الفصل الخامس والسادس

519 14 1
                                    

حافية على ورق التين

لكل منا سر لا يعلمه إلا الله .. سر يدخل معنا للقبر والموت هو الراحة الوحيدة التي تخلصنا من عبء حمله .. وسري هو عشقك المستحيل..

حلمها الذي يتكرر في كل ليلة كان هو نفسه .. كانت ترى نفسها تركض حافية القدمين منحنية الظهر وتدمى قدماها من الشوك المغروز في الأرض لكن الحلم تبدل قليلًا في الأيام الأخيرة ليصبح الشوك ورق تين يابس يتكسر من خطواتها محدثًا صوتًا'' صحيح مازال ظهرها منحنيًا بحمل ثقيل لكن لم تعد تشعر بألم اختراق الشوك لجسدها ولا بألم حمل الثقل فكأن يدًا خفية تدفع الحمل من الخلف فيخفف عنها قليلًا..

ربما مع الوقت ستتخلص منه تمامًا .. لم يفصح منذر عن أي خطط تخص السطوح سوى إصراره على نظافته وإخلائه من أي كراكيب وعمل غندور بجد وإخلاص خاصة بعدما انتهى موسم التين ولم تعد الأشجار تطرح الثمرات فأصبح لديهم الكثير من الوقت .. وأصبحت أكثر تصالحًا مع وضعها الحالي بعد خطبة منذر وتقبلها للوضع .. خطب أو حتى تزوج هو لم يكن لها منذ البداية فما الجديد؟؟ ربما بعض القلق من مصيرها بعد زواجه لكن عمها لن يتركها .. هي تشعر بهذا وهذا يمنحها القوة .. وربما الانفصال عنه سيكون حلًا ممتازًا فهل ستحتمل رؤيتهما سويًا ؟؟ لكن فلتدع القلق لوقته ومن رتب لها الإقامة هنا قادرًا على ترتيب باقي حياتها " ومن يتوكل على الله فهو حسبه " ومنذر لم يترك الجرو فهل سيتركهما؟؟ واعتادت بنسبة كبيرة على الأعمال اليومية باستثناء نتف الريش'' العمل مع فوزية متعة في حد ذاته .. دمها الخفيف وروحها المرحة تحول أي شيء لمتعة وتكتسب منها الكثير .. حقًا كانت كأخت تهتم وتعلم بدون تأفف أو ملل ..

لكن لأيام وبالتحديد من بعد الخطبة وهي تشعر أن بها شيئًا مختلفًا .. دائمة الصمت وإطلاقها للدعابات قل كثيرًا .. ربما المرة الوحيدة التي أزالت فيها قناع الجدية كانت يوم احتفالها بالغسالة' الاحتفال الذي لم تحتفله بخطبة منذر .. وصبرت بضعة أيام على أمل أن تعود لطبيعتها لكنها لم تعد تستطيع الصبر ..

- فوزية ألن تخبريني ما بكِ؟؟

اللعنة على كل همزة لمزة !!

وقاومت كي تظل على صمتها لكنها لم تستطع وهتفت بضيق واضح..- جميل عائلة أبو الحسن على رأسي .. لقد رباني السيد قدري كابنته من بعد وفاة والدي وزوجني لغندور وسترني لولاه كنت تشردت ومنذر أيضًا لم يعاملني كخادمة بل كأخت لذلك يقتلني حديث الناس عنهما .. سيرتهما تلوكهما الألسنة منذ يوم الخطبة ..

وشحب وجهها بشدة وسألت بألم ..- وأنا السبب؟؟

وصرخت فوزية ..- لا لا قطع لساني .. أنا لم أرى منكِ إلا كل خير وبساطة وود منذ أن دخلت من هذا الباب.. لا ذنب لكِ ولا لهم لكن أولاد الحرام لا يهدأ لهم بال حتى يرونها حريقة .. ذاك الغبي مخلوف يهرتل في الكلام عنكِ وعن منذر ..

ورقة التينحيث تعيش القصص. اكتشف الآن