها حينما سمعت بقصة براء من حديثي مع الفتيات.

كنا جالساتٌ كعادتِنا في غرفتي، نتبادلُ الأحاديث عن آخر التطورات. أخبرتهن عن مشكلة براء، وكيف تغير بعدما وقفت بجانبهِ. تخلص أخيرًا من مصائبه بفضل والده الذي قدم له آخر معروف آنذاك، لينتقل براء للعيش في منزل جده الراحل، ويبدأ العمل كمحاسبٍ في فندقه المفضل.
قرر أخيرًا أن يقف على قدميه ويبدأ صفحة جديدة، تاركين الماضي وراءنا.

كُنا نظن أن شبحه لن يَلتهِمنا؛ فقَد كُنا عميان حينما كانت ظلاله تحاصرنا من كل جانب، لتلتهمنا في غفلة تامة...

بداية، مع أمي التي بذلت قصارى جهدها بتبعدني عنه، فما زالت كلماتها ترن في أذنيّ وهي تقارن براء بوالدي لحظة دخولها الغرفة بتوتر واندفاع قائلة:
"ماذا؟ براء؟ من هو براء؟" ثم تابعت بحدة: "هل انفصلت عن حسام من أجل شخص مدمن كأبيك؟" 

أجبتها مستنكرة: "ماذا تقولين يا أمي؟" 

ردت بحزم وقوة: "لقد سمعت كل شيء، لن تفتحي صفحة جديدة مع ذلك المدمن إلا على جثتي."

صمت اجتاحني و الفتيات، كانت أمي تصرخ بشدة، و تقول:" لن تصبحي مثلي، لن تصبحي مثلي!!"

حاولنا تهدأتها، لكن بلا جدوى، فقد أضحت و كأنها تمر بأزمة عصبية. شعرت بعجر و حيرة لا تطاق، كيف يمكنني أن أقنعها بما حدث؟ و كيف يمكنها التصديق أن براء ليس شخصا كحوليا كما كان والدي.

جلستْ أرضا و هي تنوح: " كنت أعرف أنني لن أستطيع حمايتك، الزمن يعيد نفسه لتشبهي أمك، يا إلهي مصيبة وقعتُ بها"

صرخت بأعلى صوت قائلة:" أميي!! براء ليس أبي!! و ليس بالضرورة أن أشبه قدرك! أنا سعيدة في حياتي معه! لن أدع خوفك يلتهم طمأنينتي يا أمي!!!"

تدخلت آلاء بهدوء: " لياء، اذهبي لاستنشاق هواء، نحن هنا، هيا"

غادرتُ الغرفة بخطوات متعثرة، مرتجفة من وقع كلمات أمي التي تتردد في أذني كطيف ثقيل. كيف سأخبر براء بهذا؟ كنت أعلم جيدًا أن ذلك سيثقل كاهله بالذنب وسيزرع في قلبه شعورًا بعدم الاستحقاق. لكنني شاهدة على رحلته الشاقة نحو التغيير، فقد تحول براء إلى شخص آخر تمامًا خلال الأشهر الثلاثة الماضية. إنه يفيض حبًا ويكرس كل جهده لإسعادي. لن أسمح للقدر أن يفرقنا مجددًا، ولن أخضع لقيود والدتي التي تسعى لتكبيلي بها مرة أخرى. سأظل بجانبه، لن أغترب عن قلبي مرة اخرى مهما كانت التحديات، و لن أترك المسافات تتسع بيننا مجددا...

لِنعُد غُرباءًحيث تعيش القصص. اكتشف الآن