استقبلت كل لحظة من لحظات نزهتها في الحدائق الواسعة الملحقة بالقصر بلهفة شديدة ...حاولت ان تخزن في ذاكرتها اكبر قدر من الصور تسترجعهم فيما بعد عندما تعود لسجنها... فرصة نادرة لن تعوض ويجب استغلالها جيدا ...مجددا ادهم يظهر حسن تقديره للامور فدعوته لها للاقامة في قصره انقذتها...لربما الان كانت استسلمت لاكتئابها لو كانت خرجت من المستشفي علي شقتها ...تجربة اقامتها في القصر تجربة فريدة لن تنساها مطلقا ليتها تراه لتشكره علي دعوته ..
عبير انتزعتها من افكارها ...نبهتها بلطف .... - انا اسفه مش قصدى اضايقك ..بس مش كفايه كده انتى لسة ضعيفة بعد العملية
انتبهت الي انها بدأت تشعر بألم بسيط ..... - انا فعلا تعبت بس كنت زهقانه ومحستش بالتعب الا لما انتى نبهتينى
- انتى لسه مشفتيش الجزء الخلفي من القصر هناك حمام السباحه والجنينه الخصوصيه بادهم بيه
الجنينة والحمام مكان مغلق ما فيش حد يقدر يدخل هناك الا بإذنه .. لو تحبي تعالي ريحى هناك شويه
عبيرسندتها برقه ...خطيا خطوة بخطوة ...وعادتا الي القصر مرة اخري
الريسبشن الضخم يضم اكثرمن اربعة صالونات من افخم الانواع ...طاولة الطعام الكبيرة كان لها اثنى عشر كرسيًا ... عبير اشارت الي باب مغلق وقالت .... - ده مكتب ادهم بيه ..فيه صالون وحمام ...دخوله ببطاقات اليكترونية خاصه مافيش غيراتنين مسموح ليهم بدخوله ...ادهم بيه و مصطفي المساعد الشخصي واهم راجل بعد ادهم ....بيباشر الشغل لما ادهم بيه يسافر...سميرة رئيسة الخدم هى اللي بلغتنى بالمعلومات دى وقالتلي انها بتدخل تنضف المكتب كل يوم بس لازم يكون مصطفي موجود وهى بتنضف
دنيا جديدة غريبة عليها ..منذ اليوم الذى قررادهم عمل الصفقة فيه مع والدها وحياتها تتحول ...صفقة من المفترض في خلاصتها ان يستفيد الطرفان ...ادهم تخلص من زواج لا يرغب فيه وهى تخلصت من الفقر والتهديد....سؤال ينهش عقلها بقوه لماذا اختارها هى ...؟
اسم فريدة اقتحم افكارها...ربما ادهم تزوجها كى يتمكن من الحياة بحرية وانفلات...تخلص من مشكلة زواجه الغير مرغوب فيه واحتفظ بعلاقاته الانثويه الغير شرعية ...ظاهريًا له زوجه ...بس هى في الحقيقه مجرد غطاء ...تخلصت من افكارها بصعوبه فعلي أي حال ما شأنها هى بادهم وخططه طالما هى ايضًا تستفيد...
الصالون ينتهى بابواب زجاجية تطل علي حوض السباحة المميز في تصميمه والحديقة الصغيرة...الابواب لها ستائر تحمل لون مارون غامق طياتها القصيرة تغطى فقط نصف الابواب العلوى....
عبير اقتربت من الابواب ...وادخلت بعض الارقام علي جهاز شبيه بالاله الحاسبه مخفي جيدًا تحت الستارة السميكة وقالت .... - انا معايا اذن من البيه بدخول المنطقه دى عشان اوصلك لما تحبي تتمشي فيها...
بمجرد انتهائها من كتابة الارقام علي الجهاز ...الابواب فتحت فورًا
عبير ساعدت هبه علي الدخول الي منطقة المسبح.. اجلستها علي طاولة لها مظلة بلون ابيض...اراحتها علي مقعد من مقاعد حوض الاستحمام المريحه المصنوعة من قماش سميك وقالت ..
- انا هروح اطلب لحضرتك مرطبات اكيد انتى عطشانه
وبعد ان تأكدت من جلوسها براحة علي المقعد المخطط بالاصفر وذهبت لطلب المرطبات لها...
ايضًا من مميزات اقامتها في القصر معرفتها بعبير فهى علي الاقل تحمل المشاعر وليست اله مثل الماس ... ايقنت انها بسهولة قد تصبح صديقة لها اذا ما توفرت لهم المدة اللازمة لتأصيل تلك الصداقه...
استغلت الفرصه وتأملت المكان من حولها...ادهم له ذوق رفيع في كل ما يختار ...اثناء تجول عيونها في المكان لمحت ادهم يخرج من غرفة الغيار الموجودة بجوار المسبح ...كان يرتدى شورت سباحة قصير جدا ويحمل منشفة كبيرة في يده مخططه ايضا بالاصفر مثل المقاعد...
ادهم كان يتجه الي الحوض ولم يلحظ وجودها حتى الان ....
لاول مره في حياتها عيونها تري رجل يرتدى مثل هذا القدر الضئيل من الملابس ....وجهها تلون بكل الالوان المعروفة ... الخجل خشبها في مقعدها..
ادهم لمحها وهو في طريقه الي الحوض...صدمة رؤيتها مسترخية على المقعد بجوارالمسبح اوقفته في مكانه...بدى عليه التردد للحظات وكأنه يفكر في العوده من حيث اتى ولكنه عندما لم يلحظ أي رد فعل عنيف من ناحيتها علي وجوده اكمل طريقه للحوض..اختار اقرب مقعد بجوارها وقام بفرش منشفته علية ببطء شديد...
ادهم سألها بتردد ....
- عامله اية دلوقتى...؟
تجنبت رفع عينيها اليه كعادتها وقالت ....
- الحمد لله
سألها باهتمام حقيقى....
- مرتاحه هنا..؟ في اي حاجه ناقصاكى ؟
اجابته بامتنان ظهر جليَ ًا علي وجهها الجميل ...
- لا الحمد لله ..
ارادت شكره علي استضافتها في اثناء اصعب فتره في حياتها ...هو لا يدري كم تأثرت باهتمامه وفي تفكيره بالتفاصيل التى تهمها ...لكن الكلام انتهى فيما بينهما ......فهما غريبان في الحقيقة ... ورقة زواج هى كل الرابط الوهمى بينهما...كيف ستبدأ معه حوار وتعبرله عن امتنانها وهى لم تتحدث في حياتها الي أي رجل باستثناء عزت المحامى وسائقها الخاص ... وهم اعتبروها مثل ابنتهم وعاملوها كما كان يعاملها والدها رحمه الله....
وحاولت النهوض.. قررت ترك المسبح له فهى لن تتطفل علي خصوصيته.. فهو لم يدعوها بل لم يكن يعلم بوجودها عندما اختارالسباحة في ذلك الوقت ...هو تجنب رؤيتها منذ مجيئها اذًا لن تضايقه بوجودها الالم البسيط في بطنها عند محاولتها النهوض ظهرعلي وجهها فورًا
ادهم رفع عينيه وركز نظراته علي وجهها المتألم وقال بصوت متقطع... - هبه انتى تعبانه..؟.. في اي الم ؟
هبه ردت بهمس ....
- الم بسيط مع الحركة
ظهرعليه الاهتمام الشديد ...اقترب منها لدرجة انها احست بأنفاسه علي وجهها وقال ....
- تحبي اطلب الدكتور..؟
هزت رأسها ....
- لا ده عادى مع الحركة الالم بيقل كتير الحمد لله ..
,,,,,وبدون مقدمات نهض فجأه وقفزالي حوض السباحة... قطع الحوض مرات ومرات
تحت نظراتها الفضوليه ... اهتمامه بألمها اثار مشاعرها ..لسبب ما لم تستطع المغادره كما قررت وجلست تراقبه
اطول منها بكثير مع انها دائمًا كانت تصنف انها من الفتيات ذوات القامه الطويله... قد يكون اطول منها بحوالي عشرين سنتيمتر علي الاقل ضخم جدا ...عضلاتة متناسقة ومشدوده....شعرة اسود طويل وناعم ملامحه خشنه لكن علي الرغم من ذلك كان لديه جاذبيه وغموض ...لون بشرته اغمق من بشرتها البيضاء الصافية بدرجات... تذكرت كلام عزت المحامى ..." ادهم البسطاويسي من عيله كبيرة في الصعيد "
ادهم قطع الحوض عدة مرات برشاقه وفي النهايه قررالاكتفاء وغادر الحوض بقفزه واحدة... تناول منشفته وبدأ في تجفيف نفسه ...
سؤاله فاجئها ...
- بتعرفي تسبحى ؟
هزت رأسها وقالت ....- ايوه اتعلمت في المدرسه - الحمام هنا فيه خصوصيه تامه لو حبيتى تسبحى في أي وقت اطلبي من عبير تجهزلك احتياجاتك....فيه خصوصيه تامه فاهمه قصدى...؟ يعنى ممكن تلبسي مايوه براحتك....
هبه هزت رأسها مجددًا
انها لا تدرك ما هو سبب الم معدتها الدائم عندما تراه لكنها اصبحت متأكده الان انها لا تكرهه ابدًا ......رائحة عطره خفيفة جدًا بعد السباحه لكنها مازالت تؤثر فيها ....
قوة شخصيته المسيطرة المتكبرة تجعلها مهزوزة امامه...ادهم معتاد علي القاء الاوامر ومعتاد ايضًا علي تنفيذ اوامره بدون نقاش
بكلمة منه كل حياتها تدار وترتب وبكلمة ايضًا منه يستطيع ايقاف حياتها وتدميرها... اذا هو اراد ذلك...هى تدور في فلكه ....
ادهم رفع يده وابعد خصلة متمردة قررت الهبوط علي وجهها .. لمسته ارسلت قشعريره في جسدها كله ...اغمضت عيناها في ترقب ... ادهم اقترب منها اكثروهى مازالت مغمضة العينين... كانت تشعر بالخدر يسري في كل جسدها ولم تستطع الحركة بعيدًا عنه ...
خصوصيتهما قطعت عندما اختارت عبيرالعوده في تلك اللحظه... عبيرعادت بصينية فضيه فخمة عليها مرطبات ومآكولات خفيفة
مفاجأه وجود ادهم وقربه الشديد من هبه الجمت عبير لكنها تمكنت من هز رأسها باحترام لادهم الذى اشار اليها بتقديم المرطبات .....
هبه اخدت العصير وبدأت تشرب ببطء.... فجأه ادهم نهض بقوه وقرر مغادرة المكان بدون أي كلمة اخري
..................
بعد مروراسبوع اخر.. تحسنت تماما واستعادت صحتها بالكامل....الم بطنها اختفي تمامًا ومجهودها عاد لطبيعته...محنة العملية انتهت اخيرًا لم تترك لديها سوى ندبة صغيره طولها ثلاث سنتيمترات في بطنها وذكريات اقامتها الممتعة في القصر
اكتشفت غرفة الرياضة بجوارالمسبح ...غرفة مجهزه بأجهزه تماثل اجهزة افضل النوادى الرياضية ...لكن جرحها مازال حديثا والطبيب حذرها من المجهود قبل شهور ...حتى السباحة اجلها حتى يتعافي جرحها تمامًاعلمت ان ادهم سافرالي الصعيد في سفرة مفاجئه طوال الاسبوع الماضى منذ يوم مقابلتهم عند المسبح بالتحديد ...سألت الماس عن ميعاد رجعوهم للشقة لكن الماس للاسف لم يكن لديها اي اوامر جديدة فيما يتعلق بانتقالهم من القصر...فاكتفت بقول " لما ادهم بيه يأمر "
مر اسبوع اخروهبه تنتظراوامر ادهم الجديدة...عندما يئست من الانتظار طلبت من عبيرابلاغ ادهم برغبتها في مقابلته...عبير ابلغتها انه سافر من الصعيد الي دولة اروبيه وسيغيب لمدة اسبوع اخر...
انتظرت مرور الاسبوع بصبر ...ان كان من المفروض عليها ان تعيش في السجن طوال عمرها فعلي الاقل ابسط حقوقها ان تختارزنزانتها بنفسها
صحيح القصر افضل بكثيرمن شقتها لاسباب لا تحصى ولا تعد.. لكن وجودها بقربه يجعلها تشعر بالتهديد...يجعلها تشعر بالتمرد ...خافت من ان تتمرد علي حياتها القديمة فكل يوم تقضيه هنا يترك اثاره في روحها الخائنه .... كلما عادت اسرع كلما استاطعت تقبل وضعها...تقبلها السابق لحياتها كان كلمة السر التى جعلتها تبتلع مرارة وضعها
التهديد باحتمالية رؤية ادهم يسبب لها الم غامض في معدتها تعجز عن فهمه...هى الان لا تشعر نحوه بالكراهية اذًا فما هو ذلك الاحساس في معدتها كلما رأته او تذكرته...؟
في الحقيقة هى لم تكن تتعجل ابدًا عودتها لشقتها لكنها ارادت ان تعلم متى ستغادر تلك الجنه التى ادخلها ادهم إياها وتخاف من اعتيادها في نفس الوقت ....
اعتادت الجلوس في الحديقة بعد العصر لشرب الشاي وتناول الحلويات الفاخره التى تفننت فرحه الطباخة في تحضيرها...كانت تنتظر الغروب يوميًا وهى جالسة بالقرب من النافوره ...هنا علي الاقل عادت لرؤية العصافير وسماعها...منذ يوم انتقالهم الي الشقة وهى مفتقده اصوات العصافير عند نافذة غرفتها...
كانت تحمل معها بعض الحبوب وتضعها لهم علي حافة النافورة الكبيرة التى تتوسط الحديقة وتجلس تراقبهم بالساعات وهم يأكلون بشهيه..اصدقاؤها العصافير سوف يفتقدونها عند رحيلها ...
- اتفضلي يا انسه هبه
هبه رفعت عينيها فشاهدت عبيرتحمل قفص ذهبي بداخله عصفورة جميلة....ريشها بلون اصفر فاقع جدًا مطعم بريش صغير يحمل الوان مختلفه عند الذيل ....اجمل عصفوره شاهدتها في حياتها
عصفورة جميلة ضعيفة محبوسة في قفص ذهبي,, تذكرت نفسها فورًا عندما رأتها...
عبير اكملت ...
- الهديه دى وصلت ليكى من شويه مع وليد حارس ادهم بيه الخصوصي
ادهم ارسل لها هدية ...عصفورة ضعيفة تشبهها بدرجة كبيرة ..محبوسة في قفص ذهبي مثلها ..
يا تري اية رسالة يريد ادهم ايصالها لها بهديته...؟
وضعت عبير القفص علي طاولة جانبية في التراس المفتوح علي الحديقة الرئيسية ...لدقائق ظلت تراقب العصفورة .. الحبوب كانت امامها بوفرة لكنها لم تأكل .. فشعرت هبة انها حزينة ووحيدة...
الذهب يحيط بها من كل جانب لكنه يظل سجن يمنعها عن حريتها...
العصفورة كأنها كانت تبكي ...سمعت صوت نحيبها الهامس ...حاولت لمس ريشها كي تواسيها ففزعت العصفورة منها وقفزت بعيدًا عن لمستها
فتملكتها رغبه شديده بفتح القفص لها...للحرية التي تعانى هى من الحرمان منها ...ربما العصفورة سوف تسعد بحريتها.... وتستعيد غنائها بدلًا من بكائها ... بدون تفكير يدها التي حاولت لمس العصفورة اتجهت لباب القفص وفتحته على مصرعيه ... فتحت الباب امام العصفورة للرحيل.. العصفورة ترددت لبعض الوقت ثم قررت أن تأخذ المخاطرة وتغادر للحرية وطارت باندفاع ..
فى نفس اللحظة استدارت للعودة لداخل القصر...شاهدت ادهم يقف عند مدخل التراس وهو يراقبها باهتمام ...
أنت تقرأ
سجن العصفورة
Romanceفي صفقة اشبه بالمعجزة تم الاتفاق بين عم سلطان الساعى البسيط والملياردير ادهم البسطاويسي صاحب الشركات ورب عمل سلطان علي انتقال هبه وسلطان من منزلهم البسيط في منطقة شعبية والتي اصبحت مرتعًا للبلطجيه الى شقة ادهم الفخمه في ارقى احياء مصر...تلك الصفقة ا...