الفصل الثانى

479 17 0
                                    

كشمسٍ مشرقة

قلبه المفطور حزنًا خفق مجددًا فشمسه عادت للشروق بعدما خبت لسنوات..

فرك عينيه بدهشة وبقوة كادت تفقأهما .. زينب حية بشحمها ولحمها بل وبنفس الهيئة التي سلبت عقله أول يوم رآها فيها حينما سطعت شمسها لتغطي على الشمس وتخللت أشعتها شعرها لتحيط بها هالة عجيبة أوقفت قلبه .. لكنه استيقظ من أحلامه على صوت منذر يقول بضيق ..- أبي أقدم لك ربى هارون تيجان ..

ليست زينب .. ليست زينب ولن تكون .. زينب في الجنة ..

كان يعلم أنه بقمة قساوته لكن والده أيضًا عليه أن يتذكر ويعرف من هي تلك ولا ينخدع بها وبجمالها  الناعم الكاذب ولا يستعيض بها عن زينب تيجان .. لا أحد يعوضهم عن زينب تيجان .. ولدهشته أغرقت عيناه بالدموع وتساقطت على وجهه الذي تحول ورق بشكل مذهل ..- ربى .. من طرف الغالية .. الحمد لله .. مرحباً بكما في منزل عمتكما.. لقد أعدتما الشمس لحياتي ..

من طرف الغالية؟؟  لا والدي انتظر إنها من طرف هارون..

لكن والده لم يكن يرى هذا ولم يتذكر مثله كل ما أراد نسيانه لسنوات واقترب منها بحنان أبوي واضح وشعرت ربى أنه يريد احتضانها لكن ذراعيه أغلقا على الهواء وأغلق عينيه.. وبدل عاصم نظراته بدهشة غير مستوعب لما يحدث ..

أما منذر فكان يتوقع أن يثور والده ويشعر بالحقد مثله لرؤيتهما لا أن يرق وجهه وقلبه هكذا .. إنهما ابنا هارون؟؟ كيف تفعل هذا ؟؟

وهتف بسخط وغضب ..- أبي إنهما ابنا هارون لا تنسى ..

أبي؟؟ كررها مجددًا‘‘ هذا منزله ؟؟ هي أيضًا مازالت لم تفهم العلاقة .. كيف يكون ابنه؟؟ ما علاقته بعمتها؟؟

وفهمت أخيرًا حينما قبض منذر على ذراعها بقسوة وأشار لمنزله ..- كنتِ تريدين معرفة عنوان زينب تيجان؟؟ هذا هو العنوان .. هنا كانت تعيش بسلام بعيدًا عن مستنقع والدكِ المثير للقرف لكنها مرضت .. كانت تعيش هنا حتى رفض والدكِ إعطائها حقها في ميراثها فماتت لأننا عجزنا عن دفع مصاريف المستشفى.. هنا كانت تعيش لكنها رحلت وسترحلين أنتِ أيضًا .. غادرا منزلي على الفور .. لا أريد أن أراكما مجددًا أو أسمع صوتكما ..

وغصة هائلة ارتفعت حتى كادت تخنقها وامتلئت عيناها بالدموع ليتها تتمكن من سد  آذان عاصم كي لا يسمع لكنها بعيدة عنه للأسف .. عمتها ماتت ومات معها آخر أمل وليس هذا فقط بل واجهها منذر بقباحة صنيع والدها وكأنها لم تعلم ما يكفيها ..

قتل شقيقته وباع ابنته لا شيء تقوله عنه يدهشني لن أجادلك .. من بين ملايين يعيشيون على أرض مصر تضعها الصدف في طريقه .. أنا أيضًا أتذكر لست وحدك تتذكر ذاك اليوم  وأعلم ما حدث لذلك لم أكن أريد القدوم .. أتذكر على الرغم من سنوات عمري التي كانت بالكاد بلغت السادسة .. أتذكر الكلاب والدم وكل شيء و.. و برشوم ..

ورقة التينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن