العاشر

618 25 0
                                    

لقد فتحت القفص بدون تفكير ...العصفورة نفسها ترددت قبل الطيران ... فورمغادرة العصفورة للقفص هي نفسها شعرت بالخوف عليها..           احيانًا  يكون القفص حماية وليس مجرد سجن... هذه العصفورة الجميلة الضعيفة ربما تتعرض للمخاطر بسببها...هذه العصفورة ربما كانت محبوسة ومحمية طوال عمرها...مثلها ...فهل ستستطيع ان تدافع عن نفسها وتعيش في العالم الحقيقي...؟
الندم ضربها بقوة لكن الوقت قد فات علي الندم ...وعندما استدارت للدخول للقصر للبكاء بمفردها علي غبائها وتسرعها في اطلاق سراح العصفورة شاهدت ادهم وهو يراقبها باهتمام شديد... 
ادهم كان يقف متخشبًاعلي مدخل التراس...موقفها من العصفورة واضح  و فهمه بشكل صريح ...هى اختارت ان تمنح العصفورة الشبيهة بها حريتها والذي اكد شكوكها ...ان ادهم لم يتكلم أي كلمه حتى انه لم يحيها وغادر التراس علي الفور...
بعد ساعتين  استدعاها في مكتبه ..عبير اوصلتها لباب المكتب وغادرت فورًا بدون أن تحاول مرافقتها للداخل ...من الواضح ان ادهم كان سيء المزاج  لان عبيركانت متوترة وهى تطلب منها الاسراع
كان يطالع بعض الاوراق خلف مكتبه لكنه نهض فور دخولها واشار لها بالجلوس علي مقعد جلدى مريح امام المكتب
فجلست في المكان الذى اختاره  لها وهى متوترة جًدا
بادرها بالقول ...
- عبير بلغتنى انك طلبتى تقابلينى
ردت بصوت منخفض خجول ...
- ايوه
عاد  ليسألها باهتمام ....
- خير؟
تسألت بخجل ...
- انا كنت بس بسأل امتى هرجع شقة الزمالك..؟

وكأن ادهم كان متوقع لسؤالها.. استنتجت ذلك من رده الفوري علي سؤالها
واجابها مباشرة ....                                                                     - انا طلبت بالفعل من عبيرانها تجهزك للانتقال من هنا
ارتياح ممزوج بالحزن احتلها بقوه عند سماعها لرده علي سؤالها...           فكرت بحزن ..." خلاص هترجعى لزنزانتك يا هبه ... "                    فعلي الاقل هنا كان يوجد بشر للتواصل معهم بعكس الماس الرسمية الروتينية ...لقد قضت معها 4 سنوات ..التواصل بينهما فيهم كان معدوم الماس جاسوس ادهم كما اسمتها كانت مثل الرجل الالي فقط تنفذ التعليمات بمنتهي الدقة والاتقان....
اما هنا فهى تعرفت علي عبير مساعدتها الشخصية وعلي فرحه الطباخة وعلي سميرة رئيسة الخدم وغيرهم وكانت تستمتع بالجلوس معهم في المطبخ علي الرغم من اعتراضهم...هى احبتهم وهم احبوا بساطتها وتواضعها....
كانت تري في اعينهم التساؤلات عن حقيقة وضعها ....لم يسألها  احد منهم عن طبيعة علاقتها بأدهم وهى خافت ان تسألهم عن حدود معرفتهم بطبيعة علاقتهم المعقدة...طالما تسألت اذا كانوا يعلمون انها زوجة ادهم ام لا...؟
اذًا قضى الامر فنهضت وفي نيتها الذهاب الي غرفتها والانتظارهناك متجنبة المزيد من رؤية ادهم حتى تنتهى الماس من التجهيز والاستعداد للرحيل لشقتها  لكنه عندما اكمل جملته هبه عادت للجلوس مجددًا من الصدمة..
- انا طلبت بالفعل من عبيرانها تجهزك للانتقال من هنا....وتبلغك انك هتسافري الصعيد معايا ..
اخر شيء توقعته في حياتها ان يطلب منها ادهم السفرالي أي مكان معه وبالأخص الي الصعيد...
الرعب في ملامحها جعله يقول بحدة ..                                            - انتى مراتى قدام اهلي والحجج اللي عندى خلاص خلصت... ازاي انا لاربع سنين كاملين مش بعرفك عليهم في الاول اتحججت انك صغيرة وانى كتبت الكتاب بس ومنتظرك لحد ما تكبري شويه ونتم الجوازه
بس بطريقة ما والدى عرف انك عندى هنا وتوقع انك خلاص كبرتى وانى قررت احول جوازنا لحقيقه وصمم انه يشوفك وكمان عمل حفلة كبيرة يحتفل فيها بجوازنا الفعلي
مع كلامه  شعرت بالرعب الحقيقي...
"اسافر معاه الصعيد عند اهله كأنى زوجته الحقيقية...؟"                        ارتعشت من الصدمة...جسدها كله اهتز برعشات قوية لم تستطع السيطرة عليها....   وشعر ادهم برعشتها...                                      
صوته عبرعن غضبه الذي لم يحاول كتمانه ...لاول مرة ينفعل عليها ويتحدث بصوت عالي اخافها للغاية ....                                           - الموضوع منتهى احنا هنسافر بكره ان شاء الله .... انتى مراتى وهتسافري معايا ...عندك اعتراض ؟
ولتأكيد جدية قراره  رفع هاتفه النقال واتصل بعبير يستدعيها للحضور...عبير وصلت فورًا وانتظرت تعليماته... 
سألها بنفاذ صبر ...
- جهزتى اللي قلتلك عليه...؟
- ايوه يافندم ..
امرها بترفع ..
- زى ما بلغتك قبل كده السفر بكره بدري واعملي حسابك هتسافري معانا  - حاضر يافندم
وفي اشاره من يده فهمت هبة منها ان المقابله انتهت وانه يأمرها بالانصراف ..
اخذت عبير  يدها التي مازالت تحت تأثير الصدمة وقادتها لخارج المكتب بلطف...كانت وكأنها احست باضطرابها ربما من برودة يدها التى كانت متجمده في يدها او ربما من تعبيرالذهول المرتسم علي وجهها لكنها في النهاية اوصلتها لغرفتها بامان ومنعت عنها غضب ادهم الذى كانت ستواجهه اذا ما بقيت للحظة واحدة امامه ...
بعد الفجر بساعة واحدة  كانوا في طريقهم الى المطار في سيارة سوداء ضخمة...
عند نزولها مع عبير استعدادا للمغادرة ...ادهم فتح لها باب السيارة ودعاها للركوب في المقعد الخلفي من السيارة وركب بجوارها من الباب الاخر عبير ركبت في المقعد الامامى بجوار وليد الحارس الشخصي لادهم  السيارة الليموزين الفخمة كان بها زجاج سميك يفصل المقاعد الامامية عن الخلفية حيث يجلسون ...
سيارة من سيارات الدفع الرباعى وبداخلها اربعة من حراسة ادهم المسلحين تبعتهم مثل ظلهم ...ادهم لم ينطق بحرف واحد طوال طريقهم للمطار ...لكنها لاحظت انه كان يختلس بعض النظرات اليها عندما تكون تنظر من النافذة ...
عند وصولهم الي المطار صدمت عندما علمت ان ادهم لديه طائرة خاصة...
طائرة ادهم البيضاء الجميلة كانت في انتظارهم ...صغيرة لكن فخمة  بطريقة مبالغ فيها ...كانت تستوعب اثنى عشر راكب ...فخامتها من الداخل تدل علي ثمنها الباهظ الذى من المؤكد ان ادهم دفعه فيها ....ادهم دائمًا يقتنى الاجمل ويحتفظ به لنفسه ويسخرامواله لامتلاك كل ما يريد حتى هى
المضيفة استقبلتهم عند الباب بضحكة مرسومه بإتقان...
ادهم وهي جلسا في مقصورة خاصه ..الحراسه وعبير جلسوا في المقاعد الخلفية...
ولاحظت دلع المضيفة الزائد عن الحد وتدليلها لادهم الذي قابله ببرود وكأنه معتاد علي ذلك ...                                                           بحركة لا ارادية امسكت حجاب شعرها ولمسته بإستغراب....             وهى تستعد للسفر في القصر..عبير احضرت لها فستان طويل باكمام طويلة وجاكت ... ارتدته بدون اي اعتراض..
بعد ذلك تفاجئت بعبير وهى تلف حجاب علي شعرها الجميل وتغطيه..
وقبل ان توافق او تعترض.. عبير اخبرتها بلهجة اعتذار...                    - ادهم بيه طلب منى انك تلبسي حجاب طول فترة وجودكم في الصعيد...وطلب منى انك متستعمليش اي مكياج وانا بلغته ان جمالك طبيعى وانك مبتستعمليش اي نوع من انواع المكياج غير الكحل...فوافق علي استعمالك الكحل بس..لكن كان شكله مذهول لما اكدتله ان جمالك طبيعى تمامًا ...في وسط زى وسطه اكيد متعود علي امثال فريدة اللي بيحطوا المكياج بالكيلو ..
مهما ان كان ادهم متحضرًا متحررًا لكن اصله الصعيدى يجبره علي احترام التقاليد عندما يتعلق الامر بمظهر زوجته امام عائلته واهل بلده  ...
لدهشتها عندما تطلعت لنفسها في المرآة وهى ترتدى الحجاب احست براحة كبيرة... وشاهدت نفسها افضل والمدهش احلى ...لفة عبير السحرية للطرحة اظهرت وجهها الابيض البيضاوى ولون الطرحة الاصفر الذهبي اظهر لون عينيها الخضراء النادر...فستانها المذهل تلائم مع جسدها الطويل الرشيق بفن ....مع انها مغطاه بالكامل لكن النتيجة النهائية لطلتها انها اصبحت اجمل بكثير...انيقة ومحتشمة
عندما شاهدها ادهم عند السيارة قبل مغادرتهم للقصر ظهرت عليه الصدمة وعينيه وجهت عتاب صامت لعبير كأنه يلومها علي ان هبه مازالت  جميلة علي الرغم من محاولاته...
راحه نفسيه غمرتها بعد لبسها للحجاب ... فقررت انها حتى بعد رجوعهم من الصعيد انها لن تخلعه عنها ابدًا...فلاول مره في حياتها ستأخذ قرار بنفسها وهى سعيدة للغاية بذلك...حتى كليتها والدها اختارها لها...ولم يترك لها حق الاختيار  ..
ولاحظ  ادهم حركة يدها علي حجابها... لاول مره  منذ مغادرتهم القصر يوجه لها الكلام ....                                                                    - مضايقه منه ؟
نفت بقوه ...
- ابدًا بالعكس انا مرتاحه جدًا
فهز رأسه برضى واكمل عمله علي حاسبه المتنقل الذي كانت المضيفة اعطته له منذ قليل .....

سجن العصفورةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن