السابع

608 24 0
                                    


سجنها الاجباري الاختياري اصبح اكثر من سجن ...في كل يوم يمرعليها كانت تتعلق به اكثر فالحرية اصبحت مصدررعب لها ...حمل لا ترغب في حملة...السجن اصبح ملجئها ووحدتها اصبحت رفيقتها
اصبح لديها الوقت الكافي للنظر بترو في احداث الماضي..
التصرفات المبهمة بالنسبة لها فيما مضى اصبحت الان مفهومة
بعد انتقالهم للحي الراقي والشقة الفخمة والدها ابلغها انه لن يستطيع استخدام دراجتة النارية بعد الان ...قال لها في خجل..                          - ممنوع..طبعا مش مسموح لبناية اقل ساكن فيها مليونيرانه يسمح لموتوسيكل يركن جنب عربياته الفخمة اللي اقل واحده  فيهم سعرها معدى المليون ..
حينها اخبرها انه طلب من سائق المخزن توصيله كل يوم الي المخزن واعادته للمنزل بعد انتهاء الدوام.. وابلغها انه خزن دراجتة النارية في المخزن لانه لم يعد في حاجتها حالًيا ..
استرجعت تصرفات والدها منذ يوم انتقالهم..اكتشفت اكتشاف مذهل هزها....علي الرغم من جو الترف المحيط بيهم ..اكتشفت ان والدها لم يحاول كسب اي مكسب شخصى لنفسه ....حتى ابسط الاشياء مثل الملابس...علي الرغم انه حافظ  علي مظهر لائق مناسب للمكان الا انها اكتشفت في الحقيقه انه فعليًا كانت خزانته فارغه الا من بعض الملابس القليلة التي تستره  ..
اكتشفت ان المذياع المفتوح علي اذاعة القرآن الكريم اختفي من حياتها.. اختفي لأن الشقة لم يكن بها واحدًا وسلطان رفض شرائه من اموال هبة
سلطان اعتبر اموال هبه امانة رفض ان  يمد يده عليها ويستفيد منها بأي طريقة واعتبر هبه بنفسها امانة عنده  ...امانه حافظ عليها بحياته لادهم...  " شغلتى اخد بالي من الشقه واللي فيها " هكذا اخبرها يوم انتقالهم من الحاره ..حافظ لادهم علي ممتلكاته الغالية بما فيهم هى شخصيًا ...اثمن الممتلكات ..
تذكرت في يوم عيد ميلادها السابع عشر ... يومها فاجئها بسلسلة ذهبية....
مصحف ذهبي صغير يتدلي حول عنقها الجميل...حينها دمعت عيناه وهو يقول ..                                                                           
- انا بعت الموتوسيكل النهارده ...خلاص معدش ليه فايده ومش هيكون له استخدام تانى...افتكري دايمًا ان السلسلة دى بفلوس الموتوسيكل...
حبيبي يا بابا ...جبتلي هديه بفلوسك وكنت عاوزنى اعرف كويس انها منك مش من تمن بيعى...
بعد عدة اشهر اكتشفت بالصدفة ان المصحف يفتح... فتحته فوجدت بداخله الصورة الوحيدة التى كانت لديهم لوالدتها الراحلة.... 
والدها سلمها تركتها...كل ورثها منه... كل ممتلكاته كانت دراجتة النارية وصورة والدتها 
....... 
السنة الدراسية انتهت ...سنة اخري مرت من عمرها ...رفضت كل الدعوات لحضور حفل انتهاء العام الدراسي كالمعتاد ....في ايام المدرسة كانت تقضى اجازتها الصيفية في المدرسة اما الان فشهور الصيف طويلة كئيبة تقضيها بين حوائط سجنها...
حاليًا فترة الاجازة سجن انفرادى...حفظت جدران البيت شبر شبر         من اليوم ستبدأ الاجازة ... ستبدأ العذاب ...الدراسة كانت تشغل وقتها في شهورالسنة الدراسية ...اما الان فهى تستعد لشهرين من السجن الانفرادى
مع وصول سائقها ليقلها الي المنزل ... ودعت حريتها الجزئية واستقبلت سجنها الانفرادى.....
.............
الم عنيف في بطنها ايقظها من النوم....حاولت النزول من الفراش لطلب المساعدة من  الماس لكنها لم تستطع...المشى يسبب لها الم رهيب ...عادت لفراشها....نوبة غثيان ضربتها ...لابد لها من المحاولة مجددًا...         
ليتها طلبت المساعدة عندما شعرت بالالم قبل نومها لكنها اعتقدت ان النوم سيريحها ....
ضغطت علي نفسها وحاولت الذهاب لحمامها ...الالم غير محتمل...الدموع غلبتها ...صرخت في الم ..وامسكت بطنها ... رعشه هزت كل جسدها رعشة لم تستطع السيطرة عليها.... حرارتها كانت مرتفعة وعرق غزير يتصبب منها...
" يارب ساعدنى" ...                                         
وكأن دعواتها استجابت الماس فتحت بابها ودخلت الغرفة وهى تصيح بقلق..
- انسه هبه ..مالك خير؟؟؟ ..سمعت صرخه وانا معديه من ادام بابك...
-  الحقينى ...هموت من الالم...مش قادره ..
الاحداث التالية مرت عليها بين الحلم والحقيقة ...الماس اتصلت             بالاسعاف فورًا...فقط عشرة دقائق ووصلت سيارة اسعاف وطبيب...      في خلال دقائق الانتظارالقليلة الماس ساعدتها علي ارتداء ملابسها وجهزت لها حقيبة ملابس صغيرة ...بدا وكأن الماس تلقت تعليمات وقامت بالتنفيذ ..
الاسعاف نقلتها لمستشفي كبير وضخم بالقرب من شقتها ...نفس المستشفي الذى نقل اليه والدها...في دقائق كانت شخصت حالتها بانها التهاب في الزائدة الدودية  ولابد لها من دخول العمليات فورًا..
الالم النفسي لوحدتها المها اكثر من الم بطنها...تقريبًا كانت المريضة الوحيدة في المستشفي التى لا يوجد معها اهل...وكأنها نبتة شيطانية بلا جذور...
صحيح الماس كانت معها عند وصولها ولكنها اختفت فور وصولها الي المستشفي...مرة اخري تنفذ التعليمات بألية...تلك الالة لا مشاعر لديها اطلاقا الان لا تتعجب من عزوفها عن الزواج ..فهى لا تحمل قلبًا ينبض مثل كل الناس...مكتفية بنفسها بشكل غريب...
تسألت بمرارة اين وجدها ادهم ...؟
انتقلت الي غرفة كبيرة في انتظار تحضيرها للعملية...ابلغوها انها ستدخل الي العمليات بعد ساعة واحدة فقط...اصوات المرافقين للمرضى الاخرين التى تطمئنهم تسللت اليها من خلال الجدران ...الجميع لديه احد ما بجواره اما هى فليس لديها أي احد ......اكتشفت كم هو صعب ان تكون موجودة في مستشفي وتستعد لاجراء عملية بدون ان يكون أي شخص بجوارها ..
ممرضة مبتسمة بلطف دخلت اليها وساعدتها علي استبدال ملابسها لزى المستشفي الاخضر الكئيب ...ربطت لها شعرها الأصفر بطاقية خضراء ايضًا... دخلت ممرضة اخري ونقلوها سوًيا لغرفة العمليات...
احساس عنيف بالخوف ضربها .... تمنت لوان والدها كان مازال معها..  في مرضها كان دائمًا يطمئنها وهو يقرأ القرآن بصوتة الجميل...حلها الوحيد حاليًا هو استرجاع  صوته وهو يقرأ القران علها تطمئن قليلًا .. فكرت في نفسها بالم طاغى...                                                      ما اصعب شعور الانسان بالوحده وخصوصًا وهو مريض....""
في غرفة العمليات كانت ترتجف بشده ...اخر ذكرياتها كانت صورة  طبيب التخدير الوسيم وهو ويحقنها بشيء جعل الغرفة تدور من حولها...
.............
يا الله ماهذا الحلم الرائع!! ...ليتها لا تستيقظ منه ابدًا...
حلمت بوجود شخص حنون رائحته مثيرة يجلس بجوارها علي السرير يحتضنها بقوة.. يدللها كأنها كنز ثمين يقبل جبهتها بحنان..حلمت ايضًا انه يمسح وجهها بمنديل منعش...الحلم الرائع لم ينتهي بعد فذلك الجالس بجوارها انتزع غطاء شعرها بلطف شديد واصابعه مشطت شعرها بحنان غامر كم ارتاحت لصوته الهامس .. لكلامه الذي يجعل قلبها يخفق حتى في الحلم كان يهمس في اذنها بكلام لم تسمع مثله من قبل .. كلام سبب لها قشعريرة في عمودها الفقري...شفتاه تجولت بحرية اكبرعلى وجهها مجددًا واقتربت من شفتاها...                                                                 طوال عمرها محرومة من اللمس ...حتى في حياة والدها ... لم تتذكر احتضانه لها ابدًا....
او في الحقيقة احتضنها مرات قليلة ...استمتعت بحلمها لاقصى درجة   الحلم عوض افتقارها للمس ...للتواصل البشري ...شعرت ان بطل حلمها سوف يبتعد.... تذمرت بشدة ...وشعر هو بإعتراضها فعاد لمكانه بجوارها يحتويها بين ذراعيه مجددًا ..اقترب منها ... جسده ضغط جسدها اليه ووضع ذراع  قوية تحت رأسها فاطمئنت انها محمية واستسلمت بسعادة للدوار الذى كان يهاجمها بشراسة كى يحتل عقلها...
حلمها انتهى والدليل انها عادت وحيدة مجددًا والرائع الذى كان يحتضنها اختفي مع الحلم  .. الم بطنها  الشديد مكان الجرح يأكد لها انها استيقظت بالكامل من التخدير ففى حلمها لم تكن تشعر بأي الم فقط كانت تشعربالنشوة ... فتحت عينيها ببطء شديد ... كانت تشعر بالظمأ ...لمحت نفس الممرضه التى رافقتها لغرفة العمليات.. تجلس علي مقعد بجوار فراشها...
- ميه ...عطشانه... هبه هتفت بضعف
الممرضه نهضت فورًا... اقتربت منها وقالت ...
- حمدالله علي سلامتك  لسه شويه علي الشرب... لازم الدكتور يشوفك الاول قبل ما اقدر اسمح ليكى بالشرب
الممرضة اخذت علاماتها الحيوية وخرجت تبلغ الطبيب باستيقاظها
الم يكن الحلم اجمل يا هبه ها قد عدتى لوحدتكِ الاليمة ولالم بطنكِ     الحقيقة المرة ملئت عيناها بالدموع..." وحيدة في المستشفي يا هبه حتى يوم عمليتكِ "..ربما ستنتهى حياتها هنا كما انتهت حياة والدها ...لكن الالم القوى في بطنها مع كل حركه او كل نفس انبئها انها تجاوزت ازمة المرض وعادت لوحدتها المريرة...
ما حدث بعد ذلك كان  شىء لا يمكن ان تتوقع حدوثه ابدًا...الممرضة التي ذهبت لابلاغ الطبيب انها استيقظت عادت بسرعه وقالت لها باهتمام ..      - عندك زائر بيطلب يدخلك..
كادت ان تقفز من سريرها ...
- زائر ...زائر مين..؟....عقلها اشتغل بسرعة الصاروخ ..مين ممكن يجينى..؟ انا معرفش أي حد
الممرضة ....
- ادهم بيه البسطاويسي
من يوم مقابلتهما الكارثية في مكتب عزت حمدى المحامى وهى لم تره اطلاقًا كل تعاملاتهم المالية كانت من خلال عزت المحامى وكل طلباتها كانت تصل اليه من خلال الماس..
بالتأكيد عندما علم عن مرضها اتى لرؤيتها كواجب ثقيل مفروض عليه....لاول مرة منذ استيقاظها تنتبه لشكل غرفتها ...الغرفة لم تكن غرفة عادية  .... بل كانت جناح فخم جدًا ..جناح استثنائي...

الممرضة اكملت بحشرية ...                                                        - ادهم بيه مهتم بيكى جدا وطلب منى انى افضل جنبك من ساعة ما خرجتى من الافاقة .....
كلمة السر ادهم البسطاويسي واموال ادهم البسطاويسى ونفوذ ادهم البسطاويسي.. فكرت في سرها
حاولت الجلوس لكن الم بطنها العنيف منعها ...تأوهت بصوت عالي
الممرضة اتجهت اليها فورًا...                                                        - استنى انتى عاوزه ادهم بيه يفصلنى..؟
علي الرغم من المها الشديد..
سألتها بدهشة ..
.- ادهم ؟
- ايوه ادهم بيه صاحب المستشفي ..او بمعنى ادق سلسلة مستشفيات.... المستشفي دى واحده من سلسلة مستشفياته الكتيره ...
ثم سألتها بفضول واضح ...
- هو انتى متعرفيش ..؟..اصلك اندهشتى اوى لما قلتلك
" لا طبعا معرفش وهعرف ازاي  ... ده حتى معرفش اساسًا ان مستشفي كبيره كده ممكن تكون ملك لشخص واحد..." هبه فكرت 
وساعدتها  الممرضةعلي تعديل وضعها بحرص ووضعت لها وسائد خلف ظهرها مكنتها من الجلوس ثم مشطت لها شعرها بفرشاة ...هبه لاحظت نظرات الاعجاب التى ظهرت علي ملامح الممرضة وهى تمشط لها شعرها ...
-  شعرك رائع... اسمحيلي اسألك شكله طبيعى مش مصبوغ مش كده..؟
- اه طبيعى عمري ما صبغت...                                                نظرات الاعجاب الان اختلطت بنظرات الحسد ..                               - يا بختك...خلاص جاهزه ابلغ ادهم بية ...؟ 
وبدون انتظار ردها خرجت الي الصالون الملحق بالغرفة لابلاغه بأنها مستعدة ...
ادركت الان سبب الاستقبال الحافل والمعاملة المميزة التى تتلقاها منذ وصولها فهى من طرف الرجل الكبير...ضحكت مع نفسها بسخرية  
الممرضة فتحت الباب مرة اخرى وقالت ...                                        - اتفضل يا فندم
هوى قلب هبه في ارجلها وامسكت بطنها بقوة بكلتا يديها
دخل ادهم الي غرفتها ببطء وهو يراقبها بتمعن ...
اضخم واطول مما كانت تتذكر...حلته السوداء المصممة خصيصًا له زادت من جو السلطة والقوة حوله...الشيء المختلف كليًا عن اخر مرة رأته فيها كانت نظرة عيونه علي الرغم من ان يومها لم تجلس معه سوي دقائق معدوده انتهت سريعا لكنها كانت تتذكر نظرتة الحيوية الجريئة اما اليوم فكانت نظراته مرهقة حزينة...
دخوله الرسمى المتحفظ للغرفة اراحها كثيرًا ...حياها بأدب وقال بطريقة رسمية....                                                                               - حمدالله علي سلامتك يارب تكونى بقيتى احسن
هبه ردت بضعف....
- الحمد لله
انتظربجوارالباب وكأنه يختبر رده فعلها علي رؤيته....هدوءها شجعه علي الاقتراب من سريرها وقال ....                                               
- الممرضه هتفضل معاكى لحد ما تخرجى بالسلامة من هنا ..اي طلب ما تتكسفيش هى هنا عشان تنفذه
سعلت بقوة..السعال سبب لها الم فظيع في  مكان الجرح فامسكت بطنها وتأوهت بألم .... 

ادهم فزع من المها اقترب منها ومد يده كأنه سيلمسها ثم تردد وسحب يده فورًا واعادها الي مكانها ...يده غيرت اتجاهها وبدلًا من ان تساعدها  ضربت الجرس فوق سريرها
الممرضة دخلت الى الغرفة فورًا ....                                                - نعم يا فندم
ادهم امرها  ..
- استدعى الدكتور فورًا
الممرضة نفذت بدون جدال وخرجت وتركتهما
ادهم سألها بقلق ....- فيه الم..؟
هبه اجابته ...
- بس مع الحركة او الكحة

الطبيب دخل الي الغرفة فورًا وقال باهتمام ملحوظ .... 
تحت امرك يا ادهم بيه-
ادهم امره بترفع ...
- ريحها فورًا...الطبيب قام بفحصها وامر لها بأبره من عقار مسكن ...ادهم انتظر حتى انتهى الطبيب من فحصه لها  
بعد ذلك ثبت نظراته علي وجهها لدقائق ثم غادر الغرفة من حيث اتى ...

سجن العصفورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن