الفصل العشرون

184 20 5
                                    

ملاحظة: مقطوعة اليوم: الحان السنباطي من أغنية ذكريات. من مفضلاتي

ساد صمت مريب في غرفة المكتب، حيث جلس خالد وأنيسة بعد ساعات طويلة من التوتر والقلق بسبب تأخر الأولاد وتصرفات فرح الطائشة. ارتسمت علامات الوجوم على وجهيهما، فلم يجد أي منهما كلمات للتعبير عن مشاعره. وأخيرًا، رفعت أنيسة بصرها نحو خالد، الذي كان يجلس شارداً غارقًا في أفكاره، وقررت أن تقطع الصمت الذي استمر لدقائق طويلة:

"خالد ما الذي حدث؟ أريد أن أفهم الأمر كل شيء".

رفع خالد رأسه ينظر إليها مُباشرةً، وقال بعد لحظات:

"كما أخبرتك في الهاتف، فرح وزميلتها في الفصل تشاجرتا إلى حد العراك بالأيدي، مما أحدث تلفيات في المطعم، والاتصال بالشرطة".

هزت أنيسة رأسها نفياً بنفاذ صبر وقالت:

"ليس هذا ما أقصده، ما هو السبب؟ السبب الذي يجعل الفتاتين تصلان إلى هذا الحد؟".

تنهد خالد موضحاً:

"حتى الآن أنا لم أضع يدي على سبب واضح، كل ما قيل لي أن زميلتها دينا هي التي بدأت العراك أولاً".

وضع خالد يده على صدغيه وهو يشعر ببوادر الصداع تتسلل إلى خلايا رأسه:

"ولكنني أشعر بأن هناك أمراً لا أعلمه، هناك أمر ما تخفيه عنا فرح، لأنه إذا لم تكن هي المبادرة بالعراك لتحدثت ودافعت عن نفسها".

تمتمت أنيسة:

"أنا أيضاً أشك في ذلك، صمتها لا يريحني".

تذكرت أنيسة الضمادة التي حاولت فرح أن تخفيها، وشعرت بالشفقة عليها في نفس الوقت الذي كان غضبها فيه يتأجج منها، نظرت إلى خالد بتردد ولسانها يريد أن يفصح عن سر الطفلة، ولكنها تذكرت وعد سالي بمساعدتها، فأغلقت شفتيها وهي تدعو الله أن تعود سالي بالسلامة. نظرت إلى خالد الذي يدلك صدغيه بألم وقالت:

"ما هو الحل؟".

"لا أعلم". نظر إليها خالد بتردد وكأنه يريد أن يقول أمراً ما، وكالعادة فهمت أنيسة ذلك وسألته:

"أخبرني يا بُني، هل هناك شيء تود قوله".

"لا أعلم، ولكن، ونحن نتفاوض مع مدير المطعم كانت زميلتها تقلب نظرها بين فرح وبيني بسخرية، وكأنها تسخر منها كونها..".

لم يجرؤ خالد على إكمال الجملة التي فهمتها أنيسة وبدت وكأن الصاعقة وقعت فوق رأسها. ولكنه بذكائه كان متأكد من هدف تلك النظرة التي حملتها زميلة فرح التي كانت مليئة بالاحتقار الخفي، عيناها ضيقتا قليلاً وكأنها تحاول كتمان ابتسامة ساخرة، فشلت في إخفاء الزهو الذي شعرت به وهي ترى فرح في موقف ضعف. كانت تحدق بها ببرود، وكأنها تحكم على حياة فرح كلها بمجرد نظرة. عيناها لمعتا بومضات شماتة، وكأن فرح في نظرها هي تلك الفتاة الضعيفة المنبوذة التي لا تستحق سوى الرحمة أو السخرية.

الـمنزلحيث تعيش القصص. اكتشف الآن