الفصل العاشر

127 6 0
                                    

الدرس الأول .." لكل شيء ثمن"

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ " أَلَمْ[mu1]  نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنْكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنْقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ "..

كانت الآيات القرآنية تنساب بلا انقطاع ويصدح بها والده بصورة متواصلة تبث الطمئنينة وراحة البال لكل المتواجدين.. " إن مع العسر يسرًا "

- هي تشعر بكل ما حولها لكنها تعجز عن التفاعل هناك حاجز يمنعها من الاستجابة للمؤثرات الخارجية.. صدمة شديدة جعلتها تتقوقع على نفسها في محاولة منها لتجنب المزيد من الأذى.. هي تحمي نفسها بهذه الطريقة بعيدًا عن الألم..

هذا كان رأي الطبيب النفسي في حالتها.. فخر راكعًا على ركبتيه يبكي كالأطفال..

صدمة ما يقوله الطبيب تفوق الاحتمال.. لا ربى لا.. عودي إلينا أرجوكِ.. لكنها لم تستجيب ولا تريد أن تستجيب.. ما فعله بها يجعلها تكرهه وتكره عيشته.. من كان هو ليعاملها هكذا ويحكم عليها ؟؟

اليأس!! اليأس تملكه..

وصرخ بانهيار.. - أنا السبب أنا السبب.. لن تعود إلينا أبدًا وأنا السبب..

لكن والده منعه من مواصلة انهياره وصرخ به بصرامة ..

- اليأس ليس من صفات المؤمنين يا ولدي استغفر ربك.. حينما كنت غبيًا عصبيًا متسرعًا ساءت الأمور وحينما بدأت في الإصلاح تحسنت قليلًا.. هي استردت وعيها لكنها لم تسترد بعد ثقتها فيك ولا قدرتها على مسامحتك واليأس الآن خيانة لها.. تحلى بالصبر وإلا سنفقدها حقًا.. ثم هناك عاصم سينهار هو الآخر لو شاهدك هكذا.. الفتى روحه معلقة بروحها.. تماسك منذر جميعنا بحاجة إليك..

لقد كان بين قوسين أو أدنى من اليأس الكامل لكن كلمات والده أعادت إليه همته.. هناك دائمًا أمل إذا ما نظرنا للجانب المشرق بدلًا من المظلم.. في البداية تخوف الأطباء من إصابة مباشرة تصيب دماغها بالتلف الدائم والحمد لله عدت على خير والأن الخوف على قلبها الضعيف من التلف الدائم وهذا لم يعد بيد الأطباء المهرة بل بيده هو..

 لكل شيء ثمن والثمن هذه المرة كان غاليًا حينما ترك الكراهية تتملكه .. كراهيته لهارون تيجان أعمت بصيرته قبل عينيه فأصبح أجوفًا من الداخل واحتلت العناكب فراغ قلبه حتى ملئته ربى بحيويتها ورقتها وطيبة قلبها وهو قابل الخضار الذي زرعته في نفسه بكل جحود وقسوة .. حينما رممت شقوق نفسه لم تكن تعلم أن هذا على حسابها هي لكن هذا دوره ليرمم شقوق قلبها ويعيد الحيوية إليها بالحب ..

وجفف دموعه على الفور ولملم شتات نفسه لأجلها أولًا ولأجل عاصم ووالده ثانيًا، الكل بحاجة إليه ليتماسك ويتوازن كما قال والده.. وربى بحاجة إليه لتعود فراشته المشرقة كما كانت ولن يخذلها هذه المرة.. إن كانت عادت جنينًا فالجنين ينمو ويخرج للنور ويحبو ثم يصير يافعًا وفي النهاية بالغًا.. سيغذيها بالحب مهما طال الأمر..

ورقة التينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن