الثالث عشر

752 30 0
                                    

تفكيرها في تهديد ادهم منعها من التركيز في اي كلمة طوال فترة وجودها مع العائلة في الصالون ...ادهم قال .." قريب اوى" ...يا تري ماذا كان يقصد من وراء كلماته...؟ لكنه تعمد ايصال رسالة لي ...في الحقيقة ادهم لم يكن يحدثهم هم بل كان يعلمها هى ...يطلب منها اخيرا سداد ديونها ...  اتمام نصيبها المؤجل من الصفقة 
صوت ادهم وهو يطلب منها ان ترافقه لمشاهدة البيت نبهها انها غائبة في دنيتها الخاصة منذ وقت طويل ... الروتين اصبح انه يمد يده لها وهى تتقبلها بدون نقاش...
اول مكان اخذها اليه كان غرفة مكتبه الخاصة ...المكتب ممتليء بتماثيل وتحف كأنه متحف...ادهم اجلسها علي كرسي مريح وسألها ...               - تحبي تشربي حاجه ؟
هزت رأسها بالرفض...
ادهم اتجة لجهاز فونوجراف قديم وشغل اسطوانة موسيقية هادئة
ادهم سألها بفضول ...
- بتحبي الموسيقى ؟
اجابته وهى تستمتع بالموسيقى التى ادارها ادهم ...                        - اكيد هى تسليتى الوحيدة ..هى والقرايه...دة الكونشراتو 23 لمودزرت
ادهم اجابها باعجاب واضح لتعرفها علي المعزوفة الرائعة...                 - برافو ...فعلًا المدرسة تستاهل تمنها الغالي...اتعلمتى السباحة والموسيقي
هبه ردت بحدة واضحة لم تتمكن من السيطرة عليها ...                         - ايوه... وكمان اتعلمت التنس ...مهارات بنات الطبقة الراقية اللي انا مش منها بس فلوسك خلتنى منها ظاهريا ...مش ممكن حد يعلق علي لبسي او طريقة اكلي او تصرفاتى ادام معارفك...بس اللي انت نسيته ان محدش ابدا سألنى عن رائى في مصيري ...قررتوا واتصرفوتوا بالنيابة عنى...
عمرك سألت نفسك انا موافقه ولا لا مش يمكن كنت بفضل حياتى القديمة ؟
انفجارهبه الان لم يكن له أي مبرر...حتى ان ادهم لم يكن يتوقعه فهو كان يفتح معها مواضيع مهذبة للنقاش ..
ولكن اخيرًا الكلام المحبوس داخلها لسنتين تحرر..فعليًا هذه اول محادثة لها مع ادهم بإستثناء المحادثات التقليدية المهذبة اللي كانت بينهم منذ يوم مرضها هبه كانت تدرك جيدًا ان أي شيء اتفق عليه والدها مع ادهم كان لمصلحتها الخالصة ...وضعها الحالي لا يقارن بوضعها السابق ...ماديًا وعلميًا وثقافيًا لكنها احتاجت لقول ما قالته... ادهم لابد له من دفع الثمن... اضافت بسخرية متعمدة ايلامه بشدة....                                            - طبعا المزايا دى كانت تمن بيعى...الحمد لله تمنى كان غالي لازم احس بالفخر..
لاول مرة تشاهد ادهم المتكبر الواثق من نفسه ...بمثل تلك العصبية
ادهم اقترب منها وامسكها من كتفيها وهزها بعنف...                            - انتى قررتى تقفلي عقلك وعنيكى عن كل اللي بيجرى حواليكِ...عجبك دور الضحية ..الطفلة اللي الراجل العجوز اتجوزها من غيرعلمها ولا رضاها... لو بس فكرتى شويه هتشوفي الحقيقة...
اغمضت عينيها وهزت رأسها برفض لكل ما يقول هى لا تمثل دور الضحية فهى لا تنكر فضله عليها لكنها كانت يجب ان تخرج الكلام المحبوس داخلها منذ سنوات كى تتحرر منه ربما تأخر كثيرًا في الخروج حتى فقد معناه لكنها احتاجت الي ذلك بقوة ....                                 ادهم مازال يتذكر كلامها عنه في مكتب المحامى...مازال مجروحًا من وصفها اياه بالعجوز...
ادهم اكمل كلامه بمرارة واضحة ...                                               - انا فعلًا كنت قررت بعد مقابلتنا في مكتب عزت انى امسحك من حياتى اديكى حريتك بعد ما تخلصى كليتك عشان ابقي وفيت بوعدى لسلطان اخلصك من الراجل العجوز واسيبك تعيشي حياتك بالطريقة اللي انتى تختاريها بس للاسف..عمليتك غيرت حاجات كتير....
حاولت ان تشرح لها سب وصفها اياه بالعجوز وانها كانت تعتقده اكبر من والدها وان سبب اعتراضها علي وضعها ليس له علاقة بسنه ابدًا ولكن  صوتها خرج متقطع وجملها غير مفهومة...
ادهم تجاهل محاولتها للكلام واكمل بخشونة...                                    - انتى دلوقتى مش الطفلة اللي انا خالفت قوانين الدنيا كلها واتجوزتها من 4 سنين ...دلوقتى انتى ناضجة وتقدري توزنى الامور صح...                 بغض النظر عن سبب جوازى منك ..انتى ايه كانت خياراتك من غيري؟...طيب حاولتى طول سنتين انك تفهمى قفلتى علي نفسك وعلي مرارتك ...لو بس شغلتى عقلك يمكن كنتى حاولتى تفهمى...بس احب ابلغك ان فرصتك للفهم ضاعت ...وجه وقت التنفيذ الفعلي ...لازم تأهلي نفسك ان جوازنا بقي حقيقة ما فيهاش خلاف وكل الناس عرفوا انك مراتى وتحويله لحقيقة هى مسألة وقت....مش بمزاجك تدخلي حياتى وتخرجى منها من غير ما تدفعى التمن ....اعملي حسابك انك هتجيبى ليه وريث ...متوقع منى اجيب وريث .. عيلة البسطاويسي لازم تستمر...
انا هسيبك الوقت اللازم لحد ما تتعودى علي الفكرة بس حابب انبهك ان انا استنيت كتير ومش هستنى تانى اكتر من ايام
الدموع غلبتها...شهقاتها غطت علي صوته ...قسوته جرحتها
ادهم اشار لها بقرف ...                                                               - اطلعى غرفتك يا هبه ...احسنلك تختفي من وشي الليلة دى والا انا مش مسؤل عن اللي هيحصلك
..............
تقريبا ركضت  حتى الباب ..لاول مرة يتركها تغادربمفردها من دونه او من دون عبير ..لكنه لم يستطع تحمل وجودها اكثر من ذلك                 خرجت من المكتب ودموعها الغزيرة تمنعها من ايجاد طريقها...  البيت الكبير مازال متاهة بالنسبة اليها ...حاولت ان تتذكر مكان السلالم كى تصعد للطابق العلوى... بعد صعوبة هبه كانت في غرفتها اخيرًا ...
وضعها الجديد مخيف بالنسبة اليها ...الامان الوهمي الذى احتمت فيه تخلى عنها الان....
كلمات عزت ترن في اذانها...لماذا لا تستطيع الاستسلام وتقبل وضعها ...؟ الا يكفيها انها سوف تصبح زوجة الملياردير ادهم البسطاويسى ...؟
حقيقة انها اجبرت علي الزواج بدون علمها تكتفها وتجبرها علي الرفض  اه لو والدها كان مازال حى لربما كان تحمل نصيبه من اللوم بدلا من ان تحمل ادهم كل لومها وحده  ...ادركت انها  تريد من ادهم اكثر من مجرد زواج تقليدى لانجاب وريث له ...لكنها لم تدرك جيدًا ماذا كانت تنتظر منه بخلاف ما اعطاها اياه مسبقا...
علي حسب كلامه ان عمليتها غيرت مصيرها...وجودها في بيته تسبب في تحويل زواجهم لحقيقة...ادهم مجبرعليها بسبب اهله ...مجبرعلي ان يستخدمها من اجل انجاب الوريث المنتظر وهذا اكثر ما المها.... 
مصيري تحدد من يوم موافقة والدي علي الصفقة مع ادهم ولكن ادهم لديه الان خيارات كثيرة بخلافها ....
التفكيرارهقها ...فتحت باب تراسها وخرجت تستنشق هواء الليل النقي
اول ليلة تقضيها خارج القاهرة...منظر ظلام الليل الدامس بتلك الطريقة كان جديدًا بالنسبة لها ...من تراسها راقبت السماء السوداء وهى مزينة بالنجوم السماء كانت اشبه بثوب مخملي اسود مرصع بحبيبات الماس اللامعة  الظلام منعها من رؤية الحديقة ...جو الصباح الخانق تبدل الان الي جو مغري به نسمة هواء باردة ... 
فقررت النزول لاستكششاف الحديقة ...لم تري عبير من قبل ان يتناولوا العشاء وهى حتى لا تعرف مكانها الان... حتى لو حاولت الوصول اليها فلن تستطيع ايجادها في هذا البيت الكبير
لفت حجابها بنفسها ...نزلت السلالم فتحت باب البيت واتجهت للحديقة لم تقابل أي احد في طريقها ...مشت بدون هدف محدد...الضوء المنبعث من المنزل والحديقة حوله منعها من رؤية السماء المخملية كما كانت تريد ان تراقبها ...شاهدت منطقة مظلمة خلف البيت فقررت الذهاب اليها كى تراقب السماء منها بشكل افضل ...بالتاكيد الرؤية من هناك افضل ...    عندما وصلت لتلك البقعة المعزولة تأكدت انه كان معها حق ...       
السماء منظرها مذهل من الجزء المظلم كما توقعت ...استمتعت بالحرية اخيرًا حتى ولو لوقت بسيط .. اخذت نفس عميق ...رفعت رأسها للسماء في لحظة جنون بدأت تدور حوال نفسها برقة فستانها لف معها ..منظر السماء مع الدوران منظر خيالي لكنها بدأت تشعر بالدوار ...الارض اصبحت تدور معها بعنف قررت ان توقف الدوران وتوقفت فجأه ... ضحكت عندما احست بالدوخة تضربها بشدة مع توقفها المفاجىء ...رأسها مازالت مرفوعة للسماء انزلت رأسها واستعدت للعودة بعد ان انتشت من المغامرة اللطيفة التى تجرأت واقدمت عليها ...عيناها قابلت افزع منظر شاهدته في حياتها كلها...
فهناك في الظلام كان يقف اضخم كلبان رأتهما في حياتها ..الكلبان المتوحشان كانا يراقباها بتحفزوينظران اليها بنظرة مرعبة انبئتها انهم سوف يهجمان عليها حالًا ..
من غير ان تتنبه صرخت بصوت عالي ...                                       - ادهم 
وكأن ملاكها الحارس سمع ندائها...ادهم ظهر فجأه من العدم وهو يجري بلهفة واخذ جسدها المنتفض من الرعب بحنان وحمايه بين يديه وهو يقول  - متخافيش يا حبيبتى انا معاكى 
فتعلقت به برعب شديد ودفنت رأسها في صدره واغمضت عينيها لا تريد رؤية ما سوف يحدث لاحقًا... كانت تعتقد ان الكلبان سوف يهجمان عليهما معا...يداه ضمتها اكثرالى جسده ...احست به يرتعش مثلها تمامًا... سمعته يتحدث الي الكلبان ويأمرهما بالهدوء ... ادهم حملها بسهولة شديدة بين ذراعيه القويتان كأنها لا وزن لها واتجه بها للمنزل...
طوال الطريق للبيت ظلت تدفن رأسها في صدره ...سمعته يهدد ويسب بأسوء الالفاظ... كان يسب ويهدد حراسته الخاصة وغفر المنزل اللذين لحقوا به  ....                                                                        الحراسة والغفر كانوا قد تجمعوا بعد وصوله اليها  ...سمعته يخبرهم انه لولا رؤيته لها من نافذة مكتبه وهى تتجه بمفردها الي منطقة تواجد الكلبان لكانت هوجمت من الكلبين بعنف ...                                         توعدهم ان هذا الاهمال لن يمرعلي خير ...
ادهم صعد وهو يحملها الي طابقهما العلوى..رفض بقسوة اي عرض للمساعدة من اي حد ...ارقدها علي الفراش بلطف ...مازال يشعر برعبها ورعشتها العنيفة وتمسكها به بقوة ...
ادهم حضنها بقوة فترة فشلوا في تحديدها ..دقائق وربما ساعات
طمئنها بصوت هامس ...                                                             - هش متخافيش خلاص ...الحمد لله  عدت علي خير..بس انتى عارفه  دى اول مرة تنطقي اسمى ..
كانت ما زالت متمسكه به بكل قوتها ...رعشتها من الكلاب انتهت وبدأت رعشة من نوع اخر ...رعشة وجودها في حضنه
ادهم حاول تهدئتها بلطف ...فك حجابها كى يساعدها علي النوم براحة ساعدها علي التخلص من جاكيتها .. مال علي قدميها ونزع عنها صندلها بحنان... كانت مستسلمه مغمضة العينين ...ادهم عاد لشعرها ومسح عليه بحنان فائق وسألها بقلق...                                                        - هبه حبيبتى ...انتى كويسه...؟
ارتعشت وهزت رأسها... تمسكت به خائفة من ان يتركها بمفردها 
ادهم نهض من الفراش ...قرر المغادرة علي الرغم من اعتراضها الواضح ورفضها مغادرته ...
- هبعتلك عبير تساع...
فجأه  قطع كلامه وكأنه حسم معركته الخاصة ...عاد الي جوارها في صمت وانضم اليها  في الفراش مرة اخري ...خلع سترته واخذها في حضنه بلهفة ...

سجن العصفورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن