أدركتُ أن الراحة المؤقتة لن تمنحني السعادة التي أتوق إليها، لذلك قررت مواجهة حسام بالحقيقة. كانت هذه اللحظةُ تنبض بالخوف والتردد، إذ أعرف أنني على وشك ارتكاب أكبر خطأ في حياتي.
حسام يحبني بصدقٍ لا يخفى على أحد، وحبه لي كان واضحًا كالشمس في وضح النهار.
لكن، كيف لي أن أسمح له بالغرقِ معي في هذه الدوامة التي علقتُ فيها؟ربما كان حسام يشعر في قرارة نفسه أننا لن نستطيع أن نستمر معًا، وهذا ليس بسبب براء. فحتى قبل عودته، لم أكن أشعر بالحب تجاه حسام.
كنا كاثْنيْنِ يتشبثان بحبلِ النجاة في بحر متلاطمٍ الأمواج، مدركين في أعماقنا أن هذا الحبلَ لن يقودنا إلى بر الأمانِ.
كانت قلوبنا تتمايل بين الأمل واليأس، تبحث عن ملاذٍ وسط العاصفة، لكن الحقيقة تظل واضحة... فلا يمكننا الاستمرار في هذه الخدعة، ولا بد من مواجهة الواقع مهما كان مؤلمًا..ربما كانت الوحدةُ هي ما دفعني للتمسك بوجوده، أو ربما كان ذلك الخوف العميق من مواجهة الحقيقة المرّة؛ تلك التي تقول إن الحب الأول لا يموت أبدًا، وأنني لم أتخطاه قط.
حينما دخل حسام غرفتي بعد يومين من خروجي من المستشفى، كانت نظرته مليئة بالإدراك، كأنه يعرف ما يدور في ذهني.
لكن، كانت هناك مفاجأة تنتظرني. فقبل أن أتمكن من بدء الحديث، قطع صمت الغرفة بقوله:
-"قبل أن تبدئي كلامك، لدي شيء مهم أود قوله."كانت كلماته تلك تتردد في أذني، محملة بعبق من الغموض والتشويق، فيما كنت أتساءل في داخلي عمّا سيأتي به من أخبار، وكيف ستؤثر على مشاعري المبعثرة بين الماضي والحاضر.
-" نعم، تفضل" أجبته بهدوء.
"أريد الانفصال."
كانت كلماته باردة وجافة، تخلو من أي مشاعر، كأنها طعنة في القلب. تساءلت في نفسي هل كل شيء ينتهي بهذه السهولة؟ بدأت أنظر إليه بعينين مندهشتين، لا أجد كلمات تليق بالموقف، ولا أعرف كيف أتصرف. كل شيء مر أمامي بسرعة الضوء، وكأن الزمن تلاشى.
ثم أضاف بنبرة استهزاء، كأنما يسخر من دهشتي: "تستغربين وكأنك لم تناديني من أجل هذا؟"وقفتُ هناك، محاطةٌ بصمت ثقيل، وقلبي يتسارعُ نبضه من وقعِ المفاجأة. كنت أحاول جمع أفكاري المبعثرة. شعرت بأن الغرفة تضيق حولي، وصَدى كلماته يتردد في أذني، كل كلمة تحمل في طياتها معنى مختلف.
حاولت أن أستعيد رباطة جأشي، ثم قلت:
-" لكن.. حسام.. يجب أن تسمعني"-"فهمت كل شيء يا لياء، لا حاجة للشرح. انتظرت طويلاً أن تبادليني نفس الاهتمام، لكنني كنت دائماً مجرد صديق لا أكثر. رأيتُ كيف تنظرين لذلك الشاب، نظَراتك التي لم أحظَ بها يوماً. صدقيني، لستُ مستاءً من الوضع، أتمنى لك السعادة من كل قلبي. فرغم كل ما كنت تخفينه في قلبك، إلا أنك أسعدتني بوجودك معي."
أنت تقرأ
لِنعُد غُرباءً
Romanceفي مدينة صور اللبنانية، تعود لياء، الممرضة الشابة، بعد غياب طويل لتواجه ماضيها وحبها الأول، براء، الذي تغيرت حياته منذ رحيلها. في رحلة مفعمة بالإثارة والتحديات، تتشابك الأقدار، لتعيد لم شمل الأرواح المبعثرة. لكن هل سيتمكن هذ الثنائي من تجاوز العقبا...