المقدمة

881 18 0
                                    

اعتادت على ما يحدث في السنوات الأخيرة لكن ما يحدث الآن فاق الحد، فاق التصور..

هناك مجنون مقيت يقف أمامها ويقول أشياءً مرعبة.. لا لا يمكن أن يكون هذا واردًا أبدًا أنه يهددها فقط..

عيناه الشبيهتان بعيني ذئب سعران تكذبان..  البلد بها قانون.. أين نعيش؟

وبابتسامة مقيتة كشكل وجهه فرد ورقة أمامها.. واهتزت الأرض من تحتها وكادت تتقيأ على هذا الوجه لتغطيه بما يناسبه من قاذورات.

خط والدها واضحٌ جدًا وكتب بحروف أوضح " عقد بيع ابتدائي.. في تمام الساعة العاشرة من مساء يوم الخميس الموافق 25-6..  تم الاتفاق على بيع " ربى هارون تيجان" للمدعو " يزيد مؤنس أبو الخير" مقابل مليوني جنية استلمتهم عدًا ونقدًا وعلى المدعوة التنفيذ أو دفع المبلغ بالكامل عدًا ونقدًا أيضًا في خلال أسبوع من تاريخه..

                                                الإمضاء " هارون تيجان "

الحياة أقصر من أن نضيعها في التردد والتخاذل..

القرارات الحاسمة قد تكون صعبة ظاهريًا لكنها واجبة ...!! وقرار فرارها للزواج كان الأصعب لكنه كان الحل الوحيد.. لن تتخلى عن حبها الوحيد لمجرد العيش في خزانة كقطعة خزف أو التصرف كدمية من الحرير..

 - المظاهر عدوة الاستمتاع بالحياة يا قدري.. والمظاهر هي كل ما يتمسك بها والدي وأنا لن أضيع المزيد من الوقت.. يكفيني ما فات من عمري في هذا المتحف العتيق وأنا أتصرف بحساب حتى وقت الأكل.. يكفي هذا أنا لست نادمة أبدًا على قراري..

وهتف قدري بحسرة.. - لم أكن أتمنى هذا أبدًا يا زينب.. لطالما رغبت في الزواج بكِ بعلم أهلكِ لن أقل رضاهم لكن بعلمهم على الأقل.. قدر الله وما شاء فعل.. لم يكن والدكِ ولا شقيقكِ ليوافقا على زواجكِ من كاتب الوسية خاصتهم مهما حاولنا أو انتظرنا وبنفسكِ شاهدتِ كيف طردني والدكِ من القصر وكأنني جرثومة لأنني تجرأت وطلبت يدكِ.. لم يتركا لنا أي حل سوى الزواج بدون علمهما ومع هذا ستظل رأسكِ مرفوعة لتلامس عنان السماء.. ستتحدث كل برشوم عن حفلة زواجنا اليوم..

كانت سعيدة للغاية.. بيته الريفي الصغير كان كجنة سقفها الحب وبابها الأمان..

البيت كان مزينًا بالكامل بالأنوار وتجمع المئات في الخارج مهنئين.. فرحة من القلب لا تعرف التزييف أو المصالح.. حياة ستعيش الباقي من عمرها تكتشف معجزاتها فمن بعد عقد قرانها بالأمس وهذا أصبح منزلها.. بالأمس القريب تركت ملاحظة على فراشها كتبت عليها كل نواياها وكانت تعلم أنها ستغلق كل باب بينها وبين عائلتها لكنهم لم يتركوا لها خيار.. من بعد عقد القران ظلا طوال الليل يتجولان في الشوارع حتى أشرقت الشمس فاصطحبها لبرشوم حيث منزله وحيث كانت عائلته البسيطة تستعد لزفافهما من بعد ما أبلغهم هاتفيًا..

وارتدت الأبيض.. فستان بسيط وجدته على الفراش، ربما لم يكن جديدًا لكنه كان رائعًا وناسبها تمامًا وأخفت شعرها المتوهج خلف طرحته وأسدلت طبقة من التل على وجهها وخرجت وقلبها يخفق بعنف..

سعادة تلقائية لم تعرفها من قبل في كل وجه وخلف كل بسمة.. ليتها كانت خلقت بسيطة هكذا منذ البداية ولم تربى وسط عائلة أرستقراطية باردة كالثلج..

وزغرودة متواصلة أعلنت نهاية الحفل ومد قدري يده لها ليقول.. - نورتِ منزلكِ يا عروس..

ورقة التينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن