الفصل الثامن

325 11 0
                                    

هشيمًا تذروه الرياح

لم أكن أعلم حين قصدت بابك أتوسل حمايتك أن الأمان قد يكون مؤلمًا ومخيفًا بنفس قدر عدمه وأن الحب يجفف الروح من منبعها كالكراهية تمامًا وأن ورقة التين التي سترتني بها كانت كدثار من نار أحرق روحي ألف مرة، فتبًا لك ولمأواك مئة ألف مرة..

وجدت عندك وفي مأواك الأمان والحب لكن للأسف كانا أكثر ألمًا من عدم الأمان ومن الكراهية وحرقا روحي..

مع التهديد ومع التشرد وحتى مع الكراهية كانت تملك روحًا أما الآن فلا تملك واحدة.. كيف ستعيش بدون أي شيء حتى بدون روحها التي سلبها منذر إياها.. لقد تركت روحها هناك لتصبح مجرد جثة تمشي على قدمين..

قد تكون ضمة القبر على الرغم من فظاعتها أحن عليها من ضمة الحياة..

ماذا تبقى لديها لتعيش لأجله؟؟ حتى عاصم وجودها سيدمره بدونها سيحتويه منذر ومعها مصيره الضياع لا محالة ولا بديل.. وكبرت في ذهنها فكرة الانتحار.. ربما سيسامحها الله.. ليس على المضطر حرج وهي مضطرة للخلاص.. الانتحار ليس يئسًا من رحمة الخالق لكن طمعًا في الخلاص والراحة الأبدية التي لا تشقى بعدها أبدًا..

وركضت بكل قوتها لا تعلم حتى أين تتجه وشاهدت أهل القرية ينظرون إليها بطريقة غريبة.. هل فاحت سيرتها؟؟ هل علموا عن شك منذر فيها؟ كيف ستواجه الناس الآن إذا كانت وهي شريفة لم تستطع فكيف ستفعل وهي موصومة بالعار؟؟

ثم فجأة توقف قلبها.. هناك بين الحشود التي تراقبها وجدت زوجين من العيون تعرفهما جيدًا ويعيدا إليها كل الماضي الأليم بخوفه وهلعه وألمه.. وتحولت فكرة الانتحار لقرار.. لن تحصل علي يزيد إلا وأنا جثة هامدة فما سيفعله بها أسوء من الموت ذاته.. ووجدت خلاصها سريعًا.. الماء المتدفق في الترعة سيغسلها من كل شيء حتى من الحب..  وبحركة مفاجئة غير متوقعة غيرت اتجاهها لتلقي بنفسها في الترعة لكن ظهرت سيارة مسرعة فجأة من طريق جانبي فتسمرت في مكانها وصدمتها السيارة بعنف وسقطت أرضًا لتغسل في دمائها فتغسل كل آلامها وتغمض عينيها بارتياح أبدي وتنتهي حكايتها معها..

                                            **

يمكن للنظر أن يكون شموليًا وعامًا  فترى صورة زائفة رسمها العقل  لتناسب أهوائك لا لتماثل الحقيقة خاصة  إذا كان النظر من منظور واحد وضيق عنوانه الغيرة..

عودة لوقت سابق..

الحية لا تكشف عن أنيابها مباشرة بل تنتظر الوقت المناسب لتغرزها في طريدتها في مقتل..

خطتها تسير بشكل جيد لذلك حان وقت الانتقال للخطوة الثانية.. 

- منذر أتمنى أن تكون طفلتنا الأولى فتاة صهباءً كجدتها وسنسميها زينب..

ورقة التينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن