رحلة بين طيات التاريخ

الفصل 16

ضباب كثيف.
أرض تبدو كأنها فوق الغيوم.
لا يمكن رؤية شيء.
لايمكن للعين التقاط و لو لمحة بسيطة من أي شيء.
يبسط الضباب سلطته من كل حدب وصوب، في كل اتجاه غازيا محتلا كل شبر.
_ااه.....لا أستطيع رؤية شيء.....
_ابقى كما أنت.... إياك أن تتحرك......بدأ الضباب بالانقشاع قليلا.....
كانا يلتفتان في كل اتجاه قد تلتقطه عيناهما.
حاول أليكساندر النهوض لكن مايكل أجبره على البقاء أرضا بعد أن غطاه بردائه حتى يحجب النور الذي كاد يسلبهما بصرهما للحظات.
بدأت الصورة تتضح أمامهما أخيرا.
فتحا عينيهما ليريا مشهدا كان كفيلا بحبس أول نفس يغادر فميهما المفتوحين دهشة.

مشهد مهيب حقا.

كانا يقفان على أرض مصنوعة من الضباب.
أرض من الغيوم تمتد إلى ما لا نهاية.
أرض حيكت من الغيوم، ذات ملمس قطني ناعم.
رغم أن الضباب قلّ إلا أنه كان لا زال مسيطرا على الجو.
لكن كل هذا كان مجرد بداية للمشهد فقط.
مجرد لمسات مقارنة بما جعلهما يخرسان تحت تأثير الصدمة التي شلّت اطرافهما.

مبانٍ مدمرة.
مهجورة ووحيدة و محطمة.
مبانٍ تصرخ بصمت قاتل.

كان المكان مليئا بالمباني المحطمة و الآثار المهدمة.
قلاع و قصور.
مدن كاملة و قرى خالية تماما.
كان الصمت السائد أكبر دليل على خلوّ المكان من أي حياة.

مشهد يحبس الأنفاس حقا.

لم يستطع الإثنان تقبل ما يريانه.
كيف للأرض أن تكون مصنوعة من ضباب بحت؟ و كيف لا يسقطان منها.
كيف لمكان واحد أن يجمع كل هذه المباني و المدن المحطمة و المهجورة؟.
و لما يغلف الضباب الجو مضيفاً عليه لمسة من السكون المرعب؟.

فتح أليكساندر ثغره أخيرا بعد أن اسكته المنظر الذي شهدته مقلتاه للتو:

_مايك.....ماهذا المكان؟.....و كيف وصلنا إليه.....
_أظن أن السؤال المطروح هنا هو.....كيف يعقل وجود مكان كهذا؟.....
أجابه فارسه بذلك و لازالت عيناه معلقتين بمنظر حطام المباني التي تحيطهما.

_كيف يعقل أننا واقفان فوق السحاب؟؟!!! هذا غير منطقي، كيف نستطيع الوقوف دون السقوط؟! نحن نقف على كتلة من البخار المتكاثف فحسب!!.
كان لازال غير مصدق لكونه واقفا على أرضية مصنوعة من الغيوم.
_أليكس.....علينا أن نهدأ و نحاول فهم أين نحن.....
في البداية تبعنا الشعور الذي احسسنا به، ذلك الشعور الغريب بأن أحدا يطلب النجدة، تبعناه لينتهي بنا الأمر في هذا المكان الغريب.....
_لابد ان هذا ما حدث مع بقية المستكشفين الذين زاروا القلعة.....كلهم تبعوا الاستغاثة التي أدت بهم إلى هذا المكان المهجور و الذي يجمع هذه المباني المدمرة و الأراضي المهجورة......
_لكن.....ألا يعني هذا أن مصدر الاستغاثة موجود هنا؟......
_هااه يا إلهي.....
نظر كلاهما إلى الآخر بقلق.
مالمصيبة التي اقحما نفسيهما بها.